أوغاريت بوت (مركز الأخبار) – تدور أسئلة كثيرة في أذهان من يتابع الملف السوري، ويشهد التصعيد العسكري غير المسبوق في منطقة “خفض التصعيد” وما حولها، بمختلف الجهات المسيطرة، خصوصاً وأن هذا التصعيد جاء قبيل وخلال وبعد الجولة العشرين لمسار آستانا، بين روسيا وتركيا وإيران ومشاركة حكومة دمشق لأول مرة منذ انطلاقه، والإعلان فيما بعد عن انتهاءه، وما يعني ذلك بالنسبة للمناطق الخاضعة لهذا المسار.
منذ اليوم الثاني لاجتماعات آستانا ازدياد العنف في “خفض التصعيد”
وبدا واضحاً تصاعد عمليات القصف المتبادل مع دخول السلاح الجو الروسي في أجواء “خفض التصعيد” مع الإعلان عن موعد الجولة الـ20 لاجتماعات آستانا، بين هذه الأطراف الضامنة المختلفة أساساً في الملف السوري، وكان التصعيد حينها يقتصر على عمليات عسكرية متقطعة بين طرفي الصراع على الأرض، فيما ازدادت حدة هذه العمليات مع اليوم الثاني والأخير لآستانا، وهو ما أثار الشكوك.
ومنذ الـ21 من حزيران/يونيو الجاري، تشهد منطقة “خفض التصعيد” عمليات قصف متبادلة براً بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة بما فيها “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” وحلفاءها، إضافة لعودة الطيران الحربي الروسي لأجواء المنطقة وتنفيذه بشكل شبه يومي غارات جوية عنيفة استهدفت مواقع للنصرة والحزب الإسلامي التركستاني (الإيغور)، وقالت الدفاع الروسية أنها استهدفت مستودعات أسلحة وذخائر وطائرات مذخرة ومعدلة، وأشارت إلى أن عناصر التركستاني لديهم خبرة بمجالات الطائرات المسيرة.
دمشق: دمرنا مواقع “للإرهابيين” بالتعاون مع سلاح الجو الروسي
وزارة الدفاع السورية بدورها قالت في بيان لها، أنها دمرت مقار ومعدات للفصائل المعارضة المسلحة في منطقة جبل الأربعين وأن العملية تمت بالتعاون مع القوات الجوية الروسية، وقضت على العشرات منهم وأصابت آخرين.
ولفت البيان إلى أن العملية جاءت “رداً على الاعتداءات اليومية المتكررة التي تنفذها التنظيمات الإرهابية على المدنيين في المناطق السكنية الآمنة في ريف حماة، وأشارت إلى تدمير طائرات مسيرة واستطلاعية وضاربة ومعدات تنصت وتشويش”، ولفتت إلى مقتل عدد من القيادات العسكرية المعارضة ذكرت أسمائهم.
عمليات قصف متبادلة أشعلت الحرب.. وتركيا استبقتها بتغيرات عسكرية
وكانت فصائل المعارضة المسلحة نفذت عمليات قصف بالطائرات المسيرة على مدينة القرداحة مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، إضافة لعمليات قصف برية طالت بلدات ريف حماة الشمالي، ما أدى لسقوط ضحايا بين المدنيين. سبقها قصف روسي على مواقع للفصائل أسفرت عن فقدان مدنيين أيضاً لحياتهم.
هذا التصعيد العسكري، سبقه بنحو شهر، تحركات عسكرية تركية عدة ضمن منطقة “خفض التصعيد”، منها إخلاء المقار العسكرية الداخلية في إدلب ونقل القوات العسكرية إلى التمركز في خطوط التماس مع قوات الحكومة السورية. واعتبرت هذه التحركات حينها بأنها خطوات تركية لمواجهة أي عملية عسكرية محتملة على المنطقة، مع تعزيزات عسكرية دخلت لأول مرة في 2023.
هل هناك اتفاقات تحت الطاولة حول “خفض التصعيد” ؟
وجاءت هذه التحركات التركية العسكرية، مع بداية حديث روسي وللحكومة السورية حول عمل عسكري في منطقة “خفض التصعيد” لفتح الطرق الدولية “إم فور و إم فايف” وفرض تطبيق الاتفاقيات السابقة حول المنطقة، إضافة إلى الأرتال العسكرية الضخمة التي أرسلتها دمشق للشمال.
ما يحصل في منطقة “خفض التصعيد”، ربطه الكثيرون بالاجتماعات الأخيرة “لمسار آستانا”، مشيرين إلى أنه رغم ما جاء في البيان الختامي حول العمل على إرساء الأمن في إدلب وضرورة تنفيذ كل الاتفاقيات السابقة حول المنطقة، إلا أن التصعيد عاد مجدداً بمجرد الإعلان عن موعد الجولة وليس بعدها، وهو ما دفع بالكثيرين للاعتقاد أن اتفاقات جديدة حول المنطقة بين ثلاثي “روسيا وتركيا وإيران” بمشاركة الحكومة السورية في الاجتماع الأخير.
“روسيا تخير تركيا بين التصعيد و تطبيق الاتفاقات السابقة”
وهناك آراء تقول أن التصعيد الحالي، وكونه ازدادت حدته منذ اليوم الثاني لاجتماعات آستانا، أي في يوم البيان الختامي، فإن ذلك يدل على أن هناك خلافات بين الأطراف الضامنة، وأن روسيا صعدت لترسل رسائل إلى تركيا، إما تطبيق الاتفاقيات السابقة حول المنطقة وإبعاد الفصائل عن الطرق الدولية وفتح المعابر، أو التصعيد والعملية العسكرية.
“عمل عسكري بموافقة تركية” والهدف تجاري
بينما تؤكد أطراف أخرى، أن ما يجري تم الاتفاق عليه في اجتماع آستانا الأخير، وأن الروس اتخذوا من تصعيد الفصائل على القرداحة ومناطق ريف حماة الشمالي الغربي ذريعة للبدء بالعملية العسكرية، التي تسبقها عمليات استهداف جوية “لبنك الأهداف” التي تم وضعه بالتنسيق مع روسيا وتركيا.
مشيرين إلى أن تركيا موافقة على تسليم الطرق الدولي إم فور و إم فايف والمعابر إلى الحكومة السورية وروسيا، لأجل تنشيط التجارة ونقل البضائع التركية عبر سوريا إلى دول الخليج، بما يعود بالنفع المادي على اقتصاد البلدين الذين يعانيان أزمات، وذلك إحدى “المغريات” التي تحدث الروس عنها للطرفين في إطار الصلح والتطبيع بينهما.
التصعيد رد على “الاعتداءات المتكررة” وسينتهي تدريجياً
فيما قلل آخرون من التصعيد الحالي ومن أنه تمهيد لعملية عسكرية، ويرون أنه أقرب من أنه رد على ما قامت به الفصائل من عمليات قصف على مدينة القرداحة باستخدام الطائرات المسيرة، مشيرين إلى أن الهدف الروسي من ذلك الحد من قدرة الفصائل على تهديد مناطق سيطرة دمشق عبر استهداف نقاط شن الهجمات، لافتين إلى أن التصعيد سيهدأ تدريجياً.
إعداد: ربى نجار