أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تسبب الصراع المسلح على السلطة في سوريا بين النظام الحاكم والمعارضات، لخلق أزمات متعددة في البلاد ودول الجوار والعالم، واعتقد الكثيرون بداية أن الأزمة أو “الثورة” في سوريا ستكون كغيرها من الدول العربية؛ ستنتهي بأشهر قليلة، إلا أن هذا التصور كان مخطئاً، حيث اليوم نعيش في السنة الـ12 من عمر هذه الأزمة التي كان لها تأثير عالمي.
تغير نظرة العالم للملف السوري
كثرة التدخلات الخارجية ونشاط الإرهاب وظهور تنظيمات جديدة متطرفة وتعاظم قوتها، إضافة للمعاناة الإنسانية والأوضاع الاقتصادية السيئة واستمرار القتال وغياب الحلول، كل هذه الأسباب جعلت العالم يغير نظرته وسياساته في سوريا، حيث من كان يدعم المعارضة في السابق ويعادي النظام الحاكم، أصبح صديقاً للأخير وقطع دعمه عن المعارضة؛ على الأقل “عسكرياً فقط”.
وعلى رأس هذه الأطراف، الدول العربية، التي أعادت بين ليلة وضحاها العلاقات مع الحكومة السورية، وعملت على استئناف مشاركتها في اجتماعات الدول العربية، إضافة إلى حضور الرئيس السوري بشار الأسد للقمة العربية في السعودية لأول مرة منذ 2011.
سوريا اليوم لا تعجب العرب
وأكدت أوساط متابعة وسياسية، أن سوريا اليوم لا تعجب العرب، خاصة مع كثرة التدخلات الخارجية وعلى رأسها (إيران و تركيا)، وانتشار الجماعات المتطرفة والإرهابية التي باتت تهدد الأمن القومي العربي، إضافة إلى استمرار المعاناة والأزمات الإنسانية التي تؤدي بالشعب السوري للهجرة لدول الجوار وأوروبا، لذلك فإن العرب يسعون إلى حل الأزمة السورية وإنهاء معاناة السوريين، والحفاظ على الدولة موحدة وذات سيادة.
ويمكن اعتبار كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير الماضي، البوابة الرئيسية في إعادة العلاقات السورية مع محيطها، وتعليق الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، للعقوبات، لأسباب إنسانية.
من “إسقاط النظام” للحلول السياسية
وبات العالم كله اليوم يعمل لحل الأزمة السورية بأي طريقة سواءً عبر القرارات الأممية وخاصة القرار 2254، أو من خلال مبادرات عربية ومنها “مبادرة الأردن” أو ما تسمى “بخطوة مقابل خطوة”، أي أن “اسقاط النظام و تغيير الحكم” لم يعد هو المراد اليوم عالميأً، بل وضع حد لهذا الصراع الذي كان له تأثير على العالم بأسره.
عودة سوريا للجامعة العربية، كان محل إدانة أمريكية وغربية، إلا أن واشنطن قالت أنها تتفهم شركائها العرب في أهدافهم الأخيرة من هذا التطبيع، وهو حل الأزمة السورية، ولا يختلف اثنان على أنه لولا إعطاء واشنطن الضوء الأخضر للعرب لإعادة دمشق، لم تكن هذه العودة لتحصل.
واشنطن والخليج يجددان دعمهما للحل السياسي في سوريا
وفي سياق ذلك، انعقد اجتماع وزاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية، وتباحثت الأطراف الملف السوري وسبل حل هذا الصراع، حيث صدر بيان ختامي عن هذه الأطراف والذي أكد الالتزام بوحدة وسيادة الأراضي السورية والحل السياسي فيها.
وجاء في البيان، أن الجانبان يؤكدان مجدداً التزامهما بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يحفظ وحدة سوريا وسيادتها، ويلبي تطلعات شعبها، ويتوافق مع القانون الإنساني الدولي، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (2015).
ورحب الطرفان بالجهود العربية لحل الأزمة في سوريا وفق مبدأ “خطوة مقابل خطوة” وبما يتوافق مع قرار 2254، وعلى النحو المتفق عليه خلال اجتماع عمان التشاوري لفريق الاتصال الوزاري العربي المعني بسورية في 1 أيار 2023م.
ماذا بخصوص تنظيم داعش.. واللاجئين والمعتقلين والمعابر
وفي البيان المشترك أكد الوزراء أن الولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحالف يؤكدان دعمهم لتحقيق الهزيمة لداعش في سوريا”، وأدانوا جميع الأعمال التي تهدد سلامة وأمن هذه القوات. في إشارة واضحة للتقارير التي تحدثت عن مساعي إيرانية بالتعاون مع روسيا لضرب التحالف والأمريكيين في شمال شرق سوريا.
كما شدد الجانبان على: “ضرورة تهيئة الظروف الآمنة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين داخلياً بما يتفق مع معايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وأهمية تقديم الدعم اللازم للاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم”.
ورحب الوزراء “بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لتجديد تفويض مجلس الأمن لمدة 12 شهراً لتشغيل الآلية العابرة للحدود، كما أعربوا عن دعمهم لإدراج جميع المعابر الحدودية المفتوحة حاليا (باب الهوى وباب السلام والراي) في قرار لمجلس الأمن سيصدر في تموز المقبل”.
وأضاف البيان أن الجانبان “ناقشا موضوع المحتجزين تعسفياً والمفقودين – على النحو الوارد في بيان عمان وقرار مجلس الأمن 2254، وبالتنسيق مع الأطراف المعنية كافة”.
ويأتي هذا الاجتماع بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية، على هامش اجتماع عقد من قبل “دول التحالف” لمكافحة داعش، وهدفه مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق وافريقيا ودول شرق آسيا، وذلك بعد ازدياد نشاط داعش بشكل ملحوظ بهذه المناطق.
ويأمل السوريون أن تكون هذه التطورات الأخيرة في الملف السوري، بداية لنهاية معاناتهم والصراع على السلطة في بلادهم، وبالتالي انتهاء الحرب، وما يمكن وصفه “بالكارثة” التي حلت بهذا الشعب منذ عام 2011، كما بات المجتمع الدولي يعمل على وضع حد للمأساة السورية لما لها من تأثير على العالم وخاصة في مسألة اللاجئين وتهريب المخدرات والإرهاب، على الأقل ظاهرياً.
إعداد: ربى نجار