أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خلال الفترة الماضية بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث عن خطورة كبيرة تواجه قواتها في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة سوريا، بعد أن كشفت تقارير استخباراتية، أن هناك اتفاقات بين إيران وروسيا بتقليص الدور الأمريكي في هذه المنطقة وخصوصاً سوريا، يأتي ذلك مع تصاعد التوتر بين هذه الأطراف على الأراضي والأجواء السورية، وسط نذر حرب باتت تلوح في الأفق.
إيران تخطط للتصعيد ضد أمريكا بالشرق الأوسط
وسبق أن كشفت وسائل إعلامية أمريكية، بأن الاستخبارات الأمريكية قدمت تقاريراً تفيد بأن إيران تخطط لتصعيد هجماتها ضد القوات الأمريكية في سوريا، مشيرة في الوقت ذاته بأن المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط معرضة للخطر أيضاً.
وأكدت صحيفة “واشنطن بوست” بأن هناك استراتيجية بين روسيا وإيران هدفها طرد الأمريكيين من المنطقة، وذلك وفق ما كشفته وثائق سرية مسربة من ملفات “ديسكورد”، والتي قالت أن مسؤولين استخباراتيين كشفوا أن إيران تسلح المسلحين الموالين لها في سوريا لبدء مرحلة جديدة من الهجمات المميتة ضد القوات الأمريكية بهدف دفعها للرحيل.
مساعي مشتركة “للأطراف الرباعية” لطرد أمريكا من سوريا
وتؤكد المصادر الإعلامية بأن قرار إخراج القوات الأمريكية من سوريا والتصعيد ضدها، جاء بالتوافق مع تركيا والحكومة السورية، وذلك بهدف إخراج واشنطن من مناطق الإدارة الذاتية التي تحميها قوات سوريا الديمقراطية.
واشنطن عززت قواتها بعد شعورها بالتصعيد
وفي حديث له مع شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، قال الباحث والكاتب السياسي، الدكتور نصير العمري، في رده على سؤال حول التصعيد العسكري الأمريكي الإيراني الروسي في الشرق الأوسط وروسيا، وقال ” أن إدارة السيد بايدن تشعر بأن هناك تصاعد للتنسيق الإيراني الروسي مع نظام بشار الأسد، وأن هناك مخطط للضغط على الولايات المتحدة للخروج من سوريا والمنطقة كاملة”.
وأضاف عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، أن “هذا هو السبب الذي بعثت الولايات المتحدة لأجله قوات عسكرية إلى الخليج مع طائرات إف 16″، ولفت إلى أن الرسالة المرادة إيصالها من واشنطن هي “إنها باقية في سوريا والمنطقة وهي مستعدة لشن ضربات عسكرية” على الأهداف المعادية.
ولم ينكر الباحث السياسي، أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تشعر “بتغير موازين القوى على الأرض” وأنه بتعزيز قواتها في المنطقة تقول للجميع “مازلت موجودة في الشرق الأوسط” رغم تركيزها على آسيا بعد تصاعد قوة الصين، ونزول الشرق الأوسط والخليج للمرتبة الثانية من الأولويات.
واشنطن سترد بالقوة على أي تصعيد ضدها
وأضاف “بكل تأكيد فإن الرسالة هي خرجنا من الشرق الأوسط بالتدخل المباشر لكننا موجودون لحماية مصالحنا الاستراتيجية ووصول النفط للأسواق العالمية وبقاء الولايات المتحدة كقوة مهيمنة عسكرياً رغم وجود القوات الإيرانية والدعم الروسي لها”، وتابع أن الولايات المتحدة لن تترك المنطقة، ولكن السؤال هل يحصل تصعيد؟، وأردف “أظن بأن هذه الإجراءات هي محاولة أمريكية لإقناع إيران وروسيا بأن التصعيد سيتم مواجهته عسكرياً، وهذا يساهم في إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه في سوريا والمنطقة”.
احتواء إيران بشكل كامل في سوريا يحتاج جيشاً
ومؤخراُ جرى الحديث عن امكانية أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بشن حرب أو ضربات على إيران في شرق سوريا، وحول ذلك يرى العمري أن “قدرة الولايات المتحدة على توجيه ضربات عسكرية مركزة على معسكرات للميليشيات الإيرانية ومن يدعمها، قوية وموجودة”، لكنه أشار إلى أن الشكوك “تدور حول قدرة الولايات المتحدة على أن تقوم باحتواء إيران بشكل عسكري شامل، وهذا يتطلب أن يكون هناك جيش أمريكي على الأرض ولا أظن بأن هناك شهية سياسية ولا حتى دوافع قوية لمثل هذا العمل”.
وأضاف أن إيران “تهيمن سياسياً على المنطقة إلا أنه لحد الآن لم يترجم لتغيير نوعي في هيمنة الولايات المتحدة الاستراتيجية في الشرق الأوسط”، مؤكدا بقاء الهيمنة المطلقة لواشنطن في المنطقة.
تنامي قوة روسيا والصين يعني تنامي قوة إيران
ولاشك في أن تنامي قوة الصين وروسيا تزعج أمريكا، وهو ما شدد عليه الدكتور العمري، حيث قال أن “تنامي قوة الصين وروسيا يزعج الأمريكان”، وتنامي قوة هاتين الدولتين “تترجم لدعم إيران في الشرق الأوسط، ولكن الولايات المتحدة تريد أن تقول لهذه القوات بأنها تحتفظ بقوة الردع القصوى وهي الحفاظ على الوضع الحالي في سوريا حتى الوصول إلى حلول سياسية، وكذلك حماية المياه الدولية بالخليج”، مشيراً إلى أن هذه الأطراف “لم تستطع الوصول لتحدي الولايات المتحدة بشكل مباشر حولها”.
ليس هناك قوة كافية لطرد الأمريكيين من سوريا
وتخطط روسيا وإيران بدعم من الحكومة السورية لإخراج الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا، حيث أكد عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، د. نصير العمري، أنه لا يمكن لإيران وروسيا والحكومة السورية القيام بذلك، وأضاف “إيران بكل تأكيد تهيمن على عدة دول، لبنان من خلال حزب الله، و سوريا من خلال العلاقة مع نظام بشار الأسد، وتدعم ميليشيات الحشد الشعبي والميليشيات الإيرانية التي انقلبت على العملية السياسية في العراق، فنعم إيران تهيمن بشكل كبير على المنطقة، والآن المشكلة هي هل تنتقل هذه الهيمنة المحلية إلى تنسيق بين هذه القوى المدعومة من إيران لكي تطرد الولايات المتحدة، أظن بأنه لا يوجد لدى هذا الحلف القدرة العسكرية لطرد الولايات المتحدة”.
روسيا والصين لا تملكان القوة للهيمنة على المنطقة
وتابع أن ترجمة هيمنة استراتيجية على المنطقة “أظن بأنه يحتاج إلى استثمار أكبر من قبل روسيا والصين بهذا المشروع ولا أظن بأن روسيا المشغولة بحرب أوكرانيا تستطيع أن تستثمر في مثل هذا المشروع وربما هي غير قادرة على ذلك، لأن ذلك يستدعي مواجهة روسيا عسكرياً وكذلك الصين لديها مشاكل اقتصادية وتحتاج إلى التجارة مع الغرب للإبقاء على اقتصادها واستعادة قوة الاقتصاد”.
وانهى حديثه بالقول “تركيز الصين أصلاً على آسيا وجيرانها واحتواء التوسع والتمدد الأمريكي في آسيا، لا أظن بأن هذا المشروع سيتحول إلى مشروع هيمنة استراتيجية برأس حربة إيرانية ودعم روسي وصيني على الأقل في هذه المرحلة، أظن بأنه لا يوجد لدى هذه القوة القدرة على تخطيط استراتيجية شاملة وتنفيذها ولكن في الوقت الحالي تبقى المنطقة في هذه الحالة وربما لسنوات طويلة بسبب عدم وجود حسم استراتيجي للصراع الدائر بين الولايات المتحدة وحلفائها و روسيا والصين وإيران وحلفائهما في المنطقة”.
إعداد: ربى نجار