أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد مرور 12 عاماً من عمر الصراع المسلح على السلطة في سوريا، التي أسفرت عن انتشار مخلفات حربية لم تنفجر في المناطق السكنية والنائية على حد سواء، وفي ظل عدم وجود أي إجراءات من قبل السلطات المختلفة التي تسيطر على الأراضي السورية لحل هذه المعضلة، فإن هذه المخلفات لاتزال تحصد حياة السوريين وتتسبب لهم بإصابات بالغة غالباً ما تكون على شكل عاهات دائمة.
منها “جمع الكمأة”.. الأزمة الاقتصادية تدفع بالسوريين لأعمال تهدد حياتهم
ولم يعد يهم المواطنين السوريين خطورة بعض الأعمال التي يقومون بها لتأمين قوتهم اليومي، خاصة مع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، جراء انهيار الليرة وسوء الأوضاع المعيشية، وارتفاع نسب البطالة وعدم وجود أي حلول جذرية لتحسين الواقع المعيشي وزيادة الرواتب والأجور، إضافة لغياب الحلول السياسية التي من الممكن أن تضع حداً لهذا الانهيار الاقتصادي.
أعمال خطيرة تهدد حياة المدنيين، منها “جمع الكمأة” التي قيل عنها أنها “لقمة مغمسة بالدم”، خاصة وأن مواقع نبات هذه المادة تقع في مناطق تنتشر فيها الألغام ومخلفات الحرب والعمليات العسكرية، إضافة إلى أن بعض المواقع تقع تحت نفوذ تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه الإرهابية، التي قامت بمجازر بحق المدنيين خلال الأشهر الماضية، حينما كانوا يبحثون عن هذه المادة لكسب قوت يومهم.
خلال شهر واحد.. 99 قتيلاً خلال البحث عن الكمأة
تقرير جديد “للشبكة السورية لحقوق الإنسان” كشف عن حصيلة القتلى خلال شهر واحد فقط، خلال أعمال البحث عن الكمأة، وقالت الشبكة انها وثقت مقتل 99 شخصاً خلال شهر آذار/مارس فقط، وأشارت إلى إن عدد الذين قتلوا أثناء بحثهم عن الكمأة يمثل قرابة نصف الضحايا المدنيين الذين تم توثيقهم في سوريا منذ مطلع عام 2023.
وجاء في تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن الشهر المنصرم شهد ارتفاعاً في حصيلة الضحايا مقارنةً ببقية الأشهر في عام 2023، حيث وثق التقرير مقتل 99 مدنياً بينهم 94 ضحية على يد جهات أخرى، أي ما يعادل 95% من نسبة ضحايا الشهر الماضي، لتصبح حصيلة الضحايا على يد جهات أخرى منذ بداية عام 2023 هي 258 مدنياً، أي أن ما يعادل 75% من ضحايا عام 2023 قضوا على يد جهات أخرى.
الضحايا بينهم أطفال ونساء
وبينت أن ذلك يعود لكثرة حالات القتل أثناء جني الكمأة، إضافةً إلى وقوع ضحايا جراء انفجار الألغام، كما تسبب الانفلات الأمني بالعديد من المناطق في وقوع الكثير من حوادث القتل بالرصاص من قبل جهات لم يتمكن التقرير من تحديدها.
وفقاً للتقرير، فقد شهدَ الشهر الماضي استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة من سوريا، حيث وثق مقتل 32 مدنياً بينهم 3 أطفال و4 سيدات، لتصبح حصيلة الضحايا بسبب الألغام منذ بداية عام 2023 هي 77 مدنياً بينهم 16 طفلاً و7 سيدات.
وأشار التقرير إلى أنَّ 7 مدنيين قضوا جراء انفجار لغم أرضي تمت زراعته من قبل جهة لم تتمكن من تحديدها وذلك أثناء قيامهم بالبحث عن “الكمأة”.
خلال 3 أشهر من 2023، مصرع أكثر من 170 مدنياً بمخلفات الحرب
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق خسائر بشرية فادحة في الربع الأول من العام الحالي 2023 جراء انفجار الألغام ومخلفات الحرب الأخرى بالسوريين، حيث لقى 102 شخص مصرعهم بينهم 27 طفلاً و3 سيدات، وأصيب 170 مدنياً بينهم 41 طفلاً، وغالباً أن النسبة الأكبر من هذه الحصيلة هم من عمال جمع الكمأة.
داعش أحد المسؤولين.. وتقاعس محلي ودولي لحل هذه المعضلة
كما كان تنظيم داعش الإرهابي مسؤولاً عن العديد من عمليات الإجرام بحق السوريين الباحثين عن قوت يومهم، حيث أعدم العشرات في البادية السورية خلال عملهم بجمع الكمأة، مع خطف آخرين، دون معرفة مصيرهم إلى يومنا هذا.
وفي ظل التقاعس المحلي في حل مشكلة الألغام، هناك تقاعس دولي واضح بشأن حل هذه المعضلة، وكان المرصد الدولي للألغام الأرضية، صنف سوريا في المرتبة الأولى كبلد سجل أكبر عدد من ضحايا الألغام عام 2021 متقدمة على أفغانستان.
إعداد: رشا إسماعيل