أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تصاعدت عمليات الترحيل القسرية للاجئين السوريين المقيمين في تركيا، بعد الانتخابات الرئاسية، والتي انتهت بفوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية ثالثة، حينها اعتقد الكثير من السوريين أنه لن تكون هناك أي عمليات ترحيل قسرية من البلاد، إلا أن الحقيقية لم تكن كذلك، حيث كان النظام الحاكم والمعارضة في تركيا يتعهدون للشعب التركي بترحيل السوريين بمجرد انتخابهم.
تصاعد عمليات ترحيل السوريين من تركيا بعد فوز أردوغان
وخلال الفترة التي سبقت الانتخابات، كانت هناك عمليات ترحيل للسوريين في تركيا إلا أنها كانت بأعداد قليلة، إلا أنه بعد الانتخابات الرئاسية تصاعدت هذه العمليات، وباتت أعداد المرحلين تكبر أكثر فأكثر، وهو ما يمكن اعتباره تمهيداً لموجات أكبر بكثير لإعادة السوريين إلى بلادهم.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن حصيلة من تم ترحيله من اللاجئين السوريين من تركيا منذ بداية العام الجاري، وصل إلى 8837 سورياً، وشملت عمليات الترحيل في إطار حملات أمنية واعتقال من ولايات عدة بينها اسطنبول.
وباتت السلطات التركية تعتقل اللاجئين السوريين وعلى هواها حتى الذين لديهم أوراق ثبوتية أو شباناً دون عوائلهم، وهو ما كان محل إدانة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وسط التأكيد بأن السلطات التركية شتتت عشرات العوائل.
توطين من يتم ترحيله بمناطق جرى تهجير سكانها الأصليين
كل عمليات الترحيل للسوريين تجري إلى المناطق الشمالية السورية التي تسيطر عليها تركيا، وخاصة مناطق عفرين وجرابلس ورأس العين وتل أبيض، هذه المناطق التي بنت فيها تركيا قرى سكنية، تسميها الأوساط الشعبية المحلية “بالمستوطنات”، وذلك بالتعاون مع منظمات تابعة لتنظيم الإخوان، وبأموال عربية.
وكانت السلطة الحاكمة في تركيا تعهدت للشعب التركي بإعادة السوريين إلى بلادهم، وهو الموقف نفسه للمعارضة، حيث أن هذه العمليات تجري تحت مسمى “العودة الطوعية”، بينما هي قسرية تنافي القوانين والمواثيق الدولية، لا يتم فيها مراعاة أوضاع المرحلين الأمنية ولا الأخذ بعين الاعتبار أنه يتم ترحيل المدنيين لمناطق صراع وتشهد فلتان أمني وفوضى، وهو ما تعيشه مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة. وهذا بحد ذاته انتهاك للقوانين الدولية.
في تموز.. نحو ألف لاجئ سوري رحلوا من تركيا قسراً
ومن بين كل المصادر الإعلامية السورية، واكب المرصد السوري لحقوق الإنسان، عمليات الترحيل القسرية للاجئين السوريين من تركيا، حيث وثقت ترحيل 956 لاجئاً سورياً بشكل قسري من عدة معابر حدودية منذ مطلع شهر تموز/يوليو الجاري، غالبية المرحلين ممن يحملون الأوراق الثبوتية وبطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” ودون أي مبررات لترحيلهم.
وبحسب إحصائية للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنه خلال الأول من تموز الجاري، رحلت السلطات التركية (أول أيام العيد)، 19 لاجئ سوريا، عبر المعبر الحدودي، باتجاه منطقة رأس العين.
إضافة إلى ترحيل 90 لاجئاً بشكل قسري في اليوم ذاته، ممن يحملون البطاقة التركية “كيملك”، من داخل أراضيها إلى مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، عبر معبر باب السلامة الحدودي.
في يوم الـ11 من تموز، تم ترحيل 200 لاجئ سوري بينهم سيدات وأطفال عبر معبر باب السلامة بريف إعزاز الشمالي.
بعدها بيوم، أي الـ 12 من تموز، جرى ترحيل نحو 100 لاجئ بينهم أطفال وسيدات للشمال السوري، بحجة عدم امتلاكهم أوراق ثبوتية.
وفي الـ13 من تموز رُحل بشكل قسري 40 لاجئاً سورياً على شكل دفعات من داخل الأراضي التركية باتجاه مدينة رأس العين (سري كانيه) بريف الحسكة عبر معبر جيلان بنار الحدودي.
وفي الـ14 من تموز، رحل نحو 45 شخصاً بينهم أطفال وسيدات، عبر معبر الحمام بريف جنديرس في عفرين من بينهم من يحملون الهوية التركية “كيملك”.
الـ 15 من تموز، تم ترحيل 160 لاجئ سوري، بينهم أطفال وسيدات، إلى منطقة تل أبيض (كري سبي) بريف الرقة، ودخلوا المنطقة عبر خط التروازية.
وتأتي عمليات الترحيل بشكل قسري تحت مسمى “الطوعية” وتطال من فر من ويلات الحرب وسوء الأوضاع الأمنية والمعيشية، إضافة لعدم الإنسانية في طريقة الترحيل من قبل السلطات التركية، وإسكانهم في مناطق تقول أنقرة عنها أنها “آمنة” في إشارة إلى مناطق سيطرتها وفصائل المعارضة الموالية لها شمال سوريا.
“المنطقة الآمنة”.. أحقاً هي آمنة لعيش السوريين ؟
المنطقة الآمنة التي تتحدث عنها تركيا، هي التي تسيطر عليها في الشمال السوري، وهي منطقة لا يخفى على السوريين أنها تعاني من فلتان أمني وفوضى وانتشار السلاح والجماعات المتطرفة والإرهابية ومنها تنظيم داعش الإرهابي، إضافة لما يجري في هذه المناطق من اعتقالات وسلب للممتلكات وعمليات ترهيب للسكان الأصليين، إضافة للاقتتال بين فصائل المعارضة بين الحين والآخر، ناهيك عن أنها مهددة من قبل قوات الحكومة السورية وروسيا بشن عمليات عسكرية فيها في أي وقت.
تركيا تتحمل مسؤولية كاملة في خلق أزمة اللجوء في أراضيها
وتتحمل تركيا نفسها مسؤولية هجرة السوريين ولجوئهم إليها، كونها كانت أحد الأطراف المتدخلة والتي فاقمت وسعرت الحرب في سوريا من خلال تبنيها لجماعات مسلحة تحت مسمى “المعارضة السورية” قاتلت الدولة والنظام الحاكم، إضافة لكونها ممراً لآلاف من المتطرفين الذين انضموا للجماعات الإرهابية في سوريا وشاركوا في النزاع المسلح الذي اندلع في البلاد.
وتقول تركيا أنها تنوي إعادة مليون ونصف مليون لاجئ سوري إلى الشمال، ضمن مناطق عملياتها العسكرية، هذه المناطق التي هجر منها أهلها وأجري فيها تغييراً ديمغرافياً (التركيبة السكانية)، وخاصة ضمن المناطق الكردية في سوريا، وعلى رأسها عفرين ورأس العين وتل أبيض.
وسبق أن قالت وزارة الدفاع التركية، أن أكثر من مليون سوري عادوا لبلادهم، بينهم أكثر من 470 ألفاً إلى منطقة إدلب وحدها منذ 2023.
إعداد: علي إبراهيم