أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – دفعت موجة إعادة العلاقات السورية العربية، ومساعي روسيا للتطبيع بين دمشق وأنقرة بعد صراع دام أكثر من 11 عاماً، المدنيين في مناطق شمال غرب سوريا للخروج في تظاهرات عارمة رفضاً لما أسموه “التطبيع مع الأسد”، وذلك في إشارة للدول العربية التي أعادت علاقاتها مع دمشق خلال الفترة الماضية.
بعد الزلزال.. العرب عادوا إلى دمشق
وخلال أقل من شهر، شهد الملف السوري تطورات كبيرة بعد سنوات من تجاهل العرب والمجتمع الدولي بسبب الحرب في أوكرانيا، إلا أنه وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في السادس من شباط/فبراير الماضي، بدأت دمشق تخرج من عزلتها شيئاً فشيئاً.
ولم يكن أحد يتوقع سرعة عودة العلاقات بين سوريا وعدد من الدول العربية، وعلى رأسها السعودية ومصر، مع مساعي لإعادة دمشق إلى مقعدها المعلق منذ 2011، في الجامعة العربية، عودة يبدو أنها ستتحقق رغم أنها ستتأخر لبعض الوقت حتى قبول بعض الدول كقطر واليمن والمغرب وغيرها عودة دمشق للمؤسسة العربية.
احتجاجات “لرفض التطبيع العربي والتركي” مع دمشق
وبعد دعوات لناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، تظاهر الآلاف في مدن شمال سوريا، الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة، وذلك رفضاً “للتطبيع العربي مع النظام” كما وصفوه، إضافة لرفض المساعي الروسية في إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة، حيث تخشى الأوساط الشعبية في الشمال الغربي السوري من أن يكونوا “كبش فداء” لهذا التطبيع، وتكرار سيناريوهات الجنوب وريف دمشق وحمص وغيرها في السنوات السابقة.
وتحدث ناشطون لوسائل إعلامية عن أن مشاركتهم في الاحتجاجات يجب أن تدفع بالدول العربية التي أعادت علاقاتها “بالنظام المجرم” حسب وصفهم، لتعليق وإيقاف التطبيع، مشيرين إلى أن سيواصلون الاحتجاجات لإيصال صوتهم للمجتمع الدولي بضرورة محاسبة “مجرمي الحرب” و “قتلة الشعب السوري”. في إشارة لقوات الحكومة.
“التطبيع يعني منح الشرعية”
وشدد المشاركون على أن “ثورتهم” مستمرة حتى ولو أعاد العالم علاقاته مع دمشق، وسيرفضون الصلح والتطبيع مع النظام الحاكم في سوريا، لافتين إلى أن التطبيع يعطي “شرعية” للحكومة في دمشق وهو تنازل للمجتمع الدولي عما حصل في سوريا من “جرائم وفظائع” حسب قولهم.
ويعيش في مناطق سيطرة المعارضة سواءً في إدلب وريف حلب، أكثر من 4 ملايين ونصف المليون سوري، وهو آخر الجيوب التي تسيطر عليها المعارضة، وتخشى من أن التطبيع العربي والتركي مع الحكومة السورية سيفتح الباب أمامها لشن عمليات عسكرية في هذه المناطق لاستعادة السيطرة عليها.
دول دعمت المعارضة السورية تصالحت مع دمشق
وقطعت الدول العربية والإقليمية والأجنبية علاقاتها مع الحكومة السورية بعد اندلاع الأزمة في 2011، وقدمت دول عدة على رأسها السعودية وتركيا دعماً كبيراً لفصائل المعارضة في محاربة الحكومة، إلا أن السعودية ودول الخليج قطعت هذا الدعم بعد سنوات من الحرب، بينما بقيت تركيا الوحيدة التي تدعم المعارضة السياسية والمسلحة، والتي كادت أن تطيح بالنظام الحاكم لولا التدخل العسكري الإيراني والروسي، والاتفاقيات التي حصلت في إطار مسار آستانا، التي قلبت الموازين لصالح دمشق واستعادتها السيطرة على ثلثي البلاد، بموافقة “الضامن التركي”.
ويتزامن الانفتاح العربي على دمشق مع تغيّر الخارطة السياسية في المنطقة بعد الاتفاق بين السعودية وإيران حليفة سوريا، لاستئناف العلاقات بينهما.
كسر عزلة دمشق.. ومساعي لإعادة سوريا للجامعة العربية
تلا ذلك زيارات عدة قام بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى دول عربية، على رأسها السعودية ومصر، إضافة لزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لدمشق، وهي الزيارة الأولى لمسؤول سعودي منذ اندلاع الأزمة والصراع على السلطة.
وكسر وصول بن فرحان إلى دمشق، جزءاً كبيراً من العزلة المفروضة على دمشق، وأزال حاجزاً جديداً على طريق التطبيع بين الرياض ودمشق، ورغم أن الرواية الرسمية للمملكة تشير إلى أن الانعطافة تأتي في إطار “استئناف الخدمات القنصلية”، تذهب جملة من المعطيات المفروضة إلى خلاف ذلك.
وكانت السعودية استضافت، اجتماع لدبلوماسيين من منظمة “مجلس التعاون الخليجي” إضافة إلى مسؤولين من الأردن والعراق ومصر، وذلك لبحث عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ولم يذكر بيانهم الختامي أي شيء بخصوص هذا الأمر، إلا أن البيان شدد على ضرورة الحل السياسي ووحدة الأراضي السورية وسيادتها ومكافحة التنظيمات الإرهابية على مختلف مسمياتها.
مخاوف من إلغاء المعارضة من أي تسوية سياسية
وتتعاظم مخاوف المعارضة من إلغاءها من أي جهود أو حلول سياسية، إضافة إلى تكرار سيناريو التسويات والمصالحات التي حصلت خلال السنوات الماضية، خاصة وأن هناك مساعي لإعادة تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، وكانت “هيئة التفاوض السوري” طالبت جميع الدول بتنفيذ القرار 2254 في أي تسوية سياسية سورية، وأشارت إلى أنها لا تتفهم سياسة واستراتيجية الدول التي تعيد علاقاتها مع دمشق.
وحذرت من أن إغلاق الملف السوري دون حل الأسباب التي أدت لمفاقمة الصراع ودون تطبيق المقررات الدولية وخاصة 2254، لن يفضي إلا لإطالة أمد الصراع وانتشار الإرهاب والمخدرات، وعدم الاستقرار.
إعداد: رشا إسماعيل