أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كان من المفترض أن تشهد العاصمة الروسية موسكو يوم الخميس الـ16 من آذار/مارس الجاري، اجتماعاً “رباعياً” يضم نواب وزراء الخارجية لكل من “روسيا وتركيا وإيران وسوريا”، إلا أن الاجتماع تم تأجيله لأسباب قيل أنها “فنية”، تزامن ذلك مع الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد والتي كان ملف إعادة العلاقات والتطبيع مع أنقرة على رأس المباحثات الثنائية مع الرئيس فلاديمير بوتين.
“لأسباب فنية”.. “الاجتماع الرباعي” لإشعار آخر
وقال مصدر بوزارة الخارجية التركية، الخميس، إن اجتماع نواب وزراء الخارجية للأطراف الأربعة الذي كان مقرراً عقده في موسكو، أرجئ إلى موعد غير محدد، ولم يذكر المصدر إلا أن الاجتماع تأجل “لأسباب فنية” دون الخوض بأي تفاصيل أخرى. جاء ذلك بعد وصول الوفد التركي برئاسة نائب وزير الخارجية بوراك أكجابار إلى موسكو.
وكانت روسيا وإيران أكدتا انعقاد الاجتماع في موعده المحدد، وذلك بعدما نشرت صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة السورية نقلاً عن مصادر أسمتها “بالمطلعة” بأن دمشق رفضت الحضور، وأن مشاركتها “بالاجتماع الرباعي” يجب أن يكون مرتبط بضمانات من قبل تركيا منها “الانسحاب العسكري من الأراضي السورية وكف الدعم عن الإرهاب” أي المعارضة السورية بشقيها العسكرية والسياسية، بحسب قولهم.
الأسد يصر على الانسحاب التركي قبل أي لقاء مع أردوغان
كما تأتي هذه التطورات بعد تصريحات أدلى بها الرئيس السوري بشار الأسد في زيارته لموسكو، حيث قال في مقابلة أجرتها معه وكالة “سبوتنيك” الروسية “بالنسبة للقاء مع الرئيس أردوغان، فهذا مرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح وبدون أي التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم الإرهاب، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب في سوريا”.
وأضاف الرئيس السوري أن ما يحدث الآن من خلل أمني سببه “السياسات التركية وتحديداً سياسة أردوغان”، مشيراً إلى أن الأولوية عند أردوغان هي الانتخابات ولا شيء آخر، أما بالنسبة لسوريا فالأولوية هي للانسحاب واستعادة السيادة.
ولفت إلى أن موضوع الانسحاب التركي من سوريا سيحقق الفوز لأردوغان في الانتخابات القادمة فليس لديهم مشكلة، وشدد أن الانسحاب الكامل من سوريا هو الأهم قبل أي حديث للجلوس مع أنقرة، وتابع أنه لم يتم طرح أي شروط للقاء أردوغان، معتبراً أن “الانسحاب من سوريا” هو موضوع وطني وليس سياسي.
وأصر الرئيس الأسد على وجود جدول أعمال واضح مع تركيا أو أن تقوم تركيا بالتأكيد على بند الانسحاب ليتم اللقاء بين دمشق وأنقرة، وقال “دون الانسحاب لن يتم أي لقاء”.
وتزامن موعد عقد الاجتماع (الذي لم يعقد) وزيارة الرئيس السوري إلى موسكو مع الذكرى السنوية الـ12 لبدء الأزمة السورية، مع تحركات حثيثة قامت بها روسيا خلال الفترة الماضية تهدف لإعادة العلاقات وتطبيع العلاقات بين الرئيسين الأسد وأردوغان، وذلك بعد قطيعة سياسية دامت لاكثر من 12 عاماً بسبب دعم أنقرة اللامحدود للمعارضة السورية التي كادت تطيح بالنظام الحاكم وسيطرت على معظم مناطق البلاد، لولا التدخل العسكري الإيراني والروسي والذي غير موازين القوى لصالح دمشق من خلال “مسار آستانا” الذي أطلق في 2017.
يشار إلى أن العلاقات الثنائية السورية التركية لم تنقطع بشكل كامل خلال سنوات الحرب، حيث استمر الجانبان في عقد اجتماعات من الجانب الأمني، وهو ما لم ينكره البلدين، وكانت موسكو ترغب بتطوير هذه الاجتماعات لترتقي لمستويات أعلى وصولاً للقاء بين وزيري خارجية البلدين الذي سيمهد للقاء الأسد بأردوغان.
هل لإيران علاقة بالإصرار السوري .. وما موقف روسيا ؟
وترى أوساط سياسية أن إصرار الأسد على تلبية أردوغان لشرط “الانسحاب من الأراضي السورية” ووقف الدعم عن المعارضة سياسياً وعسكرياً، هو بالأساس مطلب إيراني، مشيرين إلى أن إيران نفسها حملت هذه الشروط إلى أنقرة في زيارة قام بها وزير الخارجية عبداللهيان قبل أشهر في إطار عودة العلاقات، إلا أن تركيا رفضت بحجة “أن تواجدها العسكري في سوريا يحمي أمنها القومي ويحفظ وحدة الأراضي السورية”.
كما تؤكد هذه الأوساط السياسية، أن الهدف الروسي من إعادة العلاقات بين الأسد وأردوغان، هو لخدمة أردوغان نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث تعتقد موسكو أن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق ستصب في مصلحة بقاء أردوغان في الحكم، واستمرار العلاقات التركية الروسية وعدم مشاركة أنقرة (بنظام حاكم جديد) في العقوبات الغربية ومخاصمة موسكو، مشددين أن حل الأزمة السورية لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بملف عودة العلاقات.
واستفردت روسيا وتركيا وإيران بالملف السوري في ضوء الغياب الدولي والعربي عن هذا الملف، وهو ما أثر بشكل سلبي على الحلول السياسية واستمرار الصراع، كون لكل طرف من هذه الأطراف أجندات وغايات وأهداف خاصة في سوريا، لا تمد للسوريين وتطلعاتهم وآمالهم بأي صلة.
إعداد: رشا إسماعيل