أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تواصل القوات الروسية مناوراتها العسكرية غير المسبوقة في شمال شرق سوريا، بالتزامن مع استمرار تركيا وفصائل المعارضة بالتجهيز للعملية العسكرية المرتقبة في تلك المناطق، وسط تعزيزات عسكرية جديدة للأطراف المتصارعة تصل لخطوط التماس، بعد تحديد موعد عقد اجتماعات “مسار آستانا” في العاصمة الكازاخية نور السلطان.
مناورات عسكرية روسية في كامل الشمال السوري
من المالكية “ديرك” شمال شرق محافظة الحسكة، إلى عين عيسى شمال الرقة وصولاً إلى منبج بريف حلب، تجري القوات الروسية لأول مرة مناورات عسكرية بالذخيرة الحية وبمشاركة الطيران الحربي والمروحي، بالتعاون مع قوات الحكومة السورية وبالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية، حيث الهدف منها “إعلامياً”، “محاكاة صد أي هجوم بري جديد للقوات التركية وفصائل المعارضة”، بينما الهدف الحقيقي من هذه المناورات لم يكشف موسكو عنها بعد.
كما لم يكشف إذا ما كانت هذه المناورات والتعزيزات العسكرية للقوات الروسية والحكومية السورية والإيرانية التي تصل لمناطق نفوذ الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، هي من نتاج المفاوضات بين دمشق والقامشلي، إم أنها رسائل روسية حازمة لتركيا، تحذر من خلالها أنقرة بأنها لن تستطيع الدخول إلى الأراضي السورية دون موافقة موسكو.
جولات تفاوضية جديدة
وبحسب مصادر كردية وروسية، فإن هناك جولة حوار ومفاوضات جديدة بين دمشق والقامشلي لحل الخلافات بين الطرفين، والتفاهم على صد الهجوم التركي وشكل النظام السياسي الذي سيطبق في البلاد.
وفي هذا السياق كشف “نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية” بدران جيا كرد، أن “روسيا تحاول الآن تطوير الحوار مع حكومة دمشق”، مبدياً استعداد القامشلي للحوار مع دمشق بشكل مباشر، وأن يكون الحوار في العاصمة السورية وليس أي عاصمة أخرى.
وأشار جيا كرد إلى أن تركيا جادة في تهديداتها لكنها لم تحصل على أي ضوء أخضر لا من قبل روسيا ولا من قبل أمريكا لشن هجوم على مناطقهم، واعتبر بأن أنقرة لو غامرت دون موافقة موسكو وواشنطن بشن الهجوم فإنها “ستنهار داخلياً، وأضاف أن الهجمات السابقة لم تكن لتحصل لولا الموافقة الأمريكية والروسية”. والتي ليست موجودة هذه المرة.
روسيا: نحن أصدقاء لدمشق والقامشلي ومسألة الحكم الذاتي شأن داخلي
تصريحات المسؤول في الإدارة الذاتية، جاءت بعد ساعات قليلة من تصريح للسفير الروسي ألبروس كوتراشيف في العراق، بأن يجب إشراك الكرد في مستقبل سوريا والحكم الذاتي مسألة داخلية بين دمشق والقامشلي، وأشار أن المباحثات بين القامشلي ودمشق تتم بشكل دائم بمعرفة السفارة الروسية بدمشق، وأن موسكو تدعم الحوار بين الطرفين بحكم علاقات الصداقة مع دمشق والقامشلي.
موقف أمريكي حازم .. وأمريكا تخطط للعودة إلى تل تمر
الولايات المتحدة بدورها، وبأول تصريح يكشف عن موقفها من التهديدات التركية للمنطقة الشمالية الشرقية، قالت على لسان مسؤول في وزارة الدفاع، “بأن واشنطن لن تسمح لتركيا بتهديد حلفائنا الأكراد”، وقال أنهم مطلعون على التقارير التي تتحدث عن نية تركيا وفصائل المعارضة الموالية لها بشن هجوم على الحلفاء “ولن يسمحوا بذلك”.
كما وردت أنباء عن أن القوات الأمريكية في سوريا تدرس إمكانية إقامة قاعدة عسكرية جديدة في ناحية تل تمر بريف الحسكة. وهي الناحية التي تهدد تركيا باجتياحها وبهذه الخطوة لن تتمكن القوات التركية من شن أي هجوم خشية أن تقع في موقع اشتباك مع القوات الأمريكية هناك، وبالتالي قطع الطريق عن أي تحرك عسكري تركي.
تركيا تعزز عسكرياً .. فهل تغامر ؟
الموقف الروسي والأمريكي الرافض للنوايا التركية في سوريا، قابلته أنقرة بمزيد من التصعيد العسكري على الشمال، مع استقدام تعزيزات عسكرية جديدة لمناطق “درع الفرات ونبع السلام”، مع الحديث عن مناورات عسكرية مع فصائل “الجيش الوطني” لمحاكاة الهجوم على الشمال.
كل ما يجري في الشمال السوري من تطورات ميدانية ومواقف رافضة للتحركات العسكرية التركية، يضع أنقرة الآن أمام خيارين، إما المغامرة وبدء الهجوم وامكانية أن تصطدم عسكرياً مع القوات الأمريكية والروسية المنتشرة في تلك المناطق، أو التراجع عن خططها بالتحرك العسكري والاتفاق مع موسكو وواشنطن على حل الخلافات بالطرق السياسية.
ولاحظ متابعون للشأن السوري، غياب النبرة التهديدية للمسؤولين السياسيين والعسكريين الأتراك تجاه الشمال الشرقي السوري في الأيام القليلة الماضية، وربطه بمواقف الأطراف الرئيسية المتدخلة بالأزمة السورية (أمريكا و روسيا وإيران) الرافضة للتحركات العسكرية التركية، وامكانية الاتفاق على حلول سياسية مرضية لكل الأطراف في الاجتماع القادم “لمسار آستانا” في كانون الأول/ديسمبر القادم، وبالطبع مع المصادقة الأمريكية عليها.
إعداد: ربى نجار