أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع استمرار التصعيد العسكري والعنف في منطقة “خفض التصعيد” شمال غرب سوريا، اعتبر تقرير لمؤسسة “الخوذ البيضاء” إن شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان “الأكثر دموية”، حيث شهدت هذه المناطق خلال هذا الشهر تصاعداً ملحوظاً لعمليات القصف البرية والجوية التي نفذتها قوات الحكومة السورية والروسية، ولفت إلى أنه تم استخدام “الأسلحة المحرمة دولياً”، كما تم استهداف البنى التحتية.
“تشرين الأول كان الأكثر دموية”
ولا شك في أن شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان الأكثر عنفاً وتصعيداً في مختلف مناطق الشمال السوري، سواءً في “خفض التصعيد” التي استهدفتها القوات الروسية والسورية بآلاف الصواريخ والمدافع وبعشرات الغارات الجوية التي طالت مناطق مدنية وسكانية وأسفرت عن نزوح العشرات من المدنيين.
كذلك مناطق الشمال الشرقي التي حولتها الغارات الجوية التركية خلال أسبوع من الزمن، لمناطق “منكوبة” جراء استهداف البنى التحتية والمرافق الحيوية والعامة التي يعتمد عليها أكثر من 5 ملايين نسمة في حياتهم اليومية، وأدت لتدمير 80 بالمئة من هذه البنية، مع استمرار الهجمات التركية بين الحين والآخر على مصادر الطاقة والمياه والآبار النفطية والمدارس والمستشفيات وغيرها.
“هجمات طالت المدنيين والمخيمات والبنى التحتية”
مؤسسة “الخوذ البيضاء” أصدرت تقرير لها حول التصعيد العسكري الذي شهدته منطقة “خفض التصعيد” خلال شهر تشرين الأول، وقالت أنه “مر قاسياً على المدنيين في الشمال الغربي”، واعتبر التقرير إن قوات الحكومة وروسيا “ارتكبوا المجازر وهجمات إرهابية” استخدمت فيها “الأسلحة المحرمة دولياً” طالت المدنيين والمرافق العامة، أدت لتعطل عجلة التعليم وتسارعت حركة النزوح مع مفاقمة الأزمة الإنسانية المعاشة أصلاً.
وبين التقرير إلى أنه خلال الشهر الماضي، قتل 66 شخصاً بينهم 23 طفلاً و 13 امرأة جراء القصف العنيف من قبل روسيا وقوات الحكومة، إضافة إلى إصابة 270 شخصاً بينهم 79 طفلاً و 47 امرأة، و 3 متطوعين في “الدفاع المدني السوري”.
“3 مجازر”.. و 287 هجوم بري وجوي “بالأسلحة المحرمة دولياً”
وقال التقرير أن قوات الحكومة تسببت بحدوث 3 “مجازر” أغلب ضحاياها من الأطفال والنساء، الأولى في 22 تشرين الأول باستهداف مدفعي طال خيمة بجانب منزل سكني في قرية القرقور بمنطقة سهل الغاب شمال غرب حماة، أسفرت عن سقوط 5 أطفال ضحايا وهم 3 أشقاء وطفل ابنة عمهم، وطفل آخر وفقدان شقيقه.
كما استهداف القصف مخيمات النازحين في “ثاني المجازر” بيوم الثلاثاء الـ24 من الشهر نفسه، حيث شنت الطائرات الحربية الروسية قصفاً على مخيم “أهل سراقب” في قرية الحمامة غرب إدلب، أسفرت عن مقتل 5 مدنيين بينهم امرأتان شقيقتان إحداهما حامل وجدتهما ورضيعان، وأصيب 5 آخرين بينهم 3 أطفال ورضيع.
وأوضحت “الخوذ البيضاء” في تقريرها بأنه خلال الشهر الماضي، استجابت لـ 287 هجوماً من قبل قوات الحكومة السورية وروسيا، منها 160 بالقذائف المدفعية و70 بالصواريخ، إضافة إلى 30 هجوماً جوياً من الطائرات الحربية الروسية، 9 منها بالأسلحة الحارقة المحرمة دولياً، ووحداً بالقنابل العنقودية المحرمة دولياً، وهجومان بصواريخ موجهة وهجوم واحد بصاروخ أرض أرض بعيد المدى.
“هجمات على البنى التحتية”.. و”نزوح آلاف العوائل”
هذه الهجمات المذكورة، بحسب التقرير، استهدف عشرات المرافق العامة ومنازل المدنيين في أكثر من 70 مدينة وبلدة شمال غرب سوريا، ومن بين تلك المرافق أكثر من 13 مدرسة، مع تعرض أكثر من 7 مرافق طبية للاستهداف المباشر ما خلف أضراراً كبيراً فيها، وطال القصف 5 مساجد، و 5 مخيمات و 5 أسواق شعبية، و 4 مراكز “للدفاع المدني” بينها مركز لصحة النساء والأسرة، ومحطة كهرباء و 3 محطات مياه و 3 مزارع تربية الدواجن.
ولفتت “الخوذ البيضاء” إلى أن تزايد حدة القصف والعنف من الأرض والجو أدى لزيادة موجات النزوح والتهجير القسري لآلاف العوائل، وذلك من بلدات ريف إدلب الشرقي والجنوبي، وريف حلب الغربي، وأشارت إلى أن هناك عشرات القرى في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب “باتت فارغة من سكانها بالكامل” بسبب القصف العنيف.
وفي إحصائية لمؤسسة “الخوذ البيضاء” العاملة في شمال غرب سوريا، فإن العدد التقريبي للمهجرين بفعل القصف وصل إلى 750 ألف شخص، توجه عدد كبير منهم إلى المدن والبلدات الأقل عرضة للقصف والأقل خطراً على حياتهم، فيما توجه آخرون لمخيمات التهجير التي تعاني من ضعف في البنى التحتية.
“تحذيرات من أزمة إنسانية مع دخول الشتاء”
وحذرت المؤسسة المدنية من أوضاع إنسانية صعبة في المخيمات خاصة مع دخول فصل الشتاء، وتكرار مأساة كل عام بسبب ضعف المساعدات الإنسانية وعدم كفايتها للحد الأدنى من احتياجات المدنيين وانعدام مقومات الحياة، من نقص وسائل التدفئة وطبيعة المنطقة التي تقام فيها المخيمات وغياب قنوات تصريف وخاصة في المخيمات المبنية في الأودية، حيث تتعرض لأضرار كبيرة.
واعتبر التقرير الصادر عن مؤسسة “الخوذ البيضاء” بأن التصعيد على المنطقة الشمالية الغربية السورية تأتي في سياق “سياسة ممنهجة تهدف لضرب الاستقرار فيها و نشر الرعب بين المدنيين”.
واعتبرت أن تضاعف العنف يزيد من معاناة المدنيين وهو “انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان وهي جرائم حرب”، محملاً في الوقت نفسه مسؤولية استمرار القصف والتصعيد العسكري “للمجتمع الدولي” الذي “يتقاعس” عن “محاسبة مرتكبي هذه الجرائم” التي تقوم بها “روسيا والقوات الحكومة السورية”.
إعداد: رشا إسماعيل