أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في الوقت الذي أصبحت فيه سوريا ساحة صراع نفوذ بين الدول الإقليمية والعالمية التي تدير الأزمة فيها، تسعى مصر وبعض الدول العربية مؤخراً للعب دور مؤثر والتقريب بين أطراف النزاع المحلية، بعد أن باتت وجود القوات الأجنبية في سوريا، تأخذ شكل الاحتلال والاستعمار، لا سيما من جارتها الشمالية تركيا، الأمر الذي يهدد وحدة البلاد ومستقبلها السيادي. تسعى مصر لتوحيد رؤية سياسية للحل في سوريا تجنب البلاد مزيداً من الهيمنة الأجنبية
ورغم أن أغلب الدول العربية تتجنب التطبيع مع الحكومة السورية؛ لما يشكل ذلك من إحراج أمام المجتمع الدولي، نتيجة تحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأمور في البلاد، وكذلك ابتعدت هذه الدول؛ وخاصة الخليجية، عن المعارضة الموالية لتركيا بشقيها العسكري والسياسي.. عملت مصر على احتضان المعارضة السياسية، التي اتصفت خطابها بـ “المرونة السياسية” في محاولة لوضع أسسٍ لحلول سياسية تجنب البلاد مزيداً من الهيمنة الأجنبية.
وزير الخارجية المصرية وفداً للمعارضة السورية قبل أيام لدفع مسار التسوية السياسية في سوريا
وضمن هذه الجهود المصرية، استقبل وزير خارجيتها، سامح شكري، في 21 من نيسان الجاري، ممثلي مجموعة القاهرة في هيئة التفاوض السورية المعارضة، وذلك لبحث آخر التطورات على الساحة السورية، وسبل دفع مسار التسوية السياسية.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ ، إن الوزير المصري “أكد خلال اللقاء حرص مصر على دعم جهود تسوية الأزمة السورية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وبما يهدف إلى استعادة الأمن والاستقرار في سوريا ويحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق”.
فراس الخالدي: القرار 2254 قادر على إيجاد مساحة مشتركة بين السوريين تساهم في كف التدخلات الخارجية
وفي تصريح خاص لـ “أوغاريت بوست” قال عضو منصة القاهرة، وهيئة التفاوض السورية المعارضة، فراس الخالدي، إن “اللقاء مع السيد سامح شكري وزير الخارجية المصري، تمحور حول كيفية دعم العملية السياسية بشكل جدي وجاد وعمل اللجنة الدستورية بطريقة فاعلة وإنجاز مهامها وتحقق المأمول منها، وأن قرار 2254 يعتبر هو القادر على إيجاد مساحة مشتركة بين السوريين وتفعيله ويساهم في كف كل التداخلات الخارجية.”
وأضاف الخالدي، وهو أحد اعضاء اللجنة الدستورية السورية أيضاً “تنبع أهمية المطالبة بالحل السياسي من النتيجة التي نأمل أن يحققها وهي بناء سورية الحديثة دولة المواطنة والحريات لذلك كنا منذ البداية نطالب بحل سياسي يحقق مطالب الشعب السوري في شكل الحكم وآلياته.”
وثمن وفد منصة القاهرة للمعارضة السورية “الدور المصري المتوازن في التواصل مع الأطراف السورية والإقليمية المختلفة يهدف إلى تقريب وجهات النظر وصولاً إلى إنهاء الأزمة السورية بأسرع ما يمكن”.
دبلوماسيون: مصر باتت الطرف العربي الذي يمكن اعتباره وسيطاً في الأزمة السورية
وشهدت العاصمة المصرية، القاهرة، أواخر العام الماضي، تحركات دبلوماسية وزيارات رفيعة المستوى لمسؤولين دوليين، لبحث الأزمة السورية، وكان أبرزها زيارة المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا غير بيدرسون، في جولاته الخارجيّة الأولى للبحث في الملف السوري، الأمر الذي فسره دبلوماسيون أن مصر باتت الطرف العربي، الذي يمكن اعتباره وسيطاً في الأزمة السورية.
فراس الخالدي: دور مصر كان منذ اليوم الأول ضد التدخلات الخارجية في سوريا ودعم الحوار السياسي
ويقول فراس الخالدي، إن “دور مصر كان منذ اليوم الأول ضد التدخلات الخارجية ودعم الحوار السياسي، ثم وبعد تعقد المشهد ودخول العسكرة على ثورتنا ظهر جليًا الموقف الرافض لتأزيم الصراع والذي ألقى اللوم بشكل واضح عدة مرات على النظام كونه ينتهج الحل العسكري ولا يدعم أو يتقدم نحو الحل السياسي.” ويضيف الخالدي لـ أوغاريت بوست “دائماً المواقف الرسمية المصرية كانت تصرح بأنها تدعم مسار جنيف ٢٢٥٤ وتطالب بتحقيق مطالب الشعب السوري وهذا الموقف خدم عدة مرات الشعب السوري وثورته خصوصاً أمام محور استانة وما يتطلع له .”
ولعبت مصر منذ تولي السيسي السلطة في عام 2014، دور الوسيط وفتحت أبوابها لمختلف الأطراف السورية، ومن بينها زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي المملوك في كانون الأول من عام 2018، بحث خلالها في قضايا سياسية وأمنية. كما احتضنت عدة اجتماعات ونظمت مؤتمرات لأطراف المعارضة السياسية، واتسم خطابها السياسي في تقاربها مع الأزمة السورية بالبناء والمتوازن.
محللون: مصر تتخوف من انزلاق سوريا لمصيدة التقسيم خاصة بعد سيطرة تركيا على أجزاء من الشمال السوري
ويرى محللون أن التحركات المصرية تهدف إلى منع انزلاق البلاد لمصيدة التقسيم، مع هيمنة القوى الخارجية على قرارات الأطراف المحلية، لا سيما روسيا وتركيا التي تتقاسم النفوذ فيما بينها، في بلاد أنهكتها الحرب المدمرة على مدار 9 سنوات، فضلاً عن الوجود الأمريكي غير الواضح في ” شرق الفرات” كما زاد من مخاوفها السعي التركي لتثبيت قدم دائم لها في الشمال السوري؛ التي تسيطر علي أجزاء منها فعلياً، الأمر الذي يبعد سوريا أكثر عن عمقها الاستراتيجي العربي.
إعداد: رزان أيوبي