أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بالتزامن مع اشتعال الجنوب السوري عبر الاحتجاجات الشعبية ضد الأزمة الاقتصادية والمعيشية وانهيار الليرة وتزايد نسبة الفقر، تتصاعد العمليات العسكرية والاستهدافات المتبادلة بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة، بينما عادت مجدداً الطائرات الحربية الروسية للأجواء والتي استهدفت مواقع عسكرية “لهيئة تحرير الشام/جبهة النصرة”.
غارات جوية روسية على أطراف إدلب
وبعد فترة هدوء نسبي واقتصار عمليات الاستهداف على القصف البري بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة، عادت الطائرات الحربية الروسية مجدداً إلى سماء منطقة “خفض التصعيد” لتشن عدد من الغارات الجوية على الأطراف الغربية لمدينة إدلب، والتي استهدفت مواقع عسكرية تابعة “لهيئة تحرير الشام/جبهة النصرة”.
وفي التفاصيل، نفذت طائرات حربية روسية غارات جوية بصواريخ شديدة الانفجار على مسبح صيفي في موقع تل الرمان غربي مدينة إدلب طريق عين شيب، وهو موقع عسكري تابع “للهيئة”.
ووفق المرصد، فإن 6 غارات جوية نفذتها المقاتلات الحربية الروسية أسفرت عن مقتل 8 عناصر من “تحرير الشام” واصابة آخرين بجروح متفاوتة، حيث جرى نقل الجرحى إلى المستشفى لتلقي العلاج، وسط فرض طوق أمني ومنع فرق الإنقاذ من الاقتراب من المكان المستهدف.
ويأتي هذا الاستهداف بعد قصف جوي آخر على محيط مدينة إدلب، طال أطراف مدينة إدلب أسفر عن خسائر بشرية بين المدنيين، بينهم قتلى من عائلة واحدة منهم نساء وأطفال.
خسائر بشرية كبيرة جراء التصعيد الروسي في “خفض التصعيد”
وخلال الأشهر الماضية، تسببت الغارات الجوية الروسية على إدلب وريفها لمقتل 29 شخصاً هم “13 مدنياً و 16 من العسكريين” وإصابة 36 آخرين، وتركزت هذه الضربات الجوية على مقر عسكري “للهيئة” في الـ5 من آب الجاري ضمن إحدى المزارع غربي إدلب، أسفر عن سقوط قتلى بين المدنيين، كون الموقع كان في منطقة سكنية.
إضافة إلى قصف جوي آخر طال مواقع عسكرية بمنطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، أسفر عن مقتل 8 عناصر “للواء حمزة” التابع “للهيئة”، وبتاريخ الـ25 من حزيران/يونيو الماضي، فقد 10 مواطنين حياتهم على أطراف مدينة جسر الشغور واصيب 30 آخرين باستهداف لمقر عسكري تابع للحزب التركستاني “الإيغور” في المدرسة الصناعية الملاصقة لسوق تجارة الخضار.
وهذا الاستهداف الأخير جاء بعد أن قصفت طائرات مسيرة تابعة لفصائل المعارضة مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، مدينة القرداحة، وأسفرت عن فقدان مدني لحياته، إضافة لمواقع أخرى.
وحينها قالت وزارة الدفاع الروسية أن الغارات الجوية استهدفت مقاراً “للتركستاني والنصرة” وهي مقار عبارة عن مصانع يجري فيها تصنيع وتجهيز وتعديل الطائرات المسيرة التي تستخدم لاستهداف مناطق سيطرة الحكومة السورية.
تصاعد عمليات القصف والاستهداف بين طرفي الصراع خلال 24 ساعة
وفي سياق ذلك، قال المرصد السوري أن قوات الحكومة أسقطوا خلال ساعات يوم الاثنين، 3 طائرات مسيّرة استطلاعية تابعة “لهيئة تحرير الشام” والفصائل العاملة معها بعد إطلاقها لاستهداف مناطق سيطرة قوات الحكومة، في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي ومنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.
بدورها قالت وزارة الدفاع في الحكومة السورية، أن القوات المسلحة أسقطت “3 طائرات مسيرة للتنظيمات الإرهابية حاولت الاعتداء على القرى والبلدات الآمنة في ريفي إدلب وحماة”، وجاء في بيان الوزارة، الاثنين، “بعد عملية رصد ومتابعة دقيقة لتحركات التنظيمات الإرهابية ومحاولاتها المتكررة الاعتداء على المدنيين الآمنين وممتلكاتهم، تمكنت وحدات من قواتنا المسلحة العاملة على اتجاه ريفي إدلب وحماة من إسقاط ثلاث طائرات مسيرة مزودة بالذخائر المتفجرة حاولت الاعتداء على القرى والبلدات المحيطة الآمنة”.
وخلال ساعات الليل، قصفت قوات الحكومة مواقع للفصائل في قرى وبلدات الفطيرة وكفرعويد و سفوهن وكنصفرة ومعربليت بمنطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، إضافة إلى قصف العنكاوي والسرمانية بسهل الغاب شمال غرب حماة وقرى كفر عمة وتديل القصر بالصواريخ، ولا معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
بدورها استهدفت فصائل المعارضة بالمدفعية الثقيلة والصواريخ مدينة كفرنبل وقرية الملاجة جنوب إدلب، وسط الحديث عن خسائر بشرية في صفوف القوات الحكومية.
وتأتي عمليات القصف هذه بعد غارات جوية روسية طالت الأطراف الغربية لإدلب واستهدفت مواقع عسكرية “لتحرير الشام” وأسفرت عن مقتل 8 عناصر وإصابة آخرين، إضافة إلى استهدف رتل عسكري لقوات الحكومة السورية على الطريق الدولي m-5، من قبل فصائل المعارضة.
تباين الآراء حول التصعيد الروسي وتوقيته.. هل لاحتجاجات الجنوب علاقة ؟
التصعيد العسكري الحالي رأته جهات سياسية ومراقبة للملف السوري بأنه يأتي كرد فعل من قبل روسيا على ما نشرته وزارة الدفاع قبل أيام عن “استفزازات” تجهزها “تحرير الشام” لاستهداف مناطق آمنة تحت سيطرة قوات الحكومة، بينما اعتبرها آخرون أنه رسالة روسية لتركيا بضرورة تطبيق التفاهمات الثنائية حول هذه المنطقة وضرورة فتح الطرقات العامة للتنشيط التجاري، ومحاولة وقف الانهيار الاقتصادي الحالي.
بينما لم تستبعد أوساط سياسية ومتابعة أخرى أن تكون هذه الغارات الجوية مقدمة لتصعيد عسكري جديد للتغطية على الأزمة الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية التي خرجت في الجنوب وريف العاصمة دمشق وإبعاد الشارع السوري عنها بإشغاله بحرب في منطقة خفض التصعيد.
إعداد: رشا إسماعيل