باسل كويفي
عندما يصبح الفن والعلوم والمعرفة الانسانية في مقدمة الاولويات العالمية، مع الاهتمام الجاد بالعلوم التقنية لتأثيرها المباشر على الانسان والطبيعة والحياة .. ولا يوجد تحفيز او ابداع انساني الا بوجود الاختلاف وحرية الفكر والتعبير، ويتجلى هذا الأمر بالتغيير عبر الأنشطة السياسية والعمل الإعلامي والثقافي، كما أن التحول الفكري وتغيير التوجه السياسي أمر “مفهوم” (ليس بالضرورة مُبرر ) لأسباب مختلفة قد تكون نابعة من تغير الوعي أو منعطف بالحياة أو لمصالح شخصية أو عامة .
هناك مرض اصاب الجسد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والانساني العالمي، علينا معرفة الاسباب والمسببات وارتداداتها على المستويين الاقليمي والدولي، للاستفادة منها في بناء السلام والاستقرار والمصالحات الحقيقية والمستدامة المرتكزة على الشفافية والوضوح ونبذ سياسات التطرف والإرهاب والتدخل …
أن الكثير منا يعزفون عن إعمال العقل بشأن القضايا العامة، ربما السبب هو عقدة العديد من القضايا العامة وصعوبة الإلمام بتفاصيلها، او الانطباعات المسبقة باستحالة بناء الرأي حول قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية .. تعتمد التغيير الحقيقي والجدي للسياسات المتداولة توازياً مع سلسلة متغيرات دولية بدأت معالمها منذ احداث أيلول / سبتمبر 2001
لا الصمت حكمة، ولا الجعجعة حكمة، في نفس الوقت فان التريث يفتح المجال لآخرين لرسم رأي عام وفق هدف محدد، فهناك من يصطاد في الماء العكر بأية أزمة، وبالتالي علينا عدم الصمت كي لا يستغل الجدل المتطفلون والانتهازيون.
في هذا الصدد، تأتي استقالة رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، رسميا من حزب العدالة والتنمية الحاكم وجنرالات من الجيش في تركيا، وسط اجواء سياسية تشهد تخبط بالمواقف وتضخم اقتصادي وتذمر اجتماعي تتضح معالمه من ملف اللاجئين السوريين وتسييسه بعيدا عن الادعاءات الانسانية عبر التهديد بفتح الحدود مع أوروبا، استكمالا لابتزاز الأوروبيين في الحصول على مزيد من المساعدات والدعم للمناطق الآمنة في شمال سورية.
فيما تبدو قضية اقالة بولتون (رمز سياسة الحرب والاعتداء والإخضاع) من منصبه مستشار الامن القومي لأسباب سياسية خلافية مع الرئيس الامريكي ترامب ووزير الخارجية بومبيو، تحضيرا لانتخابات الرئاسة العام المقبل والذي يسعى ترامب للفوز بها عبر معالجة ملفات كبيرة تحمل بصمته وتوقيعه، منها كوريا الشمالية وإيران والشرق الاوسط وفنزويلا وأفغانستان والتحرشات التجارية مع الصين …
من جانب اخر أوضحت نتيجة الانتخابات الاسرائيلية فشل رهان نتنياهو لتشكيل حكومة من اليمين بالرغم من إعلانه ضم غور الاْردن كدعاية انتخابية فاقدة لفحواها القانوني ومتعدية على الحقوق العربية التي ضمنتها قرارات الامم المتحدة (في هذا الوقت تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاتها بنيويورك بحضور معظم زعماء وقادة العالم ) ومجلس الامن الدولي والتي بقيت حبراً على ورق حفاظاً على الكيان الصهيوني وسط تراخي دولي متجدد، وقد يكون تطبيق هذه القرارات بإضافة نكهات من صفقة القرن، المخرج الدولي القادم لحل النزاع والصراع في المنطقة .
قمة انقرة منتصف الشهر الحالي بين رؤساء الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) جولة جديدة تضاف إلى القمم السابقة حول سوريا، والحل السياسي فيها، وسط خرق جديد هذه المرة بالتوصل إلى اتفاق على الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية بما يتوافق مع القرار الاممي 2254 كذلك تم بحث ملفات إدلب وشرق الفرات، مجددين التزامهم بوحدة الأراضي السورية وسيادتها.
في سابقة خطيرة بالخليج العربي بعد الهجوم على منشأتين حيويتين “أرامكو” أسفر عن وقف المملكة العربية السعودية أكثر من 50% من إنتاجها النفطي، وسط اتهامات متبادلة بالمسؤولية عن الهجوم،
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أعلن أن بلاده ستقدم إلى الأمم المتحدة خطة للتعاون الإقليمي لضمان أمن الخليج، مشيراً إلى أن وجود قوات أجنبية في الخليج يؤدي إلى تفاقم “غياب الأمن”، بحسب تعبيره.
وأفادت وكالات أنباء عالمية أن السعودية تعتزم تقديم أدلة خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع على مسؤولية إيران عن الهجوم على “أرامكو”.
يُذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد صرح إنه يمارس أقصى درجات ضبط النفس تجاه إيران.
في تونس تمخضت الانتخابات الرئاسية عن دورة تكميلية نجح فيها مرشحان الاول فيهما خارج إطار التنظيمات الحزبية وسط مناخ ديموقراطي وشفاف يوحي بمستقبل واعد.
كما تم الإعلان عن الموعد النهائي للانتخابات الرئاسية في الجزائر أواخر العام الحالي، املين ان يختار الشعب الجزائري الشقيق قيادته الجديدة ويستمر في مسيرته نحو السلام والاستقرار والتنمية.
اما في السودان الذي بدء مرحلة التعافي فبعد عقدين من العنف والاف الضحايا، ينطلق بقيادته الجديدة للتوصل إلى إتفاق مع الحركات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والتفاوض حول سلام شامل فى البلاد، يتيح الحفاظ على وحدة البلاد ويجنبها المزيد من الانقسامات ويساعد على الاستقرار.
على الصعيد الداخلي …
ماذا لو أن الإنفاق الحكومي أدَّى إلى زيادة فعالية جهود الحد من الفقر والجهل وتحسين القدرة على التكيف بالأزمات وزيادة فرص الأعمال، وتحسين مستويات التغذية؟ من المستفيد ومن سيخسر ..
بالتأكيد المستفيد هو الشعب بجميع مواطنيه، والخاسرين هم الفاسدين والمفسدين، حيث الشمولية والإقصاء تهيء التربة والمناخ اللازمين لنمو بذرة الفساد وانتشاره في ظل ترهل المؤسسات , وسوف يستحيل مكافحة الفساد في غياب أجهزة رقابية وسلطة قضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية, ووضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد .
حل الموضوع ببساطة ؛ تطبيق العدل والقانون، وتفعيل دور المجتمع المدني والإعلام المعاصر والحديث ؛ في «التقصي والبحث عن الحقيقة» بحرية وشفافية وحيادية …
وبناء على ذلك نعتقد في البداية ضرورة تعزيز نزاهة القضاء والعدالة والمحاسبة، حيث تعتبر نزاهة القضاء شرطا أساسيا للتصدي للفساد وتحقيق السلام والاستقرار، وهو هدف مرهون بتحقيق تنمية مستدامة للوصول إلى مجتمعات مسالمة ومؤمنة بسيادة القانون، ويمتد إلى منع الجريمة في المجتمع فضلا عن توفير التعليم من أجل العدالة.
كما أن القضاء هو عماد السلطات الثلاث لكيان الدولة، حيث لا يمكن تصور رقي وتقدم دولة ما مالم تكن سلطتها القضائية متقدمة في إصدار أحكامها، وللوصول لأحكام قضائية عادلة لابد من تحقق نزاهة القضاء، المرتبطة مع استقلال السلطة القضائية واستقلال المحامين.
وهي الطريقة النهائية والجبرية لانقضاء الخصومة على أن تحقق هذه الطريقة العدل (ما يحقق المصالحة الوطنية) وتعني إجراءات واحكام قضائية عادلة حيادية منزهة عن كل ما قد يشوبها من عيوب سواء كانت عيوب تعسفية أو تقديم مصلحة طرف على اخر.
إن إصلاح القضاء هو أحد مقومات التماسك الاجتماعي والانتقال الديموقراطي وتعزيز وتفعيل الشفافية والعمل المؤسسي.
علينا تعزيز التشريعات الخاصة بمبادئ حقوق الإنسان وحسب المعايير الدولية انطلاقا من قناعة راسخة أن الأمن القضائي عامل أساسي في توفير الأمن الاجتماعي والاستقرار المستدام وحماية المجتمع من كلّ أنواع الاجرام والآفات الخطيرة ومنها آفة الفساد،
ان دولة القانون لها وحدها أن تصون حريات وحقوق كل سوري وسورية وتحقيق المصالحة العامة وجبر الضرر ومعالجة ملفات المختطفين والمعتقلين …
في سبيل تقوية الوحدة الوطنية وبناء الثقة والتقدم في مسار الديمقراطية،
ان النهوض بسيادة القانون، أمر أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي المطرد الشامل للجميع، مع مواكبته للتنمية المستدامة والمتوازنة، مع ما يترتب من مسؤولية مجتمعية في عالم الأعمال للشركات التي يجب أن تكون مُلهمة، لمواجهة التحديات الهائلة في القرن الحادي والعشرين.
فإرادة الشعوب دائما هي التي تنتصر ..
الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة أوغاريت بوست