أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تقول الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، أن ما جرى في ريف دير الزور قبل أسابيع من تسلل لمسلحين إلى القرى القريبة من الضفة الشرقية لنهر الفرات، والمقابلة لقرى تقع تحت سيطرة الحكومة السورية، والاشتباك مع القوات العسكرية في “سوريا الديمقراطية”، كان مخططاً منذ أشهر، وساندت دمشق بشكل كبير في محاولات “تأجيج الصراعات وخلق الفتن”.
“دعم المسلحين أثر بشكل سلبي على المفاوضات”
ولم يكن ذلك خفياً على العيان، فكل المسلحين الذين تسللوا إلى القرى الخاضعة لسيطرة قسد جاؤوا من خلال قطع نهر الفرات وبدعم كامل من الحكومة السورية، وذلك تحت مسمى “العشائر”، كذلك استقبلت دمشق مئات المسلحين الفارين مع الشيخ إبراهيم الهفل الذي يعتبر المحرض الرئيسي على ما جرى في دير الزور، وتشير الإدارة الذاتية إلى أن دمشق عملت على هذا المخطط بالتنسيق والتشارك مع إيران وتركيا، وهي أطراف “يخدم مصالحها عدم الاستقرار في مناطق الإدارة الذاتية” بحسب متابعين.
خلال السنوات الماضية، أجرت الحكومة السورية جولات تفاوضية مع مجلس سوريا الديمقراطية، لم ترتقي حقيقية إلى ما يمكن اعتباره “مفاوضات أو حوار” لحل الخلافات بين الطرفين والانخراط فيما بعد في حلول سياسية تخدم المصالح السورية في الدرجة الأولى، حيث تعددت الأسباب ما بين تعنت دمشق وشروطها التي وصفت “بالتعجيزية” والعودة إلى ما قبل 2011 في المناطق الشمالية الشرقية، وتمسك القامشلي بمشروعها في الشمال الشرقي وضرورة أن يحافظ على خصوصيته مع القوات العسكرية التي ستكون جزءاً من المنظومة الدفاعية عن سوريا.
لماذا تفشل المفاوضات بين دمشق والقامشلي ؟
هذه المفاوضات واللقاءات لم تنقطع منذ سنوات بين الطرفين، الذين يرى السوريون في توافقهم أهمية كبيرة في حل الأزمة السورية وإنقاذ البلاد من الانهيار وخروج القوات الأجنبية وطرد الإرهاب والاحتلالات، إلا أن دور دمشق وتعاونها مع تركيا في الدرجة الأولى فيما حصل بريف دير الزور قبل أسابيع، كان له دور سلبي جداً أدى فيما بعد لإعلان القامشلي قطع الاتصالات والاجتماعات مع دمشق.
موقف جاء بعدما أكد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي قبل أيام، استعداده للذهاب إلى دمشق للتفاوض مع المسؤولين والخروج بحلول تفيد حل الأزمة في البلاد، لكنه ذكر في الوقت نفسه أن دمشق ليست مستعدة للحل، واعتبر أيضاً أنها ستكون “الخاسر الأكبر” في حال رفض الحلول السياسية.
“إيقاف كل اللقاءات”.. وما حدث بدير الزور من الأسباب الرئيسية
إعلان قطع الاتصالات والمفاوضات مع دمشق، جاء على لسان الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، أمينة عمر، والتي أعلنت بشكل رسمي، “إيقاف كافة القاءات” مع دمشق كونها “لم تتوصل لأية نتائج”.
وفي تصريحات صحفية، قالت عمر، حول الحوار مع الحكومة إنه “لا يوجد أي حوار بيننا، فسابقاً منذ سنوات كان هناك لقاءات، لكن لم ترتقِ إلى مستوى الحوارات”، وتابعت أن دمشق لم تقدم أي حلول للأزمة والصراع القائم في سوريا، وأكدت أن اللقاءات السابقة لم تأتي بأي نتائج”، وشددت على أن هذه الأسباب “كانت وراء قرار إيقاف اللقاءات”.
وأوضحت الرئاسة المشتركة لمسد أمينة عمر في تصريحاتها، أن دمشق ساهمت بالتنسيق مع إيران وتركيا لخلق الفتنة في دير الزور، والسيطرة على مناطق شرق الفرات”. وهو من أحد الأسباب الرئيسية أيضاً لقرار القامشلي بوقع اللقاءات مع دمشق.
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أكد أن دمشق تريد السيطرة على المنطقة بشكل كامل وعودة الأمور على ما كانت عليه قبل عام 2011، وحل قوات سوريا الديمقراطية، كشرط للتفاوض، وهو ما رفضه تماماً.
ماذا تطلب القامشلي ؟
وتطالب الإدارة الذاتية “باعتراف رسمي” في الدستور السوري، وأن يكون لقواتها العسكرية والأمنية “الخصوصية الكاملة” في إطار المنظومة الدفاعية عن البلاد بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها واستقرارها.
وقبل أشهر طرحت الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، مبادرة للحل الشامل في سوريا، ترتكز بالدرجة الأولى على وحدة وسيادة البلاد، وضرورة تفعيل الحلول السياسية وخاصة 2254، ومشاركة كل أطياف الشعب السوري في الحل دون أي إقصاء أو تمييز، والتوزيع العادل للثروات والموارد الطبيعية، إضافة لدعوة العرب والأطراف الفاعلة في الأزمة السورية للعب دور إيجابي لحلها وبالتالي إنهاء هذا الصراع ومعاناة السوريين.
ويبدو أن أطراف الصراع في سوريا بحد ذاتهم، لا يرغبون بأي توافقات بين الأطراف القوية والحاضرة على الأرض، كون ذلك سيخدم بدون أدنى شك الحلول السياسية وإنهاء الصراع في البلاد، وهذا ما لا ترغبه هذه الأطراف بالحدوث في الوقت الحالي، كون إنهاء الحرب لا يخدم مصالحهم على الإطلاق. وذلك بحسب ما تراه أوساط سياسية ومتابعة للشأن السوري.
إعداد: رشا إسماعيل