أثارت حملة إزالة الغابات من قبل الجيش التركي في المناطق الحدودية لكردستان العراق ضجة عامة وأثارت قلقا واسعا بخصوص تدمير البيئة.
مع استهداف العمليات العسكرية التركية لمقاتلي حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق، فإن بيئة المنطقة تقع فريسة لحملة إزالة الغابات التي تهدف إلى شق طرق لصالح البؤر العسكرية التركية وكذلك في سبيل المكاسب الاقتصادية، وفقًا لعدد من المسؤولين وشهود العيان الذين تحدثوا إلى الموقع البريطاني.
انتشرت على مدار الأسبوع الماضي تقارير عن قطع الأشجار التركية في محافظة دهوك على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استنكر الناس ذلك وطالبوا الجيش التركي بوقف الحملة.
نقل الخبر لأول مرة علي حمه صالح، النائب في برلمان إقليم كردستان، الذي نشر لقطات وصور للأشجار المتساقطة والغابات المحروقة.
وقال صالح للموقع: “لقد عبر الجيش التركي الحدود مسافة 50 كم لبناء طرق من أجل ربط المواقع العسكرية التي أقيمت هناك”.
وأضاف أن الجيش التركي “دمر وشوه طبيعة إقليم كردستان، وتحديداً في زاب وأفاشين ومتينا وبدليس”.
صور الأقمار الصناعية
لربط مواقعها العسكرية، التي يُقال إن عددها يزيد عن عشرين في كردستان العراق، أفادت تقارير أن تركيا تقوم منذ سنوات بإزالة الغابات في مواقع عملياتها إما عن طريق قطع الأشجار أو حرقها.
تُظهر صور الأقمار الصناعية التي تمت مشاركتها عبر الإنترنت أن تركيا تقوم بإزالة غابات دهوك لبناء طرق مختلفة.
في سلسلة من التغريدات، قدم ويم زوينبورغ، محلل النزاعات والبيئة في منظمة السلام الهولندية “PAX”، صورًا من الأقمار الصناعية تقارن عملية إزالة الغابات بين عامي 2020 و 2021.
قال طارق عصمت، مختار قرية نزور، لموقع:” إن إزالة الغابات تحدث منذ سنوات”.
واضاف “هذا ليس بجديد، تركيا تفعل ذلك منذ ما يقرب من 10 سنوات، ولكن ببطء وتدريجي، ومؤخرا شيدوا طريقين جديدين يؤديان إلى شرناخ”.
وقال كاوا صبري، مدير غابات محافظة دهوك للموقع، إن تركيا كثفت حملتها لإزالة الغابات منذ ما يقرب من عام.
وقال صبري “تم قطع الأشجار على نطاق واسع العام الماضي، لكن تم إيقافه بعد تدخل وتحذيرات عديدة للحكومة التركية”.
أفادت قناة رووداو الكردية، أن تركيا أقامت أكثر من 70 كم من الطرق في إقليم كردستان عبر شركة مرتبطة بالجيش التركي.
وقال شيخموس بابات، أحد المقاولين في الشركة: “قمنا ببناء طريق في حفتانين يمتد 74 كم داخل العراق، وشيدت شركة أخرى طريقاً بطول 38 كم بين قرية أشيت وجبال كيستا”.
صعوبات التحقق
يقول الخبراء والمسؤولون إن المناطق المحتمل تأثرها هي مناطق حرب، مما يجعل من الصعب التحقيق في الأضرار، لذا فإن أي تقييم يتم نشره هو تقدير تقريبي.
وقال صبري “لا يمكن السماح لأحد بالذهاب إلى هناك نظرا لوجود عمليات عسكرية هناك”.
ومع ذلك، يمكننا القول إن 5000 دونم دمرت إما عن طريق الضربات الجوية أو عن طريق قطع الأشجار المتعمد.
وفقًا لبيانات حكومة إقليم كردستان، يوجد في محافظة دهوك 170 ألف هكتار من الغابات الاصطناعية والطبيعية.
وقال النائب صالح: “المناطق مكان نزاع، من الصعب الذهاب إلى هناك وفتح تحقيق في الأمر”. لكنه أضاف أنه “بعد فحص دقيق وسؤال السكان المحليين، علمنا أن الشركات المسؤولة عن قطع الأشجار تقوم بنقل 450 طنًا من الأشجار إلى تركيا يوميًا”.
وقال أيضا إن غابات بالقرب من المواقع العسكرية احترقت لتسهيل التحركات.
ونشر هيفيدار أحمد، عضو البرلمان في إقليم كردستان، عددًا من الصور التي أظهرت شاحنات تحمل الأخشاب، وقالت إن حملة إزالة الغابات نُفِّذت بشكل غير قانوني في ايار 2021.
واضافت هيفيدار “معظم الأشجار المقطوعة كانت من أشجار الجوز، إنها أغلى الأشجار، هناك أشجار يتراوح عمرها بين 350 إلى 400 عام ويباع كل منها بقيمة عشرة آلاف دولار”.
أشجار “أُخذت للبيع”
وبحسب عصمت، فإن تركيا تنقل الأخشاب للأغراض التجارية.
وقال “لقد رأيت بأم عيني أن الأشجار تم نقلها للبيع، في تركيا يتم نقلها إلى مصانع وتحويلها إلى أثاث، كما أنها تستخدم لأغراض أخرى مثل الطبخ في المطاعم”.
وأكد صالح ذلك قائلا ان “الاشجار تم الاستيلاء عليها من قبل بعض المقاولين والشركات لصنع الاثاث”.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها تركيا بـ “سرقة” الأشجار الثمينة والمحلية مع تدمير البيئة.
في عام 2019، اتهم سكان عفرين السورية، تركيا بـ “سرقة” أشجار الزيتون في البلدة.
انتشرت الأخبار بسرعة عبر الإنترنت، مما أثار غضب الرأي العام، حيث لجأ الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بتفسير من حكومة إقليم كردستان وإنهاء العملية.
وقال معروف مجيد رئيس منظمة آيندا لحماية البيئة “العمل التركي غير مقبول .. ليس من المقبول استخدام البيئة كسلاح للضغط على العدو مهما كان السبب”.
وقال إن على تركيا البحث عن قنوات أخرى لتسوية نزاعها مع حزب العمال الكردستاني، وأن “أفعالها ضد بيئة كردستان ستكون لها عواقب كبيرة ستؤدي إلى كارثة بيئية وإنسانية”.
ودعت منظمته ومقرها السليمانية، في بيان، المنظمات الدولية والأمم المتحدة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد ما تقوم به تركيا من اعمال غير مبررة تنافي الأعراف والقوانين الدولية.
وقدمت منظمة بارزة أخرى تدافع عن حماية البيئة “حزب الخضر الكردستاني” نداءً عاجلاً إلى الأمم المتحدة يطالب تركيا بمواجهة القانون الدولي من أجل “تدمير وسرقة” غابات المنطقة.
أصدرت حكومة إقليم كردستان بيانًا قالت فيه إنها نقلت “استياءها” و “قلقها” للمسؤولين الأتراك بشأن الأضرار التي الحقها الجيش التركي، ووصفت الإجراء بأنه “غير مقبول”، وقالت إنه يجب إيقافه على الفور.
المصدر: موقع ميدل ايست آي البريطاني
ترجمة: أوغاريت بوست