أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بالتزامن مع ما يحدث على الساحة السورية من عودة للعلاقات بين دمشق وبعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية، كشفت تركيا عن موقفها من “شروط القيادة السورية” والتي وضعتها دمشق لإعادة العلاقات مع أنقرة في حال تنفيذها، بينما لا يزال ملف عودة دمشق إلى الجامعة العربية معلقاً بين مساعي سعودية لنجاحها و موقف دول أخرى تعتبر أن العودة هي مجرد “تكهنات”.
تركيا تريد مفاوضات بدون شروط مسبقة
وبعد أن تم تأجيل “الاجتماع الرباعي” الذي كان من المفترض أن ينعقد خلال الأسبوع الجاري، على مستوى وزراء الخارجية، قالت تركيا أن شروط الحكومة السورية، ومن بينها الانسحاب العسكري التركي من شمال البلاد، غير مقبولة، وشددت على أن التفاوض يجب أن يتم دون أي شروط مسبقة.
وخلال مقابلة له مع قناة Habertürk الخميس، قال وزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو “إن الاتصالات مع سوريا ممكنة في المستقبل، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. ونحن لن نقبل بأي شروط مسبقة. ولن نقبل بشرط انسحاب قواتنا من أراضي سوريا من أجل التفاوض، إذ أننا سنغادر لتبدأ التهديدات ضدنا من جديد “.
وبشأن المحادثات الرباعية بشأن سوريا والتي تضم كلا من تركيا وروسيا وسوريا وإيران، قال تشاووش أوغلو إنه “من الضروري إحياء عملية التفاوض والعمل على إيجاد حل”.
ولم يسفر “الاجتماع الرباعي” الماضي الذي عقد على مستوى نواب وزراء الخارجية لدول “روسيا وتركيا وإيران وسوريا” عن أي نتائج سوى “الاتفاق على استمرار المفاوضات والاتصالات بشأن إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة”.
رحلة التطبيع بين دمشق وأنقرة ستكون طويلة
وكان سفير روسيا لدى دمشق ألكسندر يفيموف، كشف في وقت سابق عن تأجيل موعد انعقاد الاجتماع الرباعي إلى شهر أيار/مايو المقبل، وشدد على أن مسار تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا طويل ولا يمكن حل جميع الملفات والمسائل ومناقشتها في جولة واحدة أو أكثر من المفاوضات.
وكانت دمشق شددت على ضرورة تنفيذ تركيا لبعض الشروط للاستمرار في التفاوض وإعادة العلاقات ومنها “الانسحاب العسكري التركي الكامل من الأراضي السورية”، إضافة إلى “وقف دعم أنقرة للمعارضة سياسياً وعسكرياً” و “محاربة الإرهاب” مع “عدم تدخل أنقرة في الشؤون الداخلية السورية”، وهي شروط تكررت بشكل كبير على لسان المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد.
دعم العرب لدمشق سيقوي موقفها في وجه أنقرة
الرفض التركي لموقف دمشق، جاء بعد سلسلة أحداث وتطورات في الملف السوري، حيث استعادت دمشق علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع السعودية بعد أكثر من عقد على العداء، ودعم الرياض في بدايات الأزمة لفصائل المعارضة، وزار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الرياض، والتقى بنظيره السعودي فيصل بن فرحان، حيث أكد الطرفان خلال بيان مشترك على ضرورة الحل السياسي في سوريا وفق المقررات الدولية، ووضع الحد للتدخلات الخارجية، مع التنسيق في مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتنظيماته، كما جرى الاتفاق على استئناف الرحلات الجوية بين البلدين.
كما جاء الرفض التركي، عشية انعقاد مجلس التعاون الخليجي لجلسة بدعوى رسمية سعودية، حول مسألة إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، حيث ستشارك دول أخرى كمصر والأردن والعراق في الاجتماع، كون هذه الدول مرتبطة بالأزمة السورية، بحسب ما نقلته وسائل إعلامية عن “مسؤولين عرب”.
وتدرك أنقرة جيداً أن عودة سوريا إلى الحضن العربي في هذا التوقيت بالذات سيقوي من موقفها بشكل كبير في المفاوضات لاستئناف العلاقات بشكل كبير، إضافة لاحتمال تعرض أنقرة لضغوطات عربية وخاصة من قبل دول استعادت علاقاتها بها مؤخراً، كالسعودية والإمارات، للانسحاب من سوريا، حيث تريد تركيا استئناف العلاقات مع دمشق دون شروط مسبقة وبقاء كل شيء على ما هو عليه في الشمال.
“الحليف العربي” لأنقرة يرفض عودة دمشق للجامعة العربية
يشار إلى أن قطر، أحد أقرب حلفاء أنقرة العرب، لاتزال تصر على موقفها من عودة سوريا إلى الجامعة العربية، حيث كشفت على لسان وزير خارجيتها في وقت سابق، أن عودة سوريا للجامعة العربية “سابق لأوانه”، وقال أن موقف بلاده لم يتغير من السلطة في دمشق، معتبراً أن ما عودة دمشق لمقعدها “مجرد تكهنات”.
وتشير أوساط سياسية إلى أن تدخل العرب في المسألة السورية قد يكون مفيداً جداً للحل، ووضع الحلول السياسية السورية على السكة الصحيحة، مشددين أن عودة دمشق للحضن العربي سيكسر الاستفراد الروسي التركي الإيراني بهذا الملف، وقد يدفع هذه الأطراف لتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة وخاصة القرار 2254.
إعداد: ربى نجار