نتيجة تخوفهم من تداعيات إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان، يحتاج الأكراد في شمال شرق سوريا إلى دعم نشط من قبل الولايات المتحدة الآن أكثر من أي وقت مضى.
لم يكن هناك أدنى شك من أن متابعة الانتخابات التركية الأخيرة من قبل السكان في سوريا، وبالأخص في شمالها المنقسم، كانت بذات الأثارة التي عاشها الأتراك أنفسهم. ويعزى هذا الاهتمام إلى ارتباط مصير شمال سوريا بالمسار الانتخابي والسياسي لتركيا في نواح عدة. الآن بعد أن أصبح من الواضح أن أردوغان سيبقى في السلطة، يحاول السوريون فهم ما يجب فعله وكيفية تسيّير الأوضاع مع أنقرة خلال السنوات المقبلة، فبعد فوز اردوغان أصبحت قيادة الإدارة الذاتية وأنصارها تراقب تلك التطورات بقلق شديد في سعيها للبحث عن تطمينات. في نهاية المطاف، هناك حاجة ملحة لتدخل الأطراف المعنية مثل الولايات المتحدة لتشجيع الحوار بين هذه الأطراف لتفادى الصدام بين الجانبين والحد من احتمال نشوب صراع آخر.
أدركت (قسد) أنه باستثناء حدوث أي تغييرات مهمة، فإن انتصار أردوغان يعني خمس سنوات جديدة من الضغط والمخاطر مشابهة لما حدث في الماضي، بما في ذلك احتلال عفرين إلى رأس العين ومحاولات ابتلاع تل رفعت وكوباني، إلى حرب المسيرات المستمرة على السكان.
ومع ذلك، هناك بعض المخاوف الآن من أن السياسة الداخلية التركية قد يكون لها تداعيات على وضع الأكراد خاصة بعد مشاركة حزب الشعوب الديمقراطية في الانتخابات تحت اسم حزب “اليسار الأخضر” ودعمه أوغلوا ضد أردوغان، مما زاد من المخاوف أكثر في شرق الفرات خوفا من ردود فعل انتقامية من قبل أردوغان ضد حزب الشعوب الديمقراطية وحلفائه في المنطقة.
عسكريا، تشعر قوات سوريا الديمقراطية بالقلق تجاه أنقرة التي قد نقوم بتكثيف ضرباتها الجوية على النقاط العسكرية لتلك القوات أو قد تقوم بعملية عسكرية جديدة في المناطق الهشة والبعيدة عن معقل قسد في القامشلي كتل رفعت ومنغ. من المتوقع أيضا أن تمارس تركيا مزيدًا من الضغوط على واشنطن لتقليل دعمها لـ(قسد) والإدارة الذاتية، كما أن هناك شكوك من أن تركيا ستعمل على تضييق الخناق الاقتصادي على مناطق شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى الاندفاع لمد يد العون للروس والإيرانيين وحكومة دمشق لإضعاف مناطق الإدارة الذاتية.
علاوة على ذلك، ترى قسد أنه لا يمكن أن يكون وجود واشنطن والتحالف الدولي في شرق الفرات عبارة عن وجود شكلي عندما يأتي الخطر، فقد يدفع ذلك شركاء واشنطن إلى البحث عن بدائل أخرى تنقذها من عدوانية أردوغان خلال الخمس سنوات القادمة، ما يجعلهم عرضة لمبادرات من قبل موسكو وطهران اللتان يسعيان إلى استهداف واشنطن والتحالف الدولي. لذا، ولتفادي الشرخ الأكبر، ولنشر رسالة اطمئنان لسكان تلك المنطقة الهشة والمنهكة من الحرب التي لا تنتهي، على واشنطن والتحالف الدولي القيام بالخطوات التالية لرأب الصدع وتقديم حلول فعالة ممكنة بهذا المسار:
أولاً: محاولة فتح ملف التفاوض بين حزب العمال الكردستاني وتركيا من جديد. وقد يكون إقليم كردستان بوابة الحل لفتح المفاوضات لما له من أهمية في الملف الكردي وعلاقاته الجيدة مع الأطراف المعنيين بالقضية.
ثانيا: محاولة التوسط لبناء علاقة تواصل بين قسد والإدارة الذاتية من جهة وأطراف المعارضة الموالية لتركيا أو مع تركيا مباشرة لإنهاء التوتر وتوفير خطط لبناء أرضية مصالح مشتركة قد تفيد الجانبين.
ثالثا: التركيز أكثر على لعب دور مباشر مع روسيا للضغط على حكومة دمشق لدفعها للتفاهم مع ممثلو شرق الفرات للوصول إلى حل دستوري نهائي لتلك المنطقة. قد يكون الحوافز بتخفيف العقوبات الاقتصادية عن دمشق طريقة جاذبة بهذا الصدد.
رابعا: انتشار نقاط عسكرية للتحالف الدولي على الخط الحدودي لشمال شرق سوريا مع تركيا. هذا الانتشار، ولو كان رمزياً، سيعطي نوع من الطمأنينة لسكان تلك المنطقة بإنهم لن يتعرضوا للخيانة من جديد، وسيكون رادع عملي لخطط تركيا باجتياح مناطق جديدة في تلك البقعة.
المصدر: معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
الترجمة: أوغاريت بوست