أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد هدوء دام أياماً على جبهات القتال في المناطق الشمالية السورية، بشقيها الشمالي الشرقي والشمالي الغربي، واقتصار الأمر على القصف المتبادل، في مشهد يوحي بأن الفترة المقبلة ستكون “فترة تصعيد عسكري” بعدما قيل أن “الدبلوماسية لم تأتي بثمارها”.
ومع الحديث عن امكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية خلال قمة الجزائر في آذار/مارس القادم، باتت المناطق الشمالية السورية تشهد مزيداً من التصعيد العسكري سواءً في الشمال الشرقي و “خفض التصعيد”، وذلك بعدما وصلت المحادثات الروسية التركية، بحسب تقارير إعلامية، لطريق مسدود، وترك الحسم للميدان.
تصعيد تركي .. وصد هجوم على عين عيسى
في الشمال الشرقي، عاودت القوات التركية تصعيدها العسكري على قرى تقع تحت سيطرة قوات تحرير عفرين و قوات الحكومة السورية بريف حلب الشمالي، عبر القصف المدفعي والصاروخي، حيث كانت تلك الجبهات هادئة منذ نحو 10 أيام.
كما شهد ريف ناحية عين عيسى الاستراتيجية، هجوماً برياً من قبل فصائل المعارضة المسلحة في “الجيش الوطني” بمؤازرة نارية من قبل القوات التركية، حيث حاولت مجموعات من “الجيش الوطني” التسلل لقرية صيدا التي لا تبعد عن عين عيسى سوى كيلومترات قليلة في محاولة للسيطرة على القرية التي تقع على خطوط التماس.
إلا أن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت أنها تصدت للهجوم ونشرت مقطعاً مصوراً للاشتباكات على جبهات القتال، وقالت أن الهجوم أسفر عن قتلى وإصابات في صفوف “الجيش الوطني”.
اشتباكات بالقرب من سراقب .. هل ترغب تركيا بالدخول إليها ؟
أما فيما يخص منطقة “خفض التصعيد”، فإن التصعيد العسكري في تلك المناطق لم يعد يقتصر على عمليات الاستهداف المتبادل بين طرفي الصراع على الأرض، بل امتدت لاشتباك بري، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة للقوات التركية خلال الأيام الماضية لجنوب إدلب و شرقها وتحديداً بالقرب من مدينة سراقب الخاضعة لسيطرة قوات الحكومة.
ولليوم الثاني توالياً، دوت أصوات الرشاشات الثقيلة على أطراف مدينة سراقب التي تعتبر من خطوط التماس بين قوات الحكومة والقوات التركية وفصائل المعارضة، وسط تقارير أفادت بأن القوات التركية شاركت بالاشتباك، دون أي معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات أو تغير في خريطة السيطرة العسكرية.
بدوره أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوات الحكومة السورية استهدفت بعدة قذائف مدفعية محيط نقطة عسكرية تركية وسقطت القذائف بالقرب من الساتر الترابي في نقطة معارة عليا، كما تسببت الاشتباكات بالقرب من سراقب بقطع الطريق الدولي السريع المعروف باسم M-5.
فرض أمر واقع قبل اجتماعات “آستانا”
وتنوي القوات التركية بحسب ما تراه أوساط خبيرة وسياسية، استعادة السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية، لتعزيز تواجدها العسكري في محافظة إدلب، وفرض واقع جديد على روسيا، لعلها تستفيد منه في اجتماعات قادمة بصيغة آستانا للدول الضامنة والتي ستعقد قريباً في العاصمة الكازاخية نور السلطان.
وتؤكد تقارير إعلامية أن للقوات التركية 7 نقاط تتواجد فيها نحو ألف جندي تركي مع كامل السلاح الثقيل والدبابات والمدافع ومضادات الطائرات و منصات إطلاق صواريخ حرارية وأجهزة تنصف وتشويش عسكري بالقرب من مدينة سراقب.
وتعتبر مدينة سراقب من الخطوط الدفاعية الأولى للقوات الحكومية عن المناطق التي تسيطر عليها في ريف إدلب، وعمدت قوات الحكومة أيضاً لجلب تعزيزات عسكرية ضخمة لمناطق التماس تحسباً لأي هجوم قد يشن على المدينة. حيث أن خسارة سراقب يضع المناطق الأخرى تحت مرمى النيران واحتمال انتقال المعارك إليها وارد جداً.
وسيطرت قوات الحكومة السورية على مدينة سراقب بدون قتال تقريباً في العملية العسكرية التي أطلقتها ضد فصائل المعارضة في 2020، وتوقفت المعارك حينها بعد اجتماع جرى بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين و التركي رجب طيب أردوغان، بعد الاتفاق على بنود منها “إنشاء ممر آمن على الطريق الدولي إم-4 وإبعاد الفصائل عنها، مع محاربة التنظيمات التي تعتبرها روسيا إرهابية”.
إلا أن أي من البنود السابقة لم تطبق حتى مع قرب مرور سنتين على الاتفاق، ما دفع بموسكو للتهديد مراراً بشن عمليات عسكرية لفتح الاتستراد الدولي M-4، الأمر الذي لا ترغب به تركيا وتحاول نقل المعارك لجبهات أخرى في شمال شرق سوريا، لعلها تنجح بغض النظر الروسي عن المنطقة وترك الامور على ما هي عليه.
إعداد: علي إبراهيم