أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تحت عنوان “أنت ذاهب إلى الموت” .. أصدرت منظمة “العفو الدولية” تقريراً حول ما وصفته “بالانتهاكات” التي قامت بها الأجهزة الأمنية الحكومية في سوريا، ضد اللاجئين العائدين لمنازلهم ومناطقهم ضمن مناطق سيطرتها، حيث تعرض العائدون لشتى أنواع التعذيب والاغتصاب والإخفاء القسري.
التقرير الجديد الذي صدر عن المنظمة الدولية جاء بعد أقل من شهرين على المؤتمر الثاني الذي عقد في دمشق حول “عودة اللاجئين السوريين” والذي نظمته الحكومة بدعم روسي كامل، لكنه لم يحظى بمشاركة دولية كبيرة وخاصة دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر من أكثر الدول استضافة للاجئين السوريين.
اعتقال اللاجئين العائدين والتهم “خيانة عدم والولاء للأسد والإرهاب”
وحينها جددت الحكومة السورية دعوتها للاجئين في الخارج العودة إلى ديارهم، وقالت أنها مستعدة بتأمين لهم عيش كريم وآمن واستقرار، بعيداً عن الملاحقة الأمنية وتعريض حياتهم للخطر. إلا أن تلك الدعوات لم تلقى صداها إلا عند البعض الذين عادوا وتعرضوا للاعتقال بتهم تتعلق “بالإرهاب – عدم الولاء للأسد – الخيانة” وغيرها.
وتؤكد الدول الغربية والأمم المتحدة أيضاً، أن الأوضاع في سوريا ليست آمنة حتى يتم الحديث عن عودة اللاجئين السوريين، مشيرين إلى أن حالة الاستقرار النسبي في أغلب مناطق البلاد ليست كافية لإعادة السوريين إلى بلادهم، إضافة إلى إمكانية أن يتعرضوا للاعتقال والاخفاء القسري والقتل.
“اغتصاب و اعتقال” .. ودعوات لعدم إعادة السوريين لسوريا الآن
وبالعودة لتقرير العفو الدولية، فإن قوات الأمن السورية قد أخضعت مواطنين سوريين ممن عادوا إلى وطنهم بعد طلبهم اللجوء في الخارج للاعتقال والإخفاء والتعذيب، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي. ووثقت المنظمة “انتهاكات مروعة” بحق 66 شخصاً عادوا من بينهم 13 طفلاً، ووثقت المنظمة مقتل 5 أشخاص تحت التعذيب في الحجز، في حين لا يزال مصير 17 ممن تم إخفاؤهم قسراً طي المجهول.
وعبرت المنظمة الدولية عن قلقها إزاء نوايا بعض الدول الغربية من بينها “الدنمارك و السويد وتركيا” بفرض قيود على حماية اللاجئين القادمين من سوريا، وممارسة الضغوطات بحقهم لإجبارهم على العودة. وشددت المنظمة أن لا مكان آمن في سوريا.
ماذا عن “الانتهاكات” بباقي المناطق ؟
واكتفت منظمة العفو الدولية بالحديث عن “الانتهاكات” بحق المدنيين السوريين ضمن مناطق سيطرة الحكومة فقط، دون التطرق إلى المناطق الأخرى. وهو ما دفع الكثير من المحليين والمتابعين للتساؤل، حول تخصيص المنظمة تقريرها فقط عن مناطق سيطرة الحكومة، بينما تجاهلت المناطق الأخرى.
حيث سبق وأن تعرض مهجرون من منطقة عفرين بريف حلب، للاعتقال و طلب الديات بآلاف الدولارات للإفراج عنهم، من قبل فصائل المعارضة التي تسيطر على تلك المناطق، في الوقت الذي أطلقوا بأنفسهم نداءات للأهالي بالعودة. كما تقول منظمات محلية أن الآلاف من أبناء عفرين معتقلون ومغيبون قسراً منذ سنوات ومصيرهم لايزال مجهولاً.
التقرير وثق تعرض مراهق و طفلة “للاغتصاب الجنسي”
ويوثق تقرير المنظمة العفو الدولية “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” التي ارتكبتها الحكومة السورية ضد اللاجئين العائدين إلى سوريا من لبنان ومخيم الركبان الحدودي وفرنسا، وألمانيا، وتركيا، والأردن، والإمارات، خلال الفترة بين منتصف 2017 وربيع 2021، استناداً لما وصفتها “مقابلات أجرتها المنظمة مع 41 مواطناً سورياً، من بينهم بعض العائدين وأقاربهم وأصدقائهم، بالإضافة إلى محامين، وعاملين في المجال الإنساني، وخبراء متخصصين في الشأن السوري”.
وخصت المنظمة بالذكر “جرائم الاغتصاب” التي قالت أن القوات الأمنية اغتصبت جنسياً 7 نساء وفتى مراهق وطفلة في الخامسة من عمرها عند أحد المعابر الحدودية ومراكز الاعتقال أثناء استجوابهم. وأشارت إلى أن الاتهامات كانت “عدم الولاء لبشار الأسد.. والإرهاب .. والخيانة”.
بسبب الأزمة .. زيادة عدد المهاجرين من سوريا
وتعاني سوريا بشكل عام من أزمات إنسانية واقتصادية خانقة، وسط دمار شبه كامل في البنية التحتية. ومع استمرار هذه الأزمة وتفاقهما وسط عجز الحكومة السورية بإيجاد حلول جذرية لها، فإن تقارير إعلامية تؤكد أن نسبة الهجرة من خارج البلاد تتزايد وخاصة من مناطق سيطرة الحكومة، التي تعتبر من “أفقر المناطق السورية”.
ولا أمل في عودة اللاجئين السوريين حتى بانتهاء الحرب والتوصل لحل للأزمة، خاصة الذين هم في دول الاتحاد الأوروبي، حيث أن الكثيرين منهم استقروا بشكل فعلي بالدول التي يمكثون فيها، بحسب متابعين، كما أن الاقتصاد والمجتمع السوري بحاجة لعقود للتخلص من آثار الحرب المدمرة التي لاتزال مستمرة.
إعداد: رشا إسماعيل