دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

ما بين الرفض واللامانع والتأني.. حديث عن “إدارة ذاتية” في السويداء وفق نظام “لامركزي”

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لاشك في أن ما يحصل في محافظة السويداء من احتجاجات شعبية أو “الحراك السلمي”، كان نتيجة سنوات من السياسات الخاطئة للحكومة في دمشق تجاه هذه المحافظة، وتجاهلها من حيث تحسين الواقع المعيشي والخدمي، وهو ما أدى “لتفجرات عدة في المجتمع”، بينما يمكن اعتبار الاحتجاجات التي خرجت بعد قرار رفع أسعار المحروقات ومرسومي زيادة الرواتب هي الأكبر والأطول.

مطالب عدة منها “إسقاط النظام واللامركزية”

وخلال أيام الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الثالث، رفع أهالي السويداء الكثير من المطالب على رأسها “إسقاط النظام” و “تطبيق القرار 2254 للحل في سوريا” و “وحدة السوريين ومصيرهم” ضمن دولة واحدة موحدة، إضافة لما تم رفعه من “اللامركزية”.

هذه “اللامركزية” التي بدأ التعاطي معها على إنها “إدارة ذاتية” أو ما تم وصفه “بسلطة الأمر الواقع”، تقول أوساط سياسية عدة في المحافظة إنها “هيئة سياسية مدنية” ستعمل على حل الأزمة السورية وفق رؤية سياسية بعيداً عن الانفصال والتقسيم، بينما اعتبرها الكثيرون إنها شكل من أشكال “الحكم الذاتي” الذي يمكن أن يؤثر على وحدة البلاد و “التشظي الداخلي”.

وفي هذا السياق، كشفت تقارير إعلامية عن أن أعيان محافظة السويداء وقادة الاحتجاجات سيبدؤون أعمال تشكيل “هيئة سياسية مدنية” في المحافظة، وذلك بعد نحو 3 أسابيع من الاحتجاجات الشعبية التي تطالب بالتغيير السياسي الحقيقي في سوريا وحل الأزمة وتحسين الواقع المعيشي والخدمي.

“تقديم رؤية سياسية للمجتمع الدولي لحل الأزمة السورية”

وبحسب المصادر فإن “الهيئة” ستنبثق عن مؤتمر سياسي سيعقد في السويداء، التي تضم معظم الطائفة الدرزية في سوريا، خلال الأيام القادمة، كما أنها ستقدم إلى المجتمع الدولي رؤيتها السياسية لمستقبل سوريا ومشاركتها في العمل السياسي على إعادة بناء الدولة.

ولفتت إلى أن المبادئ التي تنطلق منها تلك الهيئة هي تأكيد وحدة الأراضي السورية، ورفض أي مشروع انفصالي، وتعزيز مفهوم الإدارة اللامركزية، وطرح مفهوم الإدارة الذاتية ضمن إطار الخدمات وتأمين احتياجات المجتمع، وكذلك مواجهة ظاهرة تفشي المخدرات التي انتشرت بشكل كبير نتيجة دعم الأجهزة الأمنية الحكومية لهذه الظاهرة، وفق المصادر ذاتها.

ويأتي الحديث عن تشكيل الهيئة السياسية في وقت تتواصل فيه احتجاجات السويداء المنادية بانتقال سياسي في البلاد لليوم الـ17 على التوالي، إذ قام المحتجون خلال الأيام الماضية بتنفيذ عصيان وإغلاق مقرات حزب البعث في المحافظة.

“لن نقبل بالإدارة الذاتية”

وتعليقاً على ما يتم طرح من “هيئة سياسية مدنية أو إدارة ذاتية في السويداء” نشر الصحفي السوري رواد بلان، على صفحته تطبيق “الفيسبوك”، بأنهم لن يقبلوا بالإدارة الذاتية، وعلل ذلك بأن “التاريخ علمنا أن تلك الدعوات تهدف إلى عزل إي مكون عن الحركة التاريخية لبناء الدولة السورية، ولن تقبل #السويداء بحلول فردية”.

“ولن تقبل ان تعزل فقد كانت بوابة تحرير سوريا وستبقى وكل الدعوات المجهولة لا تتعدى سوى صفحات وعجز البعض”، “سيبقى الحل بفتح مساحات العمل السياسي والمدني والشراكة الفاعلة بين المجتمع والمؤسسات، بضل وقف هيمنة الحزب والجهات الوصائية عليها”.

وفي منشور آخر يضيف الصحفي السوري، “كل ما نتج من طروحات تخص إدارة البلاد من الحكم الذاتي الى الفدرالية هو نتاج وأد الحياة السياسية والمدنية وفشل الحزب الواحد”. “وتبقى الفرصة بتحرير التمثيل السياسي والمدني والمؤسسات من عقلية التملك. واعتماد الشراكة الفاعلة على اساس المواطنة والعدل والديمقراطية هي فرصة وبداية الحل ولو بعد حين”، “لكن الفارق الوحيد مستوى الخسارة لدى الجميع فلا يوجد منتصر بزمن الخراب”.

“تخوف من تطبيق فكرة اللامركزية” في السويداء

وفي حديث خاص له لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية قال بلان، أن المهم في “اللامركزية” هي “الحد من هيمنة حزب البعث على التمثيل السياسي ومستوى الوحدات الإدارية ومجلس الشعب”، مشيراً إلى وجود تخوف من فكرة اللامركزية لدى المجتمع من احتمال أن تؤدي لتقسيم البلاد أو لتشظي داخلي.

وخلال يوم الـ18 من الاحتجاجات، رفع المحتجون في السويداء لافتات كتب عليها “لا للإدارة الذاتية” في السويداء، مؤكدين على مطالب التغيير السياسي بـ “إسقاط النظام”.

“الهيئة المدنية قد تكون مرتبطة بأجندات خارجية”

بدوره وفي تصريحات إعلامية، يقول عضو الأمانة العامة للمؤتمر الوطني السوري لاستعادة السيادة والقرار، صالح النبواني، أن من يسمون أنفسهم “بالهيئة السياسية المدنية” في السويداء هم “أشخاص لا يمثلون إلا أنفسهم”، وليس لهم أي دور بالحراك، ووضع احتمال أن يكونوا مرتبطين بأجندات معينة، مشدداً ان الحراك يرفض “الإدارة الذاتية واللامركزية” ويطلب التغيير السياسي السلمي وفق 2254، وهي مطلب لكل الشعب السوري، واعتبر أن هذا الطرح خلال الاحتجاجات الشعبية المستمرة “تسيء لها”.

“تأجيل طرح المواضيع السياسية الخلافية”

فيما كتب الأكاديمي، الدكتور مهيب صالحة على صفحته في “الفيسبوك”، “أجلوا طرح المواضيع السياسية الخلافية لأنها تحتاج إلى حوار مجتمعي شفاف في بيئة سياسية ديمقراطية تنتج توافقات وطنية هي غير متاحة الآن، ولا تعطوا عدوكم الوسائل والأدوات التي يتقن توظيفها ضد مشروعكم الجامع وهو التغيير الديمقراطي السلمي بالاستناد إلى القرارات الأممية، مثلما نجح في توظيفها من قبل ، ولا تمنحوه الفرصة التي تجعله ينجح بالإنقضاض على الفرصة الأخيرة التي جددتم فيها آمال الشعب السوري بالتغيير والاستقرار والتطور.

“اللامركزية مقبولة شرط الحفاظ على وحدة البلاد”

بينما قال ناشطون آخرون فضلوا عدم ذكر أسمائهم لأسباب أمنية، أن مطالب “اللامركزية والإدارة الذاتية” في السويداء لا يمثل الحراك الشعبي، مشيرين إلى أن الإدارة الذاتية في الوقت ذاته أن المحافظة بالأساس تتمتع بنوع من الإدارة الذاتية حتى قبل الأزمة السورية، لافتين إلى أن نظام الإدارات الذاتية لا يعني بالضرورة الانقسام الداخلي أو تقسيم البلاد، مؤكدين أن هناك مخاوف من أن طرح هكذا مطلب قد يجر المحافظة إلى صراعات هي بالغنى عنها.

وقالوا أن الحراك هو مع وحدة وسيادة الدولة وسلامة أراضيها وضد كل الاحتلالات التي نهبت خيرات البلاد وثرواتها بالتعاون مع “النظام الفاسد” الذي “وهب كل شيء للبقاء على السلطة في وقت يستميت المواطن السوري لتأمين لقمة عيشه”.

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي السوري في منشور له، “مبارك لأهلنا في جبل العرب الأشم إدارتهم الذاتية.. ونطالب المملكة الأردنية الهاشمية بفتح معبر بري انساني واقتصادي مع السويداء فوراً”.

 

إعداد: علي إبراهيم