أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يقع على عاتق السلطات التركية، بما أنها سلطة احتلال، مسؤولية حماية المدنيين والممتلكات العامة والخاصة وحفظ الأمن والاستقرار في مناطق سيطرتها في شمال سوريا، إلا أن ما يحصل في الواقع من انتهاكات وجرائم وعمليات خطف واعتقالات بهدف طلب فديات مالية التي تقوم بها فصائل المعارضة، يضع تركيا أمام مسؤولية قانونية في ظل غياب أي محاسبة للجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات.
تحت مرأى السلطات التركية.. اعتقالات وخطف وطلب فديات مالية وغياب للقانون
العشرات من التقارير الدولية والأممية، أشارت إلى تغاضي القوات التركية التي هي “قوة وسلطة احتلال” عن ما تقوم به الفصائل الموالية لها ضمن المناطق الشمالية الشرقية والشمالية الغربية التي تسيطر عليها، حيث عمليات الخطف والاعتقال بتهم وحجج واهية بهدف الحصول على فديات مالية من ذوي المخطوفين والمعتقلين لإطلاق سراح أبنائهم، إضافة إلى الممارسات اللاقانونية بحق الأقليات إضافة إلى التهجير القسري والنهب والسلب تحت تهديد السلاح.
وطالبت هذه الجهات الدولية والأممية من تركيا، وقف الدعم عن الفصائل التي ترتكب الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، مشيرين إلى أن استمرار هذه الممارسات هي بسبب عدم وجود سلطة وقانون وغياب المحاسبة والمسائلة.
وليس الفصائل فقط من تقوم بعمليات الخطف والاعتقال بحق المواطنين السوريين، بل حتى الاستخبارات التركية، التي تقوم غالباً باعتقال كل من كان له صلة أو كان يعمل أو له أي ارتباط مع “الإدارة الذاتية” وخاصة في منطقة عفرين، ناهيك عن ما تقوم به قوات “حرس الحدود” بحق السوريين وكل من يقترب من الجدار الحدودي.
مطالب بمحاسبة “الجندرما التركية” على قتلها للسوريين
وفي حديث ما أصدر عن ممارسات القوات التركية والجندرما بحق السوريين، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، إن حرس الحدود التركي يُطلقون النار عشوائيا على المدنيين السوريين على الحدود، داعية أنقرة الى التحقيق في هذه الانتهاكات ومحاسبتهم.
وأكدت المنظمة أن الجنود الأتراك يُعذبون ويستخدمون القوة المفرطة ضد طالبي اللجوء والمهاجرين الذين يحاولون العبور إلى تركيا، وينبغي على الحكومة التركيّة فتح تحقيق ومحاسبة حرس الحدود المتورطين في هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات القتل غير القانونية، ووضع حد للإفلات من العقاب عن هذه الانتهاكات القائمة منذ فترة طويلة.
وقال مدير أوروبا وآسيا الوسطى لدى المنظمة هيو ويليامسون، أن عمليات القتل التعسفي للسوريين هي الأكثر فظاعة، وهي جزء من نمط وحشي تنتهجه الجندرما التركية ، دون أن تتصدى له الحكومة أو تحقق فيه بشكل فعال، ما تسبب بوفاة مئات السوريين منذ عام 2015.
خلال 2023.. 11 سورياً قتلوا برصاص الجندرما
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، كشف في تقرير له نشر قبل شهرين، حصيلة القتلى من المواطنين السوريين الذين سقطوا برصاص قوات “الجندرما”، وقال المرصد أن 11 شهيداً وقع واصيب آخرون بينهم نساء وأطفال خلال محاولتهم العبور إلى الأراضي التركية عبر الحدود.
وتوزعت مناطق الاستهداف في ريف رأس العين غرب محافظة الحسكة وبلدات وقرى ريفي حلب وإدلب الشمالي، وكلها عن طريق شبكات التهريب.
كما تعرض العديد من السوريين للاعتداء بشكل وحشي من قبل “الجندرما” وتم رميهم إلى الجانب الآخر من الحدود بعد تكسير عظامهم مما استدعى لنقلهم إلى المستشفيات، ومفارقة العديد منهم للحياة بعد ذلك.
وليس في 2023 فقط سقط ضحايا من المواطنين السوريين برصاص قوات “الجندرما” بل خلال سنوات الأزمة قتل واصيب الآلاف، ولم تفرق الرصاصات التركية بين طفل وامرأة مسن ورجل، بل كل من يقترب من الجدار هو “هدف مشروع” سواءً كان اقترابه كونه يريد اجتياز الحدود أو أن لديه أرض زراعية يعمل بها قريبة من الجدار الفاصل.
فصائل المعارضة تطلب الفديات المالية من ذوي المخطوفين والمعتقلين
أما فيما يتعلق بداخل الأراضي السورية، اعتقلت فصائل المعارضة إضافة للاستخبارات التركية العشرات من المواطنين السوريين، وسط تشابه التهم والحجج، بينما تتخذ فصائل المعارضة من هذه الممارسات التعسفية طريقة لجني الاموال، حيث يتم مطالبة ذوي كل شخص يتم اعتقاله بمبالغ مالية كبيرة وبالدولار الأمريكي، وفي حال عدم الدفع يتم تثبيت التهم بحق المعتقلين أو المخطوفين ويزج بهم في السجون لأعوام.
وتمارس فصائل المعارضة تحت مرأى السلطات التركية في الشمال، كل أنواع التضييق والترهيب بحق الأقليات وخاصة المواطنين الأكراد، وسبق أن قتل 4 مواطنين من عائلة واحدة عشية الاحتفال بعيد النوروز القومي للكرد في ناحية جنديرس بريف عفرين، وهو ما دفع بالمنظمات الحقوقية “كهيومن رايس ووتش” و “لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا” للتنديد بهذه “الجريمة” واعتبارها “جريمة حرب” إضافة “لجرائم أخرى قامت بها الفصائل في مناطق سيطرتها” كما ورد في تقارير هذه الأطراف الدولية، وطالبت تركيا كونها “سلطة احتلال” بتحمل مسؤولياتها بحماية المدنيين ووقف الدعم عن الفصائل التي تقوم بهذه الممارسات ومحاسبة الجناة والمسؤولين عنها.
إعداد: علي إبراهيم