أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد غياب دام أياماً جراء التصعيد العسكري الذي حصل في شرق سوريا وشمال غربها، عادت الاحتجاجات الشعبية السلمية في السويداء إلى التسليط الإعلامي من جديد، حيث تستمر الاحتجاجات بمدينة السويداء وسط تزايد أعداد المتظاهرين، ومواصلة رفع مطالبهم “بالتغيير السياسي” و “إسقاط النظام”.
“الضغط يولد الانفجار”
الاحتجاجات الشعبية التي خرجت كانت نتيجة سنوات من التراكمات والاحتقان الشعبي والمجتمعي في هذه المحافظة، زاد الأمر سوءاً الأزمة الاقتصادية والمعيشية السيئة أصلاً، والتي لم تحرك السلطة في دمشق لاتخاذ أي إجراء من شأنه أن يحد من الانهيار المتسارع لليرة والأسعار، بل فاقمت الأمور بقرار رفع أسعار المحروقات بنسب تفوق بعضها الـ100 بالمئة، مع مرسوم زيادة في الرواتب الذي لا يكفي ثمن وجبتي غداء.
الأوضاع باتت صعبة والأمور لم تعد تحتمل، فانفجرت المجتمعات مرة أخرى في وجه السلطة، التي تضع كل اللوم على “المؤامرات والعقوبات والحصار والإرهاب.. إلخ”، بينما المسؤولون ومن حولهم يعيشون في رفاهية مترفة للغاية، وحسابات في البنوك الدولية وأبنائهم يدرسون ويقومون بالسياحة في الدول الغربية التي من المفترض إنها “دول تآمرية”.
السويداء مستمرة بحراكها السلمي.. ومواطنون “اللحمة صارت حلم”
الاحتجاجات شملت الكثير من المناطق السورية، من السويداء ودرعا إلى مدن ريف دمشق ودير الزور وحلب وريفها وإدلب، كل هذه المدن تقريباً خمدت الاحتجاجات فيها، إلا السويداء لاتزال مصرة على أن تحدث هذه الاحتجاجات تحسين للواقع المعيشي بعد إسقاط النظام والتغيير السياسي الحقيقي في سوريا وفق القرارات الأممية ذات الصلة.
ويتحدث المواطن “إبراهيم” لشبكة أوغاريت بوست الإخبارية، عن الأوضاع في السويداء، الذي وصفها بالمزرية، حتى وصل الحال بهم لعدم قدرة بعض العوائل من شراء “بيضة” أو “زيت” لأكله مع الزعتر، واكتفاء الكثيرين بالماء بدلاً من الزيت، ويضيف أن “اللحمة صارت حلم والفروج ما عم نشوفو غير بالأقفاص”، “المطاعم فاضية إلا للحرامية ومسؤولي حزب البعث”، و “الأسعار نار والتجار أكلونا لحم ورمونا عضم”.
“النظام يراهن على الوقت لترجع الناس لبيوتا ووهب سوريا لحلفائه”
ويؤكد المواطن “إبراهيم” أنه يشارك كل يوم في الاحتجاجات الشعبية بمدينة السويداء في ساحة الكرامة، ويشدد على أن الحكومة باتت تراهن على الوقت لمواجهة هذه الاحتجاجات وقال “النظام يراهن على الوقت لحتى ترجع الناس ع بيوتا.. لكن نحن بالسويدا مستمرين لحتى نسقطوا لهالنظام لنقدر نغير ببلدنا ونرجعا تقف من جديد”.
ولفت المواطن أن السلطة في دمشق باتت تخدع الشعب بأن ما يجري هو بسبب العقوبات والحصار والإرهاب والمؤامرة الكونية وقال “النظام بكزب من سنين وبقول أنو الإرهاب والحرب والمؤامرة هي سبب الفقر والجوع وانهيار الاقتصاد في سوريا، بينما الحقيقة لكل الشعب بيعرفا ولازم يعرفا أنو هالنظام بعدما وهب كل سوريا لحلفائو( روسيا وإيران) لحتى يساعدوه ليبقى في السلطة، هاد السبب الرئيسي لما تعيشه سوريا اليوم”.
“السويداء مهمشة”.. “وبنطالب سيادتو يعيش على راتب 300 ألف لشهر بس”
وأضاف المواطن “أن السويداء منذ البداية مهمشة من قبل النظام، وأبناء المنطقة بخافوا السفر للعاصمة في حال العلاج أو التعليم أو زيارة لأنك إذا كنت من السويدا فهاذا يعني احتمال تعرضك للاعتقال فقط لأنك من السويدا”، وسخر المواطن “إبراهيم” من زيادة الرواتب الذي أصدرها الرئيس السوري بشار الأسد وقال “الراتب تقريباً وصل لـ300 ألف.. بطلب من سيادتو يعيش مع عائلتو بـ300 ألف لشهر واحد ونحن مستعدين نترك الاحتجاجات ونروح ع بيوتنا ونهتف بأسمو كمان”.
ولا شك في أن الاحتجاجات الشعبية في السويداء أعادت ما جرى قبل 12 عاماً إلى الأذهان من جديد، قبل أن تعمل بعض الأطراف من بينهم الحكومة السورية وما تسمي نفسها بالمعارضة على تحويل ثورة الشعب السوري السلمية إلى حراك مسلح وبالتالي صراع على السلطة أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية.
ويشكك متابعون بقدرة الحكومة السورية على مواجهة الانهيار الاقتصادي، وأن استراتيجيتها الوحيدة لمواجهة الحراك الشعبي في السويداء والذي من الممكن أن ينتقل لباقي المناطق عبر عامل الوقت، أي بمعنى أن الوقت كفيل بأن يعجز الناس ويعودوا لبيوتهم ويرضوا بالواقع المعيشي، مشددين على أن الانهيار الاقتصادي هو أحد نتاج غياب الحلول السياسية، في ظل تمسك طرفي الصراع على السلطة بالعسكرة.
“لا يوجد تكفيريين في السويداء” ليتم إحباط الحراك السلمي
وفي تعليق له مع التعاطي السياسي والإعلامي للحكومة السورية مع الاحتجاجات في السويداء، يقول منسق تجمع السوريين العلمانيين الديمقراطيين في السويداء، الأستاذ سمير عزام، في منشور له على الفيسبوك، إن “رئيس النظام واجهزة أمنه، فايتين بالحيط بشأن ثورة السويداء.. هم معتادين التعاطي مع خصوم اسلاميين، وبالفعل نجح النظام بمعية التكفيريين وايران و قطر و السعودية وتركيا وروسيا بإحباط وإنهاء حراك الـ 2011 السلمي”.
وأشار إلى أن “النظام غير معتاد على التعاطي مع ثوره ملونه تعدديه علمانية ديمقراطية”.
“خصوصية السويداء” تمنع دمشق من إرسال حملة عسكرية
ورد على المحلل السياسي “تركي الحسن” في إحدى مقابلاته على التلفزيون السوري، والذي اتهم أهالي السويداء بالتعاون مع إسرائيل لإقامة دولة درزية، وقال “ضابط امن النظام تركي الحسن يعترف ان النظام لا يستطيع قمع ثورة السويداء، ولا يستطيع إرسال حملة عسكرية، وهذا صحيح لعدة اسباب معروفة “خصوصية محافظة السويداء”.
ولفت إلى أنهم “يخططوا لإحداث تقاتل داخلي لأخذ السويداء من الداخل، وهنا خطاهم .. لا يوجد بالسويداء تكفيريين إرهابيين يقاتلوا بعضهم على كل شيء (..) ولا يوجد فصائل اسلاميين تحولوا إلى مرتزقه لمن سلحهم ومولهم “قطر السعودية تركيا ايران” .
“الرؤية واضحة في السويداء تطبيق 2254 والتغيير السياسي في سوريا”
ولم يستبعد السياسي السوري أبن محافظة السويداء من أن تقوم الحكومة وحلفائها بالسعي لإحداث البلبلة لحرف الثورة عن مسارها، مشيراً إلى أن كل مساعيهم ستفشل بسبب وضوح الرؤية والهدف بين القوى الرئيسية في المحافظة على القرار 2254 والتغيير السياسي وإخراج سوريا من أزمتها.
وأنهى منشوره بـ “ننصح اخواننا بالوطن “العلويين” ان يعوا ذلك وينفضوا عنه قبل فوات الأوان”.
إعداد: ربى نجار