دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

روسيا أمام مهمة صعبة.. دمشق تصر على شروطها للتطبيع مع أنقرة وأردوغان يرفض الانسحاب العسكري

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – عندما قالت روسيا أن طريق تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا سيكون طويلاً، كانت تدرك تماماً ما تقول، وتعلم أن الطرفين لن يتوافقا بين ليلة وضحاها، وعودة العلاقات بينهما سيكون صعباً، خاصة مع وجود خلافات كثيرة ومطالب يصعب على كل طرف تنفيذها للآخر، وهذا ما سيصعب مسؤولين الروس في الصلح بين الأسد وأردوغان.

هل الأسد محتاج للصلح مع أردوغان ؟
الأسد بعد عودته للجامعة العربية وحضوره للقمة في السعودية لن يكون محتاجاً بتاتاً لإعادة العلاقات مع تركيا التي هي التي كانت المبادرة بطرح فكرة التطبيع، ولكي تقوم دمشق بالموافقة على إعادة العلاقات لابد أن تقوم أنقرة ببعض الخطوات التي تم وصفها “بالشروط”، وهي الانسحاب العسكري ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للبلاد.
بينما تصر تركيا على أن يبقى كل شيء على ما هو عليه في سوريا، أي سيطرتها على الشمال وما جرى من عمليات تتريك للمناطق السورية خلال السنوات الماضية، واستمرار دعمها للمعارضة السياسية والعسكرية حتى يكون لها مستقبل في أي حكومة انتقالية أو حكومة توافقية، مع مواصلة هجماتها على الشمال الشرقي وربما تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية.
دمشق “القوية” ترفض التطبيع دون الانسحاب العسكري
الأسد تحدث خلال كلمته بالقمة العربية عن “الفكر العثماني الاستعماري الذي يهدد الأمن القومي العربي”، ليأتي وزير الخارجية فيصل المقداد، ويصر مرة أخرى على أن تطبيع العلاقات مع تركيا لن يكون إلا بعد انسحابها من سوريا.
والجميع يعلم أن موقف دمشق بعد العودة للجامعة والمحيط العربي أصبح أقوى بكثير، ولن يهمها إذا عادت العلاقات مع أنقرة أم لم تعد بعكس أردوغان، الذي يريد التطبيع للتخلص من بعض الملفات كالشمال الشرقي واللاجئين.
وخلال حديث له مع قناة “روسيا اليوم” قال الوزير السوري، أن دمشق لن تطبع العلاقات مع بلد يحتل أرضها (تركيا)، مشيراً إلى أن أي لقاء بين الأسد وأردوغان مرهون بخروج القوات التركية من أراضي سوريا.”
تركيا ترفض الانسحاب العسكري بحجة “مكافحة الإرهاب”
حديث مقداد سبقه تأكيد تركي على عدم الانسحاب من الأراضي السورية واستمرار ما تسميه أنقرة “مكافحة الإرهاب”، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مقابلة له مع قناة CNN الأمريكية، أنه لا توجد عوائق أمام لقاءه بالأسد سوى مكافحة “التنظيمات الإرهابية”. في إشارة إلى “وحدات حماية الشعب الكردية” التي هي أحد أكبر التشكيلات العسكرية في قوات سوريا الديمقراطية، التي تقاتل تنظيم داعش الإرهابي وهي شريكة للتحالف الدولي على الأرض.
وترى تركيا في “وحدات الحماية” امتداداً لـ “حزب العمال الكردستاني” في سوريا وتعتبرها “تنظيماً إرهابياً”، بينما هذه النظرة لا توجد لدى دمشق وحلفاءها الروس والإيرانيين، وكانت موسكو دعت قسد ودمشق للحوار فيما بينهم لحل الخلافات السياسية.
أردوغان: سوريا غير قادرة على ضمان أمن الحدود
وبحسب أردوغان فإن الأسد غير قادر حالياً على ضمان أمن الحدود، لذلك فإنه لا يمكن الحديث عن انسحاب للقوات التركية في الوقت الراهن، معتبراً أن هذه الخطوة قد تتحقق في حال التوصل لحلول سياسية واستقرار الأوضاع في سوريا.
وأضاف الرئيس التركي “العلاقة التي تجمعه بعائلة الأسد كانت طيبة.. العائلتان كانتا تجتمعان في السابق، لكن تطورات معينة تكشفت، لسوء الحظ؛ ما أدى إلى تدهور علاقتنا.. ذلك التفكك تسبب في انزعاجنا أيضاً”.
وتابع أردوغان أن هناك حدود مشتركة مع سوريا بطول 900 كيلومتر، وهناك “تهديد إرهابي مستمر لبلادنا من هذه الحدود”، ولفت إلى أن سبب وجود قواتهم في سوريا هي هذه الحدود و “مكافحة الإرهاب”، كما انتقد المعارضة في بلاده لإعلانها أنها ستنسحب من سوريا في حال فوزها بالانتخابات، وقال أن الشرطة والجيش لن يسمحوا للمعارضة بالقيام بذلك.
“أردوغان يراوغ على مشاعر القوميين لكسب أصواتهم”
وعلقت أوساط سياسية ومتابعة على كلام الرئيس التركي، بأنه دائماً ما يراوغ للحصول على شعبية من قبل القومويين الأتراك الذين يؤيدون الحرب ضد الأكراد، معتبرين أن تصريحات أردوغان الأخيرة هي محاولة منه للحصول على مزيد من الأصوات في جولة الانتخابات الرئاسية القادمة أواخر الشهر الحالي.
يشار إلى أن وزير الدفاع التركي تحدث بدوره عن أن قواتهم ستستمر في “مكافحة الإرهاب” في شمال سوريا والعراق، ولفت إلى أن بلاده لن تتوقف عن ذلك حتى “تحييد (قتل) آخر إرهابي” حسب قوله.
تواجد عسكري طويل الأمد.. ومخاوف من تكرار سيناريو لواء اسكندرون
ويفهم من حديث المسؤولين الأتراك أن تركيا تخطط لتواجد عسكري طويل الأمد في سوريا، والحجة موجودة “مكافحة الإرهاب” (الأكراد)، وهذا بدوره إن حصل سيفتح الباب أمام صراعات وحروب جديدة طويلة الأمد في المنطقة وستفاقم المعاناة الإنسانية في سوريا وتؤدي إلى موجات نزوح ولجوء جديدة.
كما أن تركيا من المستبعد أن تقوم بالانسحاب من سوريا حتى لو قامت بتحقيق أهدافها من ما تصفه “بأمن الحدود” ويُخشى من أن كل هذه المماطلة هي مقدمة لاقتطاع الأجزاء التي تسيطر عليها في الشمال وضمها إلى تركيا كما حصل في لواء اسكندرون سابقاً، ولعل كل الإجراءات التي قامت بها تركيا في هذه المناطق دليلاً على هذه المخاوف.
إعداد: علي إبراهيم