أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في خضم ما تعيشه منطقة الشرق الأوسط على مستوى الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، وتأثيراتها على دول الجوار، كسوريا ولبنان والعراق، واحتمال أن تتسع دائرة الحرب هذه لتشمل المنطقة بأكملها، بدأ الحديث مجدداً عن ملف “الهجمات الكيماوية” في سوريا، والتي تتهم فيها بعض الدول الغربية، الحكومة السورية، بشنها على مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة في ريف دمشق وغيرها من المناطق السورية.
“الكيماوي السوري”.. للواجهة و “المحاسبة” من جديد
وتدعي تقارير غربية ودولية بأن قوات الحكومة السورية شنت هجمات عبر استخدام “السلاح الكيماوي” على مناطق سيطرة فصائل المعارضة في محافظات، حلب وريف دمشق وحماة وإدلب، وذلك من الفترة الممتدة ما بين آب/أغسطس 2013، إلى تموز/يوليو 2018.
وتقول المنظمات الحقوقية السورية والدولية، بأنها وثقت حوالي 211 هجمة في مختلف أنحاء سورية منذ عام 2012، راح ضحيتها أكثر من 2000 مدني، واتهمت دمشق في تقارير عدة تم تقديمها لجهات دولية وأممية بأن “الهجمات الكيماوية” باتت سياسية ممنهجة تستخدمها دمشق ضد المعارضين، في وقت ترفض الأخيرة كل هذه الاتهامات وتعتبرها محاولات لإخضاعها وسياسية ينتهجها الغرب بعد فشل الحرب وإسقاط النظام، وأن ترسانتها الكيماوية تم تدميرها بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد غياب دام سنوات، وقصور لجهات دولية وأممية من التأكد فعلياً من حدوث مثل هذه الهجمات، أفادت وكالة “رويترز” للأنباء بأن 10 مجموعات حقوقية سورية وخبراء قانونيين دوليين وشخصيات أخرى، بدأت بقيادة جهود لوضع الأساس لمحكمة جديدة قائمة على المعاهدات الدولية يمكنها محاسبة الحكومة السورية على ما وصفتها “بالهجمات بالأسلحة الكيميائية”.
دبلوماسيون من 44 دولة شاركوا بمناقشات “المحكمة الاستثنائية”
ونشرت الوكالة وثائق قالت إنها اطلعت عليها، بأنه تم عقد العديد من الاجتماعات الدبلوماسية واجتماعات للخبراء بين الدول لمناقشة الاقتراح، بما في ذلك الجدوى السياسية والقانونية والتمويلية.
ونقلت “رويترز” عن محام بريطاني سوري يدعى، إبراهيم العلبي، وشخصية أخرى رئيسية من هذه المبادرة، إن دبلوماسيين من 44 دولة على الأقل من جميع القارات شاركوا في المناقشات، بعضهم على المستوى الوزاري، موضحاً أنه “على الرغم من أن السوريين هم الذين يطالبون بذلك، فإن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، إذا رغبت الدول في ذلك، قد يكون أبعد من سوريا”.
وكان مقترح إنشاء “المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيميائية” أطلق في الـ30 من تشرين الثاني، وهو اليوم الذي يتم فيه إحياء ذكرى ضحايا الهجمات الكيميائية في جميع أنحاء العالم، في حين ستكون الخطوة التالية هي أن تتفق الدول على صياغة المعاهدة.
“دعم عمل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في سوريا”
هذه التطورات الأخيرة، تزامنت مع إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأن مديرها العام، فرناندو أرياس، اجتمع مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لمكتب الحد من الأسلحة والردع والمراقبة، مالوري ستيوارت، ناقشا خلالها عدة ملفات بما فيها سوريا.
وفي بيان للمنظمة الدولية، جاء فيه أن الاجتماع ركز على أهمية “التمسك بقواعد مكافحة الأسلحة الكيميائية”، حيث جاء الاجتماع على هامش الدورة الـ 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية في لاهاي بهولندا.
وقدم مدير عام المنظمة الدولية، تحديثات حول عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا، وقدم شكره للولايات المتحدة عن مساهمتها المالية في الصندوق “صندوق الثقة” التابع للمنظمة لمهام بعثتها في سوريا.
واعتبر مدير عام المنظمة إن “المساهمة الأميركية في صندوق الثقة ستسهم في دعم عمل المنظمة في ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا، وفي الالتزام بالمعايير والمبادئ المتعلقة باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية”.
من جانبها، أكدت ستيوارت أن الولايات المتحدة “لا تزال ملتزمة بتعزيز منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتزويدها بالموارد والإمكانيات التي تحتاج إليها للتصدي للتهديد المستمر باستخدام الأسلحة الكيميائية، بما يشمل المساهمة الأخيرة والمستقبلية في تعزيز القدرات والتدريب في مركز التكنولوجيا الكيميائية، وصندوق الثقة لمهام سوريا، وبرنامج الموظف الاحترافي الصغير”.
“مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري وشقيقه”
وسبق أن أصدر قضاة التحقيق الفرنسيون مذكرات توقيف بحق الرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد واثنين من المتعاونين، وذلك بتهمة استخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة على المدنيين في مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية في 2013، والتي أسفرت حينها وفق ما تم الحديث عنه بمقتل أكثر من 1000 شخص، وهذه المرة الأولى التي يتم فيها إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس دولة خلال توليه السلطة.
كما تقدمت كل من هولندا وكندا في وقت سابق، بدعوى ضد الحكومة السورية إلى محكمة العدل الدولية؛ التي قالت أنها ستصدر قرارها بشأن هذه الدعوى في وقت قريب.
دمشق ترفض الاتهامات.. “مسيسة ونتيجة ضغوطات غربية”
وترفض الحكومة السورية كل الاتهامات الموجهة إليها بخصوص استخدام الأسلحة الكيماوية وتقول أن دول الغرب تحاول التضليل والكذب على المجتمع الدولي، وأن الدول الغربية تضغط على المنظمات المعنية لإصدار بيانات مسيسة لتحميل دمشق المسؤولية، وتقول أن مثل هذه الممارسات تدل على أن الغرب يريد “إخفاء المسؤول الحقيقي” لهذه الهجمات، التي طالت المدنيين. وذلك في إشارة واضحة لفصائل المعارضة، التي كشفت بعض التقارير عن أن ما جرى كان مدبراً وهجمات استفزازية وقد تم تعظيمه إعلامياً.
إعداد: علي إبراهيم