أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تسببت التدخلات الخارجية في الأزمة السورية بتحويلها لصراع مسلح لايزال مستمر حتى اللحظة، بل وامتدت حروب الدول الإقليمية والعالمية للأراضي السورية وذلك في إطار “تصفية حسابات”، فيما تعيش البلاد أوضاعاً اقتصادية ومعيشية وأمنية وسياسية صعبة للغاية، بسبب غياب الحلول وتجاهل الواقع المأساوي للسوريين الذين باتوا هم من يدفعون فاتورة استمرار الحرب والسياسات والأجندات للأطراف المتدخلة.
الجيوش الخارجية تتخذ من الأراضي السورية “ساحة تصفية حسابات”
ويتواجد على الأراضي السورية جيوش عدة دول، منها الروسية والإيرانية والتركية والأمريكية والفرنسية والبريطانية، منهم من يدعي أنه جاء بدعوة من الحكومة السورية الشرعية التي لها مقعد في الأمم المتحدة، ومنهم من يقول أنه جاء لمحاربة الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي ضمن “التحالف الدولي”.
كل هذه الدول بالتأكيد لها أهداف غير معلنة من تدخلها في سوريا، وهي أهداف تخدم مصالحها وأجنداتها فقط تحت مسمى “مساعدة الشعب السوري” والعمل على إنهاء الأزمة في بلادهم، ليس ذلك فحسب بل باتت تتخذ هذه الأطراف المتدخلة في الصراع السوري والمتصارعة فيما بينها، الأراضي السورية، ساحة للصراع وتصفية الحسابات فيما بينهم.
مواقع عسكرية سورية تتعرض للاستهداف بسبب تواجد الإيرانيين
ولعل أكثر الصراعات المشتعلة الآن والواضحة للعيان، هو الصراع الإسرائيلي الإيراني، حيث تقوم تل أبيب بين الحين والآخر باستهداف مواقع عسكرية لقوات الحكومة السورية تتحصن فيها قوات إيرانية، أو يوجد لها ضمن هذه المقرات التابعة للجيش السوري، معامل لصناعة الصواريخ والطائرات المسيرة أو مستودعات لأسلحة نوعية، وهو ما يسبب خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجيش السوري، وبالتالي التأثير على المؤسسة العسكرية.
وفي جديد عمليات الاستهداف هذه، شن الجيش الإسرائيلي قبل أيام هجمات صاروخية على مواقع عسكرية في ريفي حماة وطرطوس، طالت نقاط تتمركز فيها قوات إيرانية، ولفتت تقارير إعلامية أن من هذه المواقع “مصنع لصناعة الصواريخ البالستية”، إضافة إلى مستودعات أسلحة.
“استهداف مصنع لصواريخ بالستية دقيقة”
وفي هذا السياق، قال مركز “ألما” للدراسات إن الطائرات الإسرائيلية استهدفت بغارتين جويتين، الأولى جنوب مدينة طرطوس ضد موقع دفاع جوي مجهز برادار حديث للقوات الحكومية، والثانية تم شنها على المشروع 99 في مركز CERS جنوب حماة.
ووصف المركز الهجوم الثاني (جنوب حماة) بأنه “الرئيسي والأكثر أهمية”، لافتاً أنه وقع في تمام الساعة 22:40 من مساء الأربعاء، مشيراً أن الغارة كانت موجهة إلى مركز CERS، الذي يضم المشروع 99، الذي يقوم بتصنيع الصواريخ الباليستية الدقيقة.
وبحسب المركز فإن المشروع 99 يعمل بداخله علماء إيرانيون ومن كوريا الشمالية ومن حزب الله اللبناني.
ويقول الموقع الإسرائيلي، أن إدارة المشروع “99” من قبل معهد 4000 (“القطاع 4”) التابع لمركز الأبحاث العلمية.
ويقع مشروع 4000 بالقرب من تل قرطل على بعد حوالي 35 كيلومتراً شمال حمص و18 كيلومتراً جنوب حماة، وتقع منطقة الهجوم جنوب قاعدة اللواء 47 التابع للقوات الحكومية قرب جبل معرن بريف حماة، بحسب المركز.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشن فيها إسرائيل ضربات جوية أو صاروخية على مواقع عسكرية حساسة، حيث سبق وأن قالت “الدفاع الإسرائيلية” إنها دمرت نحو 90 بالمئة من الترسانة العسكرية الإيرانية في سوريا، وأشارت إلى أنها مستمرة في حرب طرد إيران من سوريا.
“أرمينيا إحدى بوابات المسار الجوي الإيراني إلى سوريا”
الموقع الإسرائيلي نفسه، قال في تقرير آخر، أن مطار حلب يعدّ “محطة جغرافية” ضمن الممر الإيراني إلى سوريا عبر أرمينيا، وأحد بوابات المسار الجوي لدخول الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان، بهدف استخدامها ضد إسرائيل.
وسبق أن تعرض مطار حلب قبل أسبوعين لقصف جوي إسرائيلي، طال المدرج الرئيسي للمطار، ما أدى لخروجه عن الخدمة، وهي ليست المرة الأولى التي يتعرض لها مطار حلب للاستهداف بسبب تواجد نقاط ومستودعات إيرانية داخله وفي محيطه.
ويشير الموقع الإسرائيلي إلى أن إيران تعمل ضد أذربيجان على جبهات متعددة، حيث ينفّذ “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري الإيراني” عمليات في تلك المنطقة ضمن إطار الحرب غير المتكافئة، وحرب المعلومات، ونقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى أرمينيا.
ويرى التقرير أنه من الممكن أن تستغل إيران أرمينيا ليس فقط لتخريب أذربيجان، ولكن أيضًا لدعم الجهد الإيراني في سوريا ولبنان، وأن بعض الأسلحة والمعدات المرسلة إلى أرمينيا تستمر إلى سوريا ثم إلى لبنان ولا بد من التأكيد على أن الجهد الإيراني في كلا الساحتين يعمل ضد إسرائيل، بشكل غير مباشر في الساحة الأرمنية، ومباشرة في الساحتين السورية واللبنانية.
“السفراء الإيرانيون ضباط استخبارات”.. وشركات أرمينية تساند إيران
وفي مؤشر آخر اعتبره التقرير الإسرائيلي دليلاً، أشار إلى أن إيران تستغل أرمينيا، ويتمثل في سفير إيران في سوريا “مهدي سبحاني”، الذي ترك منصبه في آذار / مارس 2023 ليصبح سفير إيران في أرمينيا، وعادة ما يكون السفير الإيراني في سوريا ولبنان ضابطاً كبيراً في الحرس الثوري الإيراني ومسؤولا عن تنسيق النشاط الإيراني مع “حزب الله” والحكومة السورية، وليس دبلوماسياً تعينه وزارة الخارجية الإيرانية، ما يعكس التقدير الكبير الذي يكنه “الحرس الثوري” لأرمينيا.
وذكر الموقع الإسرائيلي، أنه نشر تقريراً عام 2022، استعرض فيه تورط ونشاط شركة الطيران الإيرانية “ماهان إير” في عمليات نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان لصالح “فيلق القدس”، بما في ذلك استخدام طائرات الركاب.
وأضاف أن شركة الطيران “فايت ترافل إل إل سي” الأرمنية، والتي تم إنشاؤها في عام 2018، تعمل كواجهة للمقر الرئيسي لشركة “ماهران آير” في أرمينيا.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على شركة “فايت ترافيل إل إل سي” لمساعدة شركة “ماهران آير” في نقل “المجموعات الشيعية” من باكستان وأفغانستان إلى سوريا.. ومن المؤكد أن هذه الطائرات لم تكن تحمل عناصر مسلحة فحسب، بل كانت تحمل أيضاً المعدات العسكرية والأسلحة.
ومع عودة التصعيد الإسرائيلي الإيراني، إضافة إلى ما تشهده شمال البلاد من تصاعد للعنف وعمليات القصف، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من “تجزئة النزاع” في سوريا، محذّرة من الآثار الناجمة عن اندلاع الاشتباكات في هذه المناطق، ولفت إلى أن المؤسسة الأممية لا يمكنها الاكتفاء بمشاهدة البلاد تنزلق أكثر فأكثر، وشدد على أن السوريين عانوا على مدى الأعوام الـ12.
إعداد: ربى نجار