دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

12 عاماً على الحرب في سوريا.. غياب الحلول السياسية نتيجة استفراد بعض الأطراف وغياب الدور الدولي والعربي

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تغيب الحلول السياسية للأزمة السورية حتى بعد مضي 12 عاماً على بداية الصراع الذي سرعان ما تحول “لصراع مسلح” بين الحكومة والمعارضة.. حلول سياسية توافق المجتمع الدولي على نصوصها في قرار سمي بـ “2254” ورفضته أطراف الصراع على السلطة، بينما نادوا باسمه كلهم إعلامياً فقط، وفي الواقع كل منهم يعمل لصالح الطرف الذي يدعمه.

سوريا بعد 12 عاماً من الحرب

عشرات المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات رفيعة المستوى حصلت في مؤسسات الأمم المتحدة والأروقة الدولية والتي كان الهدف منها “حل الأزمة السورية” إلا أنها لم تنجح في فعل شيء، كما أن للتدخلات الخارجية في هذه الأزمة كان لها دور كبير في ديمومتها ومفاقمتها وما تبعتها من سقوط مئات آلاف الضحايا والمصابين وتشريد الملايين من بيوتهم سواءً في الداخل والخارج.

سوريا تعيش حالة مزرية وعلى جميع الصعد بعد 12 عاماً من بداية الأزمة، حيث انهار اقتصاد البلد الذي كان ربما الوحيد في المنطقة الذي لم يكن مديوناً للخارج، حيث تقارب العملة المحلية الآن حاجز الـ7900 ليرة لكل دولار واحد لأول مرة في تاريخ البلاد، كما أن الشعب السوري بات يعيش أكثر من 85 بالمئة منه تحت خط الفقر، خاصة مع تدني الأجور والرواتب وارتفاع الأسعار، زاد من ذلك الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير الماضي، وكشف عن الوجه الحقيقي لأطراف الصراع وعدم اكتراثهم لحياة السوريين، ناهيك عن انتشار الأمراض والأوبئة في ظل منظومة صحية شبه منهارة.

استمرار الحرب.. ودور “ثلاثي آستانا”

أما على الصعيد العسكري، فإن أطراف الصراع وبعد كل هذه السنوات يبدو أنها لم تعجز من هدير أصوات المدافع والصواريخ وإراقة الدماء، حيث لاتزال الحروب مستمرة في الشمال بعد أن كبحتها الاجتماعات بين “ثلاثي آستانا” (روسيا وتركيا وإيران) – الدول الأكثر تدخلاً في الأزمة، في الجنوب وإبعاد المعارضة عن قلب العاصمة دمشق، التي كادت أن تسقط الحكم بمساندة الأتراك لولا التدخل العسكري الإيراني وبعده الروسي لصالح الحكومة والتي قلبت الموازين رأساً على عقب، ونقلت الصراع إلى الشمال.

وتعتقد أوساط سياسية أن استفراد روسيا وتركيا وإيران ضمن إطار “مسار آستانا” الذي يلبي فقط تطلعات هذه الأطراف دون غيرها، هي السبب في استمرار الأزمة السورية، وخلق صراعات جديدة، حيث تريد تركيا سماح موسكو وطهران لها بالدخول العسكري للشمال الشرقي للقضاء على الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، بينما تطلب حلفاء دمشق من تركيا تسليم مناطق المعارضة لدمشق لتعزيز سلطتها.

هذه الصراعات في الشمال، تتزامن مع عودة نشاط تنظيم داعش الإرهابي بعد إعلان الانتصار العسكري عليه في 2019، وتهديده للمناطق السورية مجدداً، خاصة مع وجود “جيش حقيق قيد الاعتقال في السجون ومراكز الاحتجاز”، والذي في حال فرارهم بأي شكل من الأشكال فإن البلاد ستكون أمام موجة إرهاب جديدة ولعلها تكون أقوى من تلك التي في 2014.

الصلح بين الأسد وأردوغان هل سيفيد سوريا ؟

وبالتزامن مع الذكرى السنوية الـ12 للأزمة السورية، هناك تحركات جديدة في إطار دول “آستانا”، حيث تريد روسيا عقد صلح وإعادة تطبيع العلاقات بين الحكومة السورية والتركية، وأعلنت موسكو عن موعد انعقاد “اجتماع رباعي” قريباً، في ظل ما تم تسريبه بأنه “شروط لدمشق” لارتقاء المحادثات مع أنقرة للمستوى السياسي، وعلى رأس هذه الشروط “الانسحاب الكامل من الأراضي السورية ووضع جدول لذلك”، إضافة لقطع الدعم التركي عن المعارضة بشقيها سياسياً وعسكرياً؛ حتى الجلوس مع أنقرة على الطاولة في موسكو.

وتزامناً أيضاً مع ذكرى بداية الأزمة، أجرى الرئيس السوري بشار الأسد أول زيارة علنية إلى موسكو التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي يبدو أنها لحث الأسد على التطبيع مع أنقرة بعيداً عن ما تعتبره روسيا “شروط إيرانية”، حيث أن كل ما ذكر من شروط على لسان مصادر مطلعة نقلتها صحيفة “الوطن” سبق وأن تحدثت عنها طهران خلال زيارة لوزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان إلى أنقرة للتوسط لإعادة العلاقات مع دمشق.

أسباب الإلحاح الروسي.. وهل سيقود ذلك للحل ؟

ولا شك في أن موسكو تريد تنظيم عملية مصالحة بين دمشق وأنقرة، حيث أن ذلك سيظهر الثقل الدبلوماسي لروسيا على الصعيد العالمي رغم العزلة التي تواجهها من الدول الغربية منذ بدأ الحرب في أوكرانيا.

يشار إلى أن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال الأربعاء، أن “العلاقات بين تركيا وسوريا ستتأثر بالتأكيد بشكل أو بآخر بالمناقشات بين بوتين والأسد”.

ولا يعتقد السوريون أن عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة سيكون له تأثير كبير على حل الأزمة السورية، بل على العكس تماماً، مشيرين إلى أن الرئيس الروسي يريد بقاء الرئيس التركي على كرسي الحكم كيلا تأتي سلطة أخرى لعلها تمسك بيد أوروبا في مخاصمة موسكو وتضييق الخناق عليها، مشددين أن موسكو تنظر في عودة العلاقات بين الأسد وأردوغان ضمانة ببقاء الأخير على السلطة، وهو ما تريده موسكو وهو الهدف من كل ما يجري لعودة العلاقات.

ويرى السوريون أن الحل في البلاد يكمن بين السوريين وحدهم بمساعدة أطراف تريد حقاً إنهاء الأزمة والصراع على السلطة تحت مراقبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة وبالتأكيد من خلال دور عربي فعال، ووفق القرارات ذات الصلة وخاصة 2254، أما دون ذلك فهو مفاقمة لمعاناة السوريين واستمرار الحرب لسنوات قادمة.

 

إعداد: علي إبراهيم