أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد تحركات عربية تجاه سوريا كسرت العزلة السياسية التي فرضت على البلاد من قبل الدول بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد وأسفر عن سقوط آلاف الضحايا والمصابين ودمار هائل، وما تم اعتباره بأن “العرب يعملون لإعادة دمشق للحاضنة العربية لإبعادها عن الفلك الروسي التركي الإيراني”، أعلنت تركيا عن اجتماع رفيع المستوى بين مسؤولين روس وإيرانيين وأتراك وسوريين لأول مرة منذ اندلاع الأزمة في 2011.
وكانت هناك تصريحات لبعض الدول العربية من بينها مصر أن هناك مساعي لإعادة سوريا إلى مكانتها في الحاضنة العربية ولمقعدها في الجامعة العربية، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية أنها تحركات “لإبعاد دمشق عن المحور الروسي التركي الإيراني”.
“الاجتماع الرباعي” بصيغة آستانا.. هل هو رد على التقارب العربي السوري ؟
ورأت بعض الأوساط السياسية الإعلان التركي عن اجتماع لأطراف “آستانا” ولكن بصيغة رباعية لأول مرة منذ انطلاق هذا المسار الخاص “بالحل السياسي في سوريا”، بأنه رد من هذه الدول على العرب ومساعيهم لإبعاد دمشق عن هذا المسار وما كان سيشكله من حد للنفوذ الإيراني والتركي بشكل خاص، لافتين إلى أن دول آستانا قاموا بأول رد على العرب في الملف السوري.
وخلال مؤتمر صحفي، الأربعاء، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن العمل جار على عقد اجتماع رباعي بين وزراء خارجية تركيا وإيران وسوريا وروسيا، وأشار الى ان الأسبوع المقبل سوف يكون موعداً لعقد اجتماع تمهيدي لهذه الغاية.
لقاءات ثنائية ومباركة الحلفاء
وخلال الفترة الماضية كثرت التصريحات والمواقف السياسية بشأن عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة برعاية روسية ومباركة إيرانية، بينما كانت اللقاءات الاستخباراتية والأمنية بين الطرفين المتصارعين عسكرياً والمتخاصمين سياسياً باقية طيلة السنوات الماضية، وهو ما لم ينكره مسؤولي البلدين.
كما سبق أن التقى وزراء دفاع سوريا وتركيا وروسيا في العاصمة الروسية موسكو أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، وهو الأول من نوعه منذ بداية الحرب والصراع على السلطة في سوريا، والتي كانت تركيا طرفاً داعماً للمعارضة التي كادت تسقط النظام الحاكم في سوريا لولا التدخل الروسي والإيراني العسكري.
أنقرة: اتفقنا على مشاركة إيران وهدفنا واضح
وبالعودة لتصريحات الوزير التركي، فإن “اجتماع وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات” هذه الدول “تم في الفترة الماضية بصيغة ثلاثية، ثم اتفقنا مع الجانب الإيراني بزيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان السابقة لتركيا على مشاركة إيران في الاجتماعات في إطار محادثات مسار أستانا”، مشيرا إلى أنه “المسار الوحيد الذي يعمل حتى الآن في موضوع الأزمة السورية”.
وأفاد بأن “تركيا وروسيا أعلنتا أنه لا مشكلة لديها ولا اعتراض في مشاركة إيران بالمحادثات المتعلقة بالملف السوري في إطار مسار أستانا، لتصبح بصيغة رباعية بدلا من ثلاثية”، وقال أن هدفهم جميعاً واضح” في إشارة منهم إلى “الحل السياسي في سوريا”.
اجتماع للنواب للتحضير لاجتماع وزراء الخارجية
وأضاف الوزير التركي أنه “لا مشكلة لدينا إطلاقاً في مشاركة أية دولة أو طرف بهذه المحادثات، ولا توجد لدينا أية ملاحظات على مشاركة إيران”، مشدداً على أن “المحادثات والتحضيرات لعقد محادثات وزراء الخارجية بصيغة رباعية متواصلة”، معلنا أن “الأسبوع القادم سيكون هناك اجتماع رباعي في روسيا، سيشارك فيها نواب وزراء الخارجية، للتحضير للقاء وزراء الخارجية”.
وسبق أنت أعلن وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن العمل جار على عقد اجتماع لوزراء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران.
لا لقاء قريب بين الأسد وأردوغان.. واللهيان في دمشق
تصريحات جاءت بعد أن استبعد عضو لجنة الأمن والسياسات الخارجية بالرئاسة التركية، شاغري أرهان، أن يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بنظيره السوري، بشار الأسد، قبل الانتخابات الرئاسية التركية.
وفي زيارة يبدو أنها ستكون لبحث ترتيبات الاجتماع القادم في موسكو، يزور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان دمشق اليوم الخميس، قادمًا من تركيا.
ومن المفترض أن يلتقي عبد اللهيان “كبار المسؤولين” خلال زيارته في دمشق، وسيجري مباحثات متعلقة بالتطورات الإقليمية، والمحادثات الجارية بخصوص انعقاد اجتماع رباعي يضم وزراء خارجية سوريا وروسيا وإيران وتركيا، بحسب ما أفادت به تقارير إعلامية.
تباين في الآراء حول عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة
التقارب وإعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة تراه بعض الأوساط السياسية السورية أنه سيخدم الحل السياسي في البلاد، خاصة أن أنقرة هي الداعم الوحيد للمعارضة السورية ويمكن أن تقوم بتسليم أو مقايضة مناطق سيطرة الفصائل مع مناطق أخرى تابعة “للإدارة الذاتية”، التي بدورها تدرك تماماً انها لن تكون بعيدة عن مباحثات هذه الأطراف، حيث أن ذلك سيؤدي في النهاية لعودة سيطرة دمشق على كامل أو أغلب مناطق الشمال السوري، وهو ما لا ترفضه أنقرة لو كان الثمن عدم قيام كيان كردي.
أطراف سورية أخرى مقتنعة تماماً أن إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة لن يكون له فائدة لحل الأزمة السورية بل على العكس سيزيد من معاناة السوريين مع احتمال أن تدخل المناطق الشمالية بشقيها الشرقي والغربي في دائرة صراع وحروب جديدة تؤدي إلى موجات نزوح وزيادة في أعداد ضحايا الحرب، مشيرين إلى أن الحل الحقيقي في اتفاق السوريين بين بعضهم البعض دون أي تدخل خارجي.
إعداد: علي إبراهيم