أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تستمر عمليات التصعيد العسكرية في الشمال السوري، وخاصة في “خفض التصعيد” بعد الهدوء النسبي الذي تشهده مناطق “الإدارة الذاتية” بعد نحو أسبوعين من تصعيد عسكري تركي عبر الطيران الحربي والمسير استهدف كافة مرافق وسبل العيش والحياة والبنى التحتية في هذه المناطق، وهو الأمر نفسه الذي تشهده منطقة “خفض التصعيد” من غارات جوية روسية واستهداف المناطق المدنية والآهلة بالسكان، والقصف على البنى التحتية.
تصعيد عسكري بعد حديث أممي عن “اللجنة الدستورية”
موجة التصعيد هذه تأتي بعد أشهر من الهدوء النسبي الذي كان يتخلله بعض عمليات الاستهداف بين أطراف الصراع على الأرض، بينما وبعد الحديث من قبل الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، عن جولة جديدة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية والخلافات بين الأطراف حول مكان انعقاد اللجنة، بدأت الصراعات المسلحة من جديد.
ماذا لو دخلت سوريا للحرب بين إسرائيل وحماس ؟
لكن ما يمكن أن يؤزم الأوضاع في سوريا بشكل أكبر، هو حدوث حرب أو صراع مسلح آخر في منطقة أخرى، وهنا يحذر سياسيون ومراقبون من أن دخول دمشق أو حزب الله أو إيران من الأراضي السورية إلى الصراع ما بين إسرائيل وحركة حماس، من الممكن أن يفتح جبهات أخرى في الجنوب السوري، وهو ما سيؤثر بشكل أكبر على السوريين والبلاد بشكل عام، والأوضاع الأمنية والعسكرية السيئة أصلاً.
ومن المعلوم أن الحكومة السورية لا تتحكم بكامل أراضي الدولة، حتى التي هي تحت سيطرتها في الجنوب وريف العاصمة، بل هي خاضعة لسيطرة إيرانية وحزب الله، كما أن المجموعات المسلحة المدعومة من الطرفين، لا تأخذ أوامرها من دمشق، وهذا يعني أن سوريا قد يتم دفعها ثمن دخول أطراف أخرى استخدمت أراضيها للهجوم على إسرائيل، وهو ما يمكن أن يوسع الحرب ونطاق الصراع العسكري بين في هذه المنطقة.
هل يمكن انتقال الحرب للساحة السورية ؟
وفي حال دخول هذه الأطراف على خط المواجهات، يعني أن إسرائيل أيضاً ستقوم بنقل الحرب إلى الأراضي السورية نفسها، من خلال عمليات قصف جوية وبرية وربما بحرية أيضاً ضد قواعد عسكرية سورية تتحصن فيها مجموعات إيرانية مسلحة وحزب الله اللبناني وفصائل فلسطينية لاتزال موجودة في الجنوب، وبالتالي فإن أي تصعيد عسكري من شأنه أن يؤدي إلى معاناة متزايدة للسوريين والهجرة من مناطقهم نحو مناطق أكثر أمناً.
ولا تستبعد أوساط سياسية سورية من أن تقوم دمشق بالدخول إلى الحرب، كونها لن تستطيع رفض “القرار الإيراني” الذي يتحكم بجزء كبير من سياسة دمشق الخارجية والداخلية، وحتى طريقة تعاطيها مع الأزمة في البلاد والحل فيها، مشيرين إلى أن سوريا هي من ستدفع الثمن سواءً دخلت دمشق أم لم تدخل، خاصة في حال استخدام أراضيها لشن أي هجمات على شمال إسرائيل، أو حتى من جنوب لبنان، كون المتحكم هناك هو حزب الله، وحزب الله له قواعد وتواجد في سوريا.
رسائل إسرائيلية تحذيرية عبر قصف المطارات الدولية في سوريا
وبالمحصلة فإنه في حال فتح أي جبهة جديدة مع إسرائيل سواءً من الجنوب السوري أو جنوب لبنان، فإن السوريين هم من سيدفعون الثمن في صراع لا ناقة لهم فيها ولا جمل وفرض عليهم من قبل أطراف أخرى.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية حسن كعبية، إن الغارات الجوية الأخيرة على سوريا التي طالت مطاري دمشق وحلب الدوليين، هي رسالة تحذيرية خلال زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان.
وأوضح في تصريحات نقلتها “سبوتنيك”، أن الضربات التي وجهتها إسرائيل لسوريا عند زيارة وزير الخارجية الإيرانية لدمشق، هي رسالة تحذير لإيران ولكل “المنظمات الإرهابية”، أنه عليهم ألا يتدخلوا في الحرب، وأن الضربة لم يكن القصد منها أن تصيب الوزير، وإنما تحذير لسوريا التي هي ممر لاستقبال صواريخ إيران إلى حزب الله.
استهداف المطارات الدولية في حلب ودمشق تزامن مع زيارة لعبداللهيان
وقالت وكالة “سبوتنيك” الروسية، في وقت سابق، إن طائرة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، كان مخططا لها أن تهبط في مطار دمشق الدولي أمس قبل الضربة الصاروخية، إلا أن الدمار الذي أحدثه القصف في المدرج الرئيسي، حال دون ذلك”.
وسبق أن نقلت الإمارات رسالة من أعلى المستويات إلى سوريا مفادها، تحذير دمشق من الدخول في الحرب ضد إسرائيل، أو السماح باستخدام اراضيها لضرب مواقع إسرائيلية.
أي هجوم من سوريا سيعرض دمشق والرئيس السوري للخطر
جاء ذلك بعد ساعات من تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، بأن تل أبيب أرسلت رسالة إلى حزب الله من خلال فرنسا مفادها بأنه في حال دخول الحزب للحرب إلى جانب حماس فإن دمشق والرئيس السوري سيكونان تحت مرمى النيران.
وتؤكد أوساط سياسية، أنه في حال إقدام إيران أو حزب الله على استخدام الجبهة السورية ضد إسرائيل وحصول أي صراع داخل الأراضي السورية، إلى جانب ما يشهده الشمال بشقيه الشرقي والغربي، فإن ذلك قد يؤدي إلى انزلاق البلاد لتصعيد عسكري وحرب مفتوحة تكون ساحته الأراضي السورية، وهذا بدوره سيزيد من المعاناة الإنسانية ويضر بجهود الحل التي تقودها الأمم المتحدة أيضاً، كما من الممكن كثيراً أن يستغل الإرهاب هذا الفلتان والتصعيد العسكري للعودة من جديد.
إعداد: رشا إسماعيل