أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد أيام من إعادة الحديث عن “المبادرة الأردنية” و “خطوة مقابل خطوة” لحل الأزمة السورية بما يتناسب مع المقررات الأممية وعلى رأسها القرار 2254، وما قيل عن “الدور الريادي العربي” في إنهاء الصراع بالبلاد التي مزقتها الحرب، زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، دمشق، في زيارة كان عنوانها الأبرز “اللاجئون السوريون وتجارة المخدرات وتهريبها عبر الحدود”.
الصفدي يلتقي بالأسد.. واللاجئون وتجارة المخدرات على رأس المناقشات
وتعتبر المملكة الأردنية من أكثر الدول تضرراً بالأزمة والصراع على السلطة في سوريا، وذلك نظراً لما انتجته هذه الأزمة من تداعيات أمنية واقتصادية على الأردن، إضافة إلى استقبالها لأعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، وما تلا ذلك بتحولها لمركز عبور لتجارة المخدرات العابرة للحدود ووصولها للخليج، إضافة لذلك كله، ما بات يشكله الصراع الإسرائيلي الإيراني في سوريا، من خطر على الأمن القومي للمملكة واستقرارها.
وكشفت تقارير إعلامية، عن أن زيارة الوزير الأردني ولقاءه بالرئيس السوري بشار الأسد ومسؤولين سوريين آخرين، لا تبتعد عما انتهى اجتماع عمان التشاوري عليه في أيار/مايو الماضي، بحضور سعودي مصري عراقي سوري، حيث كانت هذه الاجتماعات تمهيداً لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، إضافة لحضور الرئيس بشار الأسد للقمة العربية.
متابعة “مخرجات اجتماع عمان”
وبحسب ما كشفته “صحيفة الشرق الأوسط” نقلاً عن “مصادر أردنية” (لم تسمها)، بأن زيارة الصفدي “تهدف إلى متابعة مخرجات اجتماع عمان وتشكيل اللجنة المشتركة بين البلدين، وبحث التسهيلات الممكنة لتطبيق تجربة أولية لإعادة اللاجئين، إلى جانب البحث المعمق لاحتواء عمليات تهريب المخدرات والسلاح من الجانب السوري”، خاصة في ظل تصاعد نشاط عصابات التهريب ولجوئها لأساليب جديدة لتهريب الممنوعات عبر الطائرات المسيرة.
ومنذ سنوات لا تخفي المملكة انزعاجها وقلقها من أمور عدة تحصل في سوريا تؤثر على أمنها واستقرارها، وذلك من حيث عمليات تهريب السلاح والمخدرات، خاصة بعد أن بدأت العصابات باستخدام الطائرات المسيرة ومختلف الأساليب الأخرى لتهريب هذه الآفة، إضافة لتواجد ميليشيات ومجموعات مسلحة منها موالية لإيران، تخشى الأردن من أن يمتد الصراع الإسرائيلي الإيراني للجنوب وبالتالي إلى أراضيها ما يشكل خطراً على أمن المملكة.
عمان “تختبر جدية دمشق” في مكافحة المخدرات
ونقلت “الشرق الأوسط” بدورها عن مصادر سمتها “بالدبلوماسية الأردنية”، بأن عمان “اختبرت فعلاً” دمشق وجديتها في مكافحة الإرهاب وعصابات التهريب، وقدمت معلومات أمنية عن طبيعة نشاط مهربين وتجار وسلاح ومخدرات محسوبين على “حزب الله” اللبناني وإيران.
وكان اتفاق عمان التشاوري في الأول من أيار/مايو الماضي، تضمن أجندة وجدولاً زمنياً للتعاون بين الحكومتين السورية والأردنية، ومن بين هذا الاتفاق، دعم سوريا ومؤسساتها، في أي جهود مشروعة لبسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون، وإنهاء تواجد الجماعات المسلحة والإرهابية، ووقف التدخلات الخارجية.
تشكيل “لجنة مشتركة” مع دمشق لمكافحة تهريب المخدرات
مع تعزيز التعاون بين سوريا ودول الجوار والدول المتأثرة بعمليات الاتجار بالمخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية؛ انسجاماً مع التزامات سوريا العربية والوطنية والدولية بهذا الشأن، من خلال تعاون سوريا مع الأردن والعراق في تشكيل فريقي عمل سياسيين – أمنيين مشتركين منفصلين خلال شهر، لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات التهريب واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء هذه العمليات وهذا الخطر على المنطقة.
وحول ذلك، أعلن وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، تشكيل لجنة مشتركة مع الحكومة السورية لمكافحة تهريب المخدرات، مشيراً إلى أن اجتماعها الأول سيعقد في العاصمة الأردنية عمان، وذلك في ختام زيارته وبعد لقاءه بالرئيس بشار الأسد.
وعقد الصفدي مؤتمراً صحفياً مع نظيره السوري فيصل المقداد، وقال إنه بحث مع الأسد “الخطر الذي يمثله تهريب المخدرات وضرورة التعاون في مواجهتها، وأشار إلى التوافق على تنفيذ مخرجات بيان عمان، مشدداً أن تهريب المخدرات بات خطراً على بلاده، وأكد أن بلاده ستفعل كل ما يلزم لحماية أمنه الوطني.
الصفدي: العرب بدأوا مساراً جدياً لحل الأزمة السورية
وعن الحل السياسي قال الصفدي، إنهم بدأوا مساراً عربياً جاداً لحل الأزمة السورية، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع القرار الأممي 2254.
وأضاف، “حل الأمور لن يكون بين يوم وليلة، كما نريد الإعداد من أجل اجتماع لجنة الاتصال العربية التي كانت أقرتها الجامعة العربية، بحيث يكون هناك مخرجات عملية تسهم في معالجة تبعات الأزمة السورية ونأمل انعقادها في الشهر القادم”.
وأشار إلى إن اللقاء مع الرئيس السوري تناول جهود التوصل لحل سياسي في سوريا، كما بحث خلال اللقاء ملف محاربة الإرهاب وتهيئة الظروف للعودة الطوعية للاجئين السوريين.
ولفت إلى أنه تم التباحث أيضاً حول متطلبات مناطق الحكومة لإعادة الإعمار والتأهيل بكافة أشكالها ودعم مشاريع التعافي المبكر التي تمكّن العائدين من استعادة دورة حياتهم الطبيعية.
ماذا تضمن اجتماع عمان ؟
يشار إلى أن اجتماع عمان، تضمن أجندة وجدولاً زمنياً للتعاون بين دمشق وعمان، والتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة، في تنظيم عملية عودة طوعية لنحو ألف لاجئ سوري في الأردن، وبحيث تضمن دمشق توفير الظروف والمتطلبات اللازمة لعودتهم، كما توفر هيئات الأمم المتحدة احتياجاتهم الحياتية، وفق آليات عملها المعتمدة وفي سياق عملية التعافي المبكر التي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأن يشمل ذلك في مرحلة لاحقة الدول الأخرى المستضيفة للاجئين السوريين.
وتعتبر زيارة الصفدي إلى دمشق الثانية منذ مطلع العام الجاري 2023، إذ زار العاصمة السورية دمشق لأول مرة في 15 شباط / فبراير الماضي بعد أيام قليلة من كارثة الزلزال المدمر، والتقى حينها الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية فيصل مقداد.
إعداد: رشا إسماعيل