أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – عولت لبنان كثيراً على مشروع استجرار الطاقة والغاز المصري والأردني عبر سوريا إلى أراضيها، وذلك لتحسين الأوضاع والتخفيف من أزمة الطاقة في البلاد، التي تفاقمت خلال السنوات الماضية، وازدادت كثيراً بعد كارثة الانفجار الكبير الذي ضرب ميناء بيروت في الـ4 من آب/أغسطس 2020، وتسبب بسقوط آلاف الضحايا والمصابين وخلف دماراً كبيراً في العاصمة.
العقوبات كانت العائق منذ البداية
ووقعت لبنان وسوريا ومصر في حزيران/ يونيو العام الفائت، اتفاقية لنقل 650 مليون متر مكعب من الغاز سنويا من مصر إلى لبنان عبر سوريا، وذلك في مراسم أقيمت بوزارة الطاقة اللبنانية في بيروت، فيما كانت هذه الاتفاقية بمثابة عودة للعلاقات بشكل رسمي بين بيروت ودمشق، التي وافقت على المشروع الذي كان سيفيد الدولة السورية أيضاً من نواحي عدة.
وجرى الحديث عن إمكانية تنفيذ هذا المشروع ما بين 4 دول عربية وهي “مصر والأردن ولبنان سوريا” في وقت تفرض الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية عقوبات، على رأسها قانون قيصر، الذي يعرض كل دولة أو كيان يتعامل مع دمشق لخطر التعرض لهذه العقوبات.
وحينها، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية دعمها للجهود المبذولة لـ ”إيجاد حلول مبتكرة وشفافة ومستدامة تسهم في معالجة النقص الحاد في الطاقة والوقود في لبنان”.
تأخير تنفيذ المشروع سببه “العقوبات على دمشق وعدم وجود تمويل”
وبعد هذه السنوات، تأخر تنفيذ هذا المشروع بسبب عدم وجود تمويل من جهة والخوف من العقوبات الأمريكية على دمشق من جهة أخرى، وهو ما أكده وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبناني وليد فياض.
وتحدث الوزير اللبناني حول أسباب التأخير الحاصل في مشروع استجرار الغاز والكهرباء إلى البلاد من مصر والأردن، وشدد أن أحد الأسباب تتعلق بالعقوبات المفروضة على دمشق.
حديث الوزير اللبناني، جاء خلال اجتماع عقده مع نظيره المصري طارق الملا، وزير النفط، ووزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة، وذلك على هامش مؤتمر “أدبيك” في الإمارات العربية المتحدة.
وخلال المباحات، جرى الحديث في شؤون الطاقة المشتركة بين كل من مصر، الأردن، ولبنان، وتطرق المشاركون إلى مشروع استجرار الغاز والكهرباء لتزويد لبنان بالطاقة، وبحسب مكتب وزارة النفط اللبناني فإن الوزير فياض، تطرق بشكل خاص إلى ملف استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وهي اتفاقيات قال عنها الوزير إنها “جاهزة للتنفيذ”.
وأكد بيان صدر عن المكتب الوزاري اللبناني، أن من الأسباب الأخرى لتأخير هذا المشروع، هو جراء عدم وجود التمويل اللازم للمشروع.
وسبق أن رفض البنك الدولي تمويل صفقات استقدام الغاز المصري، والكهرباء الأردنية إلى لبنان، وذلك رغم الانتهاء من كل الإجراءات الخاصة بتصدير الغاز المصري والكهرباء من الأردن.
والصفقة بين الدول الأربعة، تمت عبر محورين وهما شراء الغاز من مصر، ونقله إلى لبنان عبر الأردن وسوريا.
الصفقة ستعود بالفائدة على لبنان وسوريا
وكان من شأن هذه الصفقة في حال نجاحها واستكمالها، التقليل من أزمة الطاقة التي يعاني منها لبنان، والمستمرة منذ سنوات عدة، وتفاقمت مع الانهيار الاقتصادي وانفجار مرفأ بيروت قبل 3 سنوات.
وبالعودة لبيان مكتب وزير الطاقة اللبناني، أشار الوزير فياض إلى أن الحديث عن الموضوع سيستأنف في الشهر المقبل عند قدوم نظيريه المصري والأردني الى لبنان للمشاركة في مؤتمر النفط والغاز المزمع عقده في 24 تشرين الثاني/نوفمبر في بيروت.
وكانت للشراكة اللبنانية مع سوريا سبباً في تزايد الانقسام بين الفرقاء السياسيين في لبنان، خاصة وأن هناك أطراف سياسية رفضت بداية العمل مع دمشق حتى مع وجود أزمة اقتصادية وطاقة، معتبرين أن جعل سوريا دولة العبور سيجبر لبنان لتقديم تنازلات كثيرة لدمشق، فيما يعتقدون أن ما تعانيه لبنان من أزمات هو أصلاً سببه “محور المقاومة والممانعة”، الذي يضم دمشق مع حزب الله اللبناني وإيران. حسب رؤيتهم.
موقف أمريكا الغامض
هذا ولم تعلن الولايات المتحدة الأمريكية بعد عن أي خطوات أو إجراءات من شأنها توضيح آلية استثناء أطرافاً أو دولاً أو مؤسسات من العقوبات في حال تعاملهم مع دمشق، وذلك على الرغم من أن قانون قيصر يقول أنه لا يستهدف الجوانب الإنسانية، بينما أن هذا المشروع بحسب متابعين سيفيد دمشق اقتصادياً وهو ما لا يسمح به قانون قيصر، وسط تساؤلات حول كيفية تعامل واشنطن مع هذا الملف، خاصة وأن هناك اعتقاد في أمريكا بأن قانون قيصر لم يعد يؤثر على دمشق بعد تسلم الديمقراطيين للسلطة.
إعداد: علي إبراهيم