أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – حذرت تصريحات وتقارير استخبارتية وعسكرية نُشرت في وقت سابق، من عودة تنظيم “داعش” لشن هجمات جديدة في أماكن متفرقة في سوريا والعراق، وقدرته على اتباع تكتيكات جديدة ومتغيرة في أسلوب شن هجماته بما يتوافق مع الظروف المكانية والأمنية، فبعد القضاء على دولته جغرافياً، لجأ “التنظيم” إلى المجموعات الصغيرة والعمليات الانتحارية، عن طريق الخلايا النائمة؛ التي تعمل في نفس الوقت على تجنيد عناصر جدد ضمن صفوفه، كما أن خلافته الافتراضية (الالكترونية) ما زالت قائمة، مستفيداً من كياناتها الصغيرة في بعض دول العالم مثل ليبيا ودول شمال أفريقيا.
داعش يتّبع أساليب جديدة في تنفيذ عملياته ويعيد تنظيم صفوفه عبر خلاياه
وسط تضارب في التصريحات المحذرة من عودته والتقليل من مخاطره، برزت مؤخراً تقارير إعلامية وعسكرية تحذر من عودة تنظيم “داعش” من جديد لشن هجمات وإعادة تنظيم صفوفه في سوريا والعراق.
وتستند هذه التقارير إلى الهجمات المتكررة التي نفذه عناصر “التنظيم” في كل من العراق وسوريا، عن طريق مجموعات صغيرة تتحرك بخفة. وتشير هذه التقارير إلى قدرة تنظيم “داعش” على اتباع تكتيكات جديدة ومتغيرة في أسلوب شن هجماته بما يتوافق مع الظروف الآنية، وكذلك استمراره في العمل على تجنيد عناصر جدد ضمن صفوفه، مستفيداً من الخلايا النائمة التي انتشرت في سوريا والعراق، خلال الخسارة التدريجية لجغرافية دولته المكانية، وحفاظه على خلافته الإفتراضية (الالكترونية) وبعض كياناته الصغيرة التي أعلنت البيعة له.
تقارير: داعش يتكيف مع الظروف داخل سوريا والعراق
وتشير المعطيات الموجودة فضلاً عن اعترافات عناصر “داعش” المحتجزين في سوريا والعراق إلى تأكيد استمرارية خطورته، بل عمله على إعادة تنظيم صفوفه من جديد، وتجنيد عناصر سابقين في المنطقة، بطرق ووسائل مختلفة.
الأساليب الجديدة التي يتبعها التنظيم تُثبت صحة الدراسة التي نشرتها الأمم المتحدة في حزيران من العام الجاري، والتي أوضحت فيها أن داعش يتغير ويتكيف بتوفر الشروط اللازمة للمقاومة داخل سوريا والعراق
وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز التي نشرت مؤخراً فإن عدد عناصر “داعش” النشطة في كل من سوريا والعراق يقدر بنحو ثمانية عشر ألف عنصر، كما يمتلكون ثروة تقدر بأربعمئة مليون دولار، يُستخدم جزء منها في تنفيذ هجمات.
فيما كشف تقرير أمريكي، أن تنظيم “داعش” يحاول التحرك لفك أسر الآلاف من عناصره الذين اعتقلوا في سوريا والعراق، في مسعى إلى استعادة “خلافته” التي أعلنها في حزيران/ يونيو ألفين وأربعة عشر.
وبحسب صحيفة “ذا صن” البريطانية، فإن داعش زاد من تحركاته لإخراج عناصره من السجون، بعدما قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن بلاده ستنقل متشددي “داعش” المحتجزين لدى قوات حليفة، إلى حدود أوروبا، إذا لم تبادر الدول الأوروبية إلى استعادة مواطنيها؛ في إشارة إلى عناصر التنظيم المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية شرقي الفرات.
“البغدادي” يدعو الخلايا النائمة لشن هجمات على السجون والمخيمات لتحرير المحتجزين
وفي الآونة الأخيرة، أكد منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، ناثان سيلز، وجود محاولات لتحرير عناصر “داعش” وذلك من خلال محاولات لاختراق مراكز ومخيمات الاحتجاز، إلا أنها فشلت.
وتأتي هذه المحاولات الفاشلة بعد دعوة زعيم داعش “أبو بكر البغدادي” خلال تسجيله الصوتي الأخير، بمهاجمة السجون والمخيمات التي يقبع فيها عناصره وعائلاتهم لإخراجهم منها.
وتشير التقديرات إلى وجود ما بين ثمانية إلى عشرة آلاف من محتجزي داعش اغلبهم لدى قوات سوريا الديمقراطية في سوريا ـ شرق الفرات، من بينهم نحو ألفي عنصر من جنسيات أجنبية في محتجزات قسد.
وتخشى الدول الأوروبية أن تؤدي استعادة مواطنيها الذين التحقوا بداعش، إلى شنهم هجمات في قلب الغرب، لاسيما أن كثيرين منهم يدانون بعقوبات في حدود خمس سنوات وسرعان ما يستعيدون حرياتهم.
قوات سوريا الديمقراطية تؤكد بأن خطر “داعش” مازال قائماً
وتضاربت التصريحات بخصوص نهاية داعش بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية انتزاع كامل جغرافية منطقة شرق الفرات منه في الثالث والعشرين من آذار، بعد معركة الباغوز بريف دير الزور. إلا أن هذه القوات أكّدت مراراً بأن خطر داعش مازال قائماً، ولا يمكن القول بأنه انتهى بشكل نهائي، ولذلك أطلقت حملة ثانية مستهدفة خلايا داعش في المنطقة، وتمكّنت خلالها من اعتقال المئات من عناصر “داعش” الذين نفذوا تفجيرات وعمليات اغتيال في المنطقة.
وكانت معظم المناطق الخاضعة لسيطرة قسد تعرضت لسلسلة تفجيرات بدراجات نارية وعربات ملغومة نفذتها خلايا داعش المنتشرة فيها، وفي مقدمتها منبج والرقة والطبقة ودير الزور والقامشلي.
وفضلاً عن خلايا “داعش” الطليقة وعناصره المحتجزين، يعتبر مخيم الهول الذي يقطنه الآلاف من عائلات عناصر “التنظيم” أحد أكبر العقبات أمام القضاء على فكره المتطرف، وفقاً للمتخصصين في دراسة التنظيمات المتشددة.
البنتاغون: الانسحاب الأمريكي الجزئي من شرق الفرات والتهديدات التركية قد تساهمان في عودة داعش
كما يستفيد “التنظيم” من حالات عدم الاستقرار في العراق وسوريا، خصوصاً مع التهديدات التركية المتكررة ضد قوات سوريا الديمقراطية، ما يجعل هذه القوات منشغلة بأمن الحدود، وفقاً لمراقبين.
فيما يرى البنتاغون أن عناصر “داعش” عادوا بالظهور من جديد مع الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية من سوريا، مخالفة بذلك رأي قوات سوريا الديموقراطية المدعومة أميركيا والتي كانت تطالب بمزيد من التدريب والتجهيز. وأعلن مفتش عام في وزارة الدفاع الأميركية في تقرير له، أن تنظيم “داعش” يعاود الظهور في سوريا مع سحب الولايات المتحدة قواتها من البلاد، وأنه “عزز قدراته” في العراق أيضاً.
وتشير التقارير إلى انه رغم تجريد مناطق شرق الفرات منه لا يزال التنظيم ينتشر بمجموعات صغيرة في البادية السورية المترامية الممتدة من ريف حمص الشرقي في سوريا إلى داخل الأراضي العراق.
فيما يؤكد محللون وخبراء عسكريون أن القضاء على “الخلافة” المكانية لا يعني أن خطر التنظيم قد زال مع قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق التي طُرد منها وانطلاقاً من البادية السورية لشن هجمات في أماكن متفرقة.
إعداد:سمير الحمصي