أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شاءت الأقدار أن يتزامن الحراك السلمي الشعبي في السويداء ضد الحكومة السورية مع تصاعد العنف والحروب في سوريا والمنطقة، ما أدى لغياب هذا الحراك العفوي السلمي الذي يعبر حقيقة عن مطالب الشعب السوري الحقيقية ورغبته في التغيير وبناء سوريا جديدة بعيداً عن السلاح والحرب والإرهاب، كما صورت بعض الأطراف المتدخلة في الأزمة ذلك.
ثورة السوريين كانت للتغيير وللحرية وبناء دولة ديمقراطية
ومنذ البداية لا يختلف اثنان أن ثورة الشعب السوري التي خرجت في 2011، كانت سلمية بكل معنى الكلمة، على الأقل في بداياتها، وكانت تنادي بالتغيير والإصلاحات والحرية والديمقراطية، في بلد غابت عنه الحرية والديمقراطية والتشاركية السياسية لعقود، منذ تسلم “حزب البعث” الحاكم للسلطة، الذي استفرد بكل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والمعيشية، وكانت سياسياته تعتمد على إفقار الشعب السوري لدرجة يكون فيها المواطن يستميت لتأمين لقمة العيش، وذلك “كيلا يفكر بالسلطة أو السياسة”.
التفكير بالسلطة والسياسة كان محرماً وجرماً
“السلطة والسياسية” لم تكن ممنوعة فقط في سوريا، بل كان السوريون يصفونها “بمن يريد الموت فعليه أن يتحدث عنهما”، و “الكفر بحق النظام الحاكم”، وكل ذلك كان في ظل قبضة أمنية مشددة مستبدة طاغية، مارست شتى أنواع التنكيل والتعذيب بحق السوريين حتى وصل الحال إلى “إرهاب الدولة المنظم” بحق الشعب.
وبعد تحريف مسار الثورة السورية الحقيقية التي خرج فيها السوريون بصدق وقلوب راغبة في التغيير، وتم إسكاتها بالنار والحديد والإرهاب، خرج أهالي السويداء قبل شهرين في ثورة سلمية جديدة، تنادي بالحرية والديمقراطية وسوريا موحدة لكل السوريين، وتنبذ الاحتلالات والتقسيم ووهب موارد السوريين ونهبها من قبل أي طرف كان.
الحراك السلمي بالسويداء تعبير حقيقي عن السوريين وثورتهم
ثورة أو الحراك السلمي لأبناء السويداء مستمر رغم كل العوائق والمحاولات لعرقلتها وإفشالها، من قبل دمشق وحلفائها، حيث لاتزال حناجر أبناء المدينة وريفها تصدح بالمطالب المحقة التي نادى بها السوريون قبل 12 عاماً.
وفي هذا السياق، لاتزال ساحة الكرامة تشهد حضور حشود غفيرة من أبناء وبنات السويداء ينادون بالحرية والديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة وسوريا موحدة ذات سيادة.
وخلال اليومين الماضيين، توافدت الحشود من كافة بلدات وقرى الشهباء إلى ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، وذلك استمراراً للحراك الشعبي السلمي المستمر منذ نحو شهرين، والذي يطالب “بالحرية وبإسقاط النظام وتطبيق القرار الأممي 2254 والانتقال السلمي للسلطة”.
وتنوعت هتافات المحتجين بين “عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد”، “بشار ما نريدو السوري يرفع إيدو”، “بشار ولاك ما بدنا ياك”، “الشعب يريد إسقاط النظام”، سوريا حرة حرة بشار يطلع برا”.
ومن أبرز اللافتات التي حملها المتظاهرون: “الأسد في سباق مع إسرائيل بالتدمير والإرهاب”، “أطفال سوريا وغزة قاتلهم واحد” “قريبا سيكشف عنك المستور يا حفار القبور” “هنا سوريا موحدة”، “2254”، “الحرية للعميم فائق المير”، “الحرية للشاعر ناصر بندق”، “أحرار أم الرمان هنا سوريا”، “شهبا وقراها هنا سوريا”، “stop war”.
وشهدت العديد من بلدات وقرى المحافظة بعدها احتجاجات شارك فيها المئات من الأهالي، نادت بالحرية للسوريين ونبذت الحرب وشددت على الحلول السياسية.
التصعيد في سوريا والمنطقة غيب انتفاضة السويداء عن الإعلام
انتفاضة أو الحراك السلمي في السويداء، لم يحظى بالاهتمام الإعلامي الذي يليق به، كشاهد على تحضر الشعب السوري وكيفية مطالبته بحقوقه المشروعة عبر التظاهر السلمي، وليس كما تم تصويره للعالم بأن السوريون دمروا بلادهم.
ويمكن اعتبار ما يحصل من تصعيد عسكري في الشمال السوري بشقيه الشمالي الشرقي والغربي من جهة، وقبل ذلك ما جرى في ريف دير الزور من صراع مسلح بين قوات سوريا الديمقراطية ومسلحين محليين موالين لدمشق وإيران، إضافة للحرب بين إسرائيل وحماس، السبب وراء غياب انتفاضة أهالي السويداء عن الإعلام وقلة الاهتمام بها عربياً وإقليمياً وخاصة خلال الفترة الماضية.
الحراك السلمي في السويداء حظي باهتمام دولي كبير
وحظيت انتفاضة أهالي السويداء باهتمام وتأييد إقليمي ودولي، حيث تلقى الشيخ حكمت الهجري اتصالات عدة من شخصيات ومسؤولين كبار لدول غربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، يعلنون دعمهم لمطالب أهالي المنطقة المحقة، فيما كان الشيخ الهجري يؤكد على سلمية المطالب وأحقية الشعب السوري فيها، بما يحفظ سلامة الأراضي السورية وسيادتها ووحدتها وينهي الاحتلالات عليها ويعيد ثروات السوريين المنهوبة والمسلوبة إليهم.
ورغم كل ما يحصل وتشهده المنطقة من حولهم، إلا أن أبناء السويداء لايزالون مستمرون في حراكهم السلمي وسط التأكيد على مواصلته حتى تحقيق مطالب الشعب في جبل العرب الأشم، والتي هي مطالب لكل السوريين.
إعداد: رشا إسماعيل