أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – صحيح أن انتخاب رئيس للجمهورية يتقدم هواجس البطريرك بشارة الراعي في زيارته إلى العاصمة الفرنسية والفاتيكان، لكنّ ملفاً آخر يثقل حقيبة الراعي وفكره، وهو ملف النازحين السوريين في لبنان.
لذا، حرص الراعي على أن يذهب إلى فرنسا مزوداً بدراسة مفصّلة حول واقع النزوح السوري والعمالة الأجنبية في لبنان. وقد أعطى وزير الشؤون الاجتماعية فيكتور حجار البطريرك دراسة مفصّلة حملها معه، وسيناقش خطورتها ودلالاتها وانعكاساتها على لبنان في باريس والفاتيكان، طالباً مساعدتهما في “الحفاظ على لبنان وهويته والمسيحيين فيه”.
في الدراسة التي أطلعت عليها “المدن” يبلغ عدد السوريين المقيمين في لبنان 2.1 مليون شخص وهم موزعون على النحو التالي:
830.000 سوري مسجل رسمياَ لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كما لدى الحكومة اللبنانية.
800.000 سوري مسجلين فقط لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكن المفوضية لم تشارك الحكومة اللبنانية بقاعدة بياناتهم.
و470.000 نازح سوري غير شرعي، حسب أرقام تقريبية للأمن العام اللبناني.
لا تسقط ورقة البطريرك الإشارة إلى “وجود 400 ألف لاجئ فلسطيني مقيم في لبنان، بينهم مئة الف نازح فلسطيني من سوريا بعد العام 2011”.
حتى اللاجئون الآخرون ضمتهم الورقة. ففي لبنان نحو37،000 عراقي و3،000 سوداني وصومالي، إضافة إلى نحو 200 ألف عامل أجنبي، معظمهم من المهاجرين غير الشرعيين.
وتشير الدراسة إلى أن لبنان من بين أكثر الدول كثافة سكانية في العالم. إذ يقيم في الكلم المربع الواحد نحو 639 شخصاً.
ويبلغ عدد النازحين والمقيمين من غير اللبنانيين على الأراضي اللبنانية نحو 41 بالمئة من عدد السكان البالغ 6.74 مليون نسمة. وهو من أعلى الأرقام في العالم.
كما تركّز الدراسة على ارتفاع معدّل الولادات لدى النازحين السوريين مقارنة باللبنانيين (5 مقابل 2)، ويترافق ذلك مع هجرة لبنانية متزايدة خصوصاً في الاوساط المسيحية.
تمر الورقة سريعاً على “تقديمات المجتمع الدولي للبنان والتي لا تتجاوز 12 مليار دولار اميركي، في خلال 12 عاماً. استفاد منها النازحون السوريون ولم يدخل منها إلى الاقتصاد اللبناني إلاّ الجزء اليسير”.
سيستخدم البطريرك كل الأرقام الواردة في الدراسة، مضافاً إليها كلفة النزوح المالية والاقتصادية، حسب دراسة البنك الدولي، ليؤشر إلى “مدى خطورتها، كونها سابقة في تاريخ الشعوب والأمم، ولها تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية، وحتى البيئية، والأهم خطورتها على هوية لبنان وديموغرافيته وتنّوعه وفرادته”.
وعليه، يطالب الراعي فرنسا والفاتيكان بوضع ثقلهما المادي والمعنوي، من أجل المساهمة في حلّ أزمة النازحين السوريين. ويطالب بمساهمتهما في الدفع باتجاه وضع آلية تسمح بعودة اللاجئين، خصوصاً أن معظمهم يقيمون في لبنان لأسباب اقتصادية وليس سياسية أو أمنية. كما يطالبهما بالدفع باتجاه نقاشات مثمرة داخل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للوصول إلى حلول مستدامة لموضوع النزوح السوري، بالاتفاق مع حكومة بلدهم.
ولن ينسى الراعي التذكير بوجوب دعم لبنان ومساعدته على النهوض من أزمته الاقتصادية ، التي شكّل النزوح السوري عبئاً إضافياً عليها، وإعادة ترميم بناه التحتية على كل المستويات، المادية منها كما البنى المجتمعية والسياسية التي تقوم على رفض أي فرض أو استفزاز أو تغليب منطق الغلبة.
يضع الراعي موضوع معالجة النزوح السوري بمرتبة توازي أهمية انتخاب رئيس للجمهورية. وبالنسبة لأحد المطارنة “قد يتقدم موضوع النزوح على الرئاسة لتاثيره على مستقبل البلد عموماً وهويته، وعلى الأجيال الآتية”.
المصدر: صحيفة المدن