أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كل الآراء والتحليلات للسياسيين والمحللين والخبراء العسكريين تتفق على أن لإيران دور ما فيما يحصل بين إسرائيل وحركة حماس، كون الأخيرة لا يمكنها الدخول في هكذا حرب لولا وجود دعم من قبل دول بحد ذاتها، مع امكانية أن تقوم إيران بإشعال جبهات أخرى ضد إسرائيل، وهو ما باتت تخشاه تل أبيب حقاً، ولذلك نرى الهجوم الهمجي والعنيف جداً على قطاع غزة بكل قوتها، فالآن باتت المسألة مسألة حياة أو موت.
لماذا قد تدفع إيران حماس للحرب ضد إسرائيل ؟
أهداف كثيرة لإيران بحسب محللين سياسيين وخبراء، وراء دفع حماس إلى شن هذا الهجوم الدموي غير المسبوق على إسرائيل، لعل أبرزها “وقف موجة التطبيع العربي مع تل أبيب”، خاصة بعد حديث سعودي رسمي عن وجود مفاوضات مع إسرائيل للتطبيع، وهو ما لا تريده إيران على الإطلاق، كون ذلك يضر بمصالحها، والتطبيع يعني المشاركة بين الرياض وتل أبيب في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية.
ومن الأهداف التي يمكن اعتبارها رئيسية في دفع طهران لحماس للدخول إلى هذه المعركة، ما يجري الحديث عنه بتحضيرات أمريكية لشن هجوم على قرى ومناطق تقع في ريف دير الزور وبالقرب من الحدود العراقية السورية.
وخلال الأشهر الـ3 الماضية جرى الحديث كثيراً عن احتمال وقوع هذه الحرب، وطرد الولايات المتحدة الأمريكية بمساندة دول التحالف لمجموعات موالية لإيران من مناطق في ريف دير الزور، وإغلاق المعبر الذي يربط البوكمال بالعراق وبالتالي إغلاق أهم منفذ لوصول الأسلحة والإيرانيين إلى سوريا.
إيران: إن لم تهاجمونا لن نهاجمكم
هذه الأهداف وغيرها هو ما دفع إيران للحرب ضد إسرائيل، بالوكالة، إضافة إلى امكانية أن تقوم طهران بالتفاوض الآن مع الولايات المتحدة وتل أبيب، بأن أمن المناطق التي تسيطر عليها في شرق سوريا مرهون، أولاً “بوقف الحرب ضد إسرائيل” وثانياً “تعهد واشنطن بعدم الهجوم على مناطق سيطرة طهران في شرق سوريا وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه”، وطهران بدورها ستتعهد بعدم فتح أي جبهة جديدة.
وهذا ما قاله وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، صراحة، بأنه إذا لم تهاجمهم إسرائيل فإنهم لن يهاجموها.
“مهما كانت الحرب عنيفة ستكون نتائجها أهم لطهران”
التصعيد العسكري غير المسبوق لحماس ضد إسرائيل، كانت طهران تدرك تماماً بأن رد تل أبيب سيكون عنيفاً ومزلزلاً، وهذا بدوره كفيل بأن يوقف قطار التطبيع العربي مع إسرائيل، أو أن يجمد العلاقات ويزعزعها على الأقل، والهدف الرئيسي “إيقاف أي تطبيع بين السعودية وإسرائيل”.
ويبدو أن إيران باتت تحقق ما كانت تصبو إليه في إطار عمليات التطبيع العربي الإسرائيلي، حيث قالت وكالة الأنباء الفرنسية، إن السعودية قررت تجميد مفاوضات التطبيع مع اسرائيل في ظل التصعيد مع حركة حماس.
وذكرت الوكالة الفرنسية، أن الصراع الدموي بين الفلسطينيين وإسرائيل دفع الرياض إلى التواصل مع إيران، حيث تلقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الخميس الفائت، أول اتصال هاتفي من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في إطار ردود الأفعال تجاه الحرب الدائرة بقطاع غزة.
وقررت السعودية وقف النقاش حول التطبيع المحتمل، بحسب ما أفاد مصدر مطلع على المناقشات لوكالة فرانس برس.
والجمعة الماضية، أكدت وكالة رويترز عن مصدرين مطلعين قولهما إن السعودية ستجمد خططها الهادفة إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، مما يشير إلى سعيها لإعادة التفكير في أولويات سياستها الخارجية في ظل التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس.
إدانة عربية للحرب الإسرائيلية ضد غزة
كما دان العرب بشكل عام التصعيد العسكري الإسرائيل العنيف على قطاع غزة وتدميره الممنهج للقطاع عبر قصفه بشكل وحشي، ومحو أحياء بأكملها، فيما يكاد تصل أعداد الضحايا إلى ألفين قتيل وآلاف الإصابات.
إضافة إلى أن البرلمان العربي الذي عقد اجتماع له قبل أيام في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، ندد بالهجوم الإسرائيلي على غزة واعتبر أن تل أبيب تقوم بأعمال ترتقي لمستوى جرائم حرب وضد الإنسانية من قصفها على المدنيين وتدمير البنى التحتية ومنع المياه عن السكان، وسط رفض قطعي لدعوات التهجير القسري للفلسطينيين من قبل إسرائيل لجنوب سيناء.
“إيران ذكية”.. “والحرب يخدم مصالحها فقط”
وتقول أوساط سياسية، أن إيران عملت بذكاء في حماية نفسها من أي هجوم بري مباشر في سوريا وإخراج مناطق ريف دير الزور من سيطرتها من جهة وأوقفت أيضاً قطار التطبيع العربي مع إسرائيل من جهة أخرى، ربما لسنوات قادمة، وخاصة التطبيع مع السعودية، بينما الثمن كان آلاف القتلى من المدنيين الفلسطينيين ودمار جزء كبير من قطاع غزة بشكل كامل مع خلق حرب في القطاع يبدو أنها لن تتوقف في القريب العاجل، وستكون نتائجها كارثية.
مؤكدين أن استمرار الصراع بهذا العنف يخدم مصالح طهران بشكل أكبر، كونه كل ما زادت حدة العنف وأعداد الضحايا والدمار من الطرفين، كل ما كان رد فعل العرب أكبر والابتعاد أكثر عن التطبيع مع إسرائيل.
ولا تستبعد هذه الأوساط أن تقوم إيران بدفع دمشق وحزب الله لفتح جبهات جديدة مع إسرائيل، حتى مع التحذيرات المباشرة التي وصلت للطرفين، واحتمال أن تنتقل الحرب إلى الأراضي السورية، وهذا بدوره سيكون له تأثير أكبر على العرب الذين من الممكن أن يلجؤوا لقطع العلاقات مع تل أبيب، ومن هنا يتم الاستنتاج بأن لا طرف رابح ومستفيد من هذه الحرب سوى “إيران” وحدها فقط.
إعداد: علي إبراهيم