أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يتفق المجتمع الدولي من بينه، دول التحالف، والمؤسسات الأممية، باستمرار خطورة تنظيم داعش الإرهابي، حتى مع الضربات الكبيرة التي تلقاها التنظيم والتي بدأت بفقدانه للأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وبعدها إعلان النصر العسكري عليه من قبل قيادة التحالف الدولي في سوريا بآذار/مارس 2011، ومقتل أمراء التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي، و إبراهيم القرشي.
هل كان التحالف على خطأ ؟
الأعوام التي تلت إعلان “هزيمة داعش جغرافياً” شهدت بعض النشاطات للتنظيم، حتى وصل الحال بقيادة التحالف للقول إن داعش فقد معظم قوته ولم يعد قادراً على تنفيذ هجمات كبيرة أو احتلال المدن والمناطق، لكن يبدو أن عام 2022، سيغير من وجهة نظر التحالف، التي كانت خاطئة منذ البداية، حيث كان هدوء نشاط التنظيم ليس عدم قدرته على تنفيذ هجمات، بل كان إعادة تنظيم الصفوف واستجماع قوة.
“2022 العام الأكثر دموية للإرهاب”
نشاط تنظيم داعش وخلاياه النائمة بدأ بنسق تصاعدي خلال 2022، وهو العام الذي وصف “بالأكثر دموية” نتيجة الهجمات الدموية التي نفذها داعش ضد قوات الحكومة السورية وسوريا الديمقراطية “قسد” في مناطق البادية السورية وشمال شرق البلاد.
إضافة لذلك كان مخيم الهول شرق مدينة الحسكة إحدى أكثر الأماكن التي شهدت نشاطاً للتنظيم الإرهابي وخلاياه النائمة، ما دفع بالقوات العسكرية لتنفيذ حملة أمنية داخله أسفرت عن “إفشال هجوم لداعش من داخل المخيم على النقاط العسكرية المحيطة”.
“إفشال هجوم على مخيم الهول”
وخلال شهر من العمليات الأمنية داخل مخيم الهول، قالت القوات العسكرية والأمنية التابعة “للإدارة الذاتية” أنهم ألقوا القبض على أكثر من 220 عنصراً من خلايا داعش إضافة لعثورهم على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات التي كان التنظيم يجهزها لشن هجوم من داخل المخيم.
وبعد انتهاء الحملة بيومين، أعلنت قسد عن إفشال هجوم كبير لداعش من الخارج على مخيم الهول، حيث كان داعش سيفجر سيارتين بالمخيم وتقوم خلاياه بالهجوم، في تكرار سيناريو “هجوم سجن الصناعة” قبل أشهر.
هجوم “سجن الصناعة” كان إعلان داعش بالعودة
وكان تنظيم داعش الإرهابي شن هجوماً هو الأكبر منذ إعلان هزيمته جغرافياً على سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة في كانون الثاني/يناير من العام الجاري، حيث كان الهدف تهريب قادة التنظيم الأجانب ونقلهم للمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة، بحسب اعترافات عناصر داعش الذين ألقي القبض عليهم.
واستمرت هذه المعارك لأيام طويلة، انتهت بإفشال الهجوم الواسع بالتعاون مع التحالف الدولي، لكنه خلف العشرات من القتلى والإصابات بين صفوف القوات العسكرية، ومن عناصر التنظيم الإرهابي أيضاً.
كما أكدت القوات العسكرية أن الهجوم كان يهدف “لاحتلال الحسكة” وجعلها “عاصمة جديدة لداعش” ومنطلقاً لهجماته في المناطق السورية الأخرى والدول المجاورة، وبعدها كان التنظيم يخطط للهجوم على مخيم الهول ومراكز الاحتجاز.
عمليات تنظيم داعش خلال 2022 في سوريا – مناطق الإدارة الذاتية
المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره نشر تقريراً مفصلاً حول نشاط تنظيم داعش في سوريا، حيث قال أن خلايا التنظيم لاتزال تتحرك في المناطق النائية وتختبئ في أماكن جبلية، وتنفذ هجمات ضد القوات العسكرية.
وفي تقرير المرصد السوري، أحصى تنفيذ داعش لـ 163 عملية في مناطق “الإدارة الذاتية” منذ بداية 2022، حيث يركز داعش اعتداءاته عن طريق الهجمات المسلحة والاستهدافات المخططة والتفجيرات العشوائية.
ووفقا لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر 124 قتيلا، بينهم 47 مدني، من ضمنهم سيدتان وطفل، و77 من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي وتشكيلات عسكرية أخرى عاملة في مناطق الإدارة الذاتية.
داعش في مناطق سيطرة الحكومة السورية
أما فيما يخص مناطق سيطرة الحكومة، وتحديداً البادية السورية، فقد كانت هجمات التنظيم عبر نصب الكمائن واستهدف القوات العسكرية في بادية الرصافة ومحيط جبل البشري بريف الرقة ومحور آثريا ومحاور أخرى بريف حماة الشرقي بالإضافة لبادية السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي، وبادية دير الزور فضلاً عن الحدود الإدارية بين الرقة ودير الزور.
وقال المرصد أنه وثق مؤخرا 12 عملية لعناصر التنظيم، خلفت 29 قتيلاً من عناصر قوات الحكومة السورية والمجموعات المسلحة الموالية لإيران من جنسيات سورية وغير سورية.
وبلغت حصيلة القتلى خلال العمليات العسكرية ضمن البادية السورية وفقا للمرصد 360 قتيلا منذ مطلع العام 2022، 152 من عناصر تنظيم داعش، قتلوا باستهدافات جوية متفرقة من بادية حمص والسويداء وحماة والرقة ودير الزور وحلب.
و208 من قوات الحكومة والجماعات الإيرانية المسلحة، جميعهم قتلوا في 80 عملية لعناصر التنظيم، بالإضافة لمقتل 4 مواطنين بهجمات التنظيم في البادية.
داعش في جنوب سوريا
نشاط التنظيم لم يقتصر فقط على البادية والشمال الشرقي، بل امتد للجنوب أيضاً، حيث شهدت محافظة درعا تحركات لخلايا التنظيم الإرهابي، أبرزها في مدينة جاسم، ما دفع بالفصائل المحلية خلال الشهر الجاري لشن حملة أمنية ضدهم وإفشال تحركاتهم.
ولم تستطع قوات التحالف الدولي وقسد من جهة وروسيا وقوات الحكومة السورية من جهة أخرى، على الرغم من عشرات الحملات الأمنية ضد داعش من القضاء عليه أو التقليل من نشاطه، وهو ما “دق ناقوس الخطر” لدى الكثير من الأطراف من عودة مشابهة لداعش كما حصل في بداية ظهوره في 2014، عندما كانت المدن تسقط بيد التنظيم تباعاً ودون مقاومة.
إعداد: علي إبراهيم