أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خلال الفترة الماضية تم الحديث عن “عدم جدية” الحكومة السورية في الالتزام بالمطالب العربية للحل في سوريا وأن ذلك هو السبب وراء جمود مسألة التطبيع وارتقاء العلاقات بين دمشق والعواصم العربية الأخرى، وهو ما يمكن أن يؤثر على علاقة دمشق بمحيطها العربي والإقليمي، إلى جانب استمرار وضع الشروط بين دمشق وأنقرة للصلح، حيث أن هذه ما تم الإشارة إليه قد يؤدي بعزلة جديدة لسوريا بعد الانفراجات الأخيرة.
“الفجوة تتسع بين دمشق والعرب”
في السياق العربي، يقال إن “الفجوة تتسع بين دمشق والعرب”، خاصة مع “عدم جدية دمشق في الالتزام بمطالب اللجنة الوزارية العربية المشكلة للتطبيع معها”، حيث أن دمشق لم تتخذ أية خطوات نحو ما تمت مناقشه أو المطالب التي تقدم بها العرب.
وكانت صحيفة الشرق الأوسط، نشرت تقريراً قبل أيام قالت فيه أن “دمشق لم تستجب لما نصت عليه خريطة الطريق الموضوعة من قبل اللجنة الوزارية العربية”.
التطبيع مع تركيا.. “اتفاقية أضنة مقابل الانسحاب العسكري”
أما فيما يخص العلاقات مع تركيا، فلاتزال روسيا تعمل على إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق، وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارة نظيره التركي إلى موسكو، بأنهم اقترحوا على الطرفين دخول القوات التركية لعمق محدود ضمن الأراضي السورية لقتال ما وصفه “بالإرهاب”، وفي في إطار ما يسمى “باتفاقية أضنة” لعام 1998، ويبدو أن هذا الاقتراح سيقابل مسألة “الانسحاب العسكري التركي من سوريا”.
ويعتقد متابعون بأن “الانسحاب العسكري” هو مطلب سوري، و “قتال الإرهاب وحفظ الأمن القومي” مطلب تركي، بينما الاقتراح الروسي الأخير يبدو أنه سيشكل توازن بين مطالب الطرفين ويخلق أجواء للتفاوض وربما عودة العلاقات.
“موقف دمشق السياسي مع العرب يفقد التحرك والمساومة”
وأكد محللون سياسيون سوريون أن عدم جدية دمشق بما يخص المطالب العربية “هو موقف سياسي يفقد التحرك والمساومة”، وخلال حديثه لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، قال رئيس الكتلة الوطنية الديموقراطية المعارضة في سورية، باسل كويفي، أن موقف دمشق “يفقد مكانات التحرك والمساومة”، مشيراً إلى أن حضور دمشق لاجتماع القاهرة والقمة العربية هو “تحفيز إضافي” لدور سوريا في الأمن والسلام الإقليمي والدولي.
ولطالما كانت تقارير إعلامية تؤكد أن من مطالب العرب الرئيسية لعودة العلاقات كما كانت مع دمشق، تكمن في “محاربة تجارة المخدرات وتقليص النفوذ الإيراني”، وهو ما قال المعارض السوري أنه يجري فيما يخص “محاربة المخدرات”، معتبراً أن دمشق تحارب تجارة المخدرات والحد من انتشارها، وأشار إلى أن سوريا هي دولة “عبور” وليست دولة “انتاج” للمخدرات، ولفت إلى أن الاتهامات التي تطال دمشق هي بالأساس “بيانات جمركية”، وبناءً على اختراق الطيران المسير للأجواء الأردنية التي “لا نعلم مصدرها”.
“دمشق مقتنعة بمكافحة المخدرات”.. وتقليص الدور الإيراني صعب
مؤكداً أن دمشق نفسها “باتت على قناعة تامة بمكافحة المخدرات”، لافتاً إلى أن قانون الكونغرس الأمريكي في هذا الشأن هو “أداة تنفيذية في إطار منع تداول وتجارة هذه النوعية من المخدرات.
أما فيما يخص “الدور الإيراني في سوريا”، فاستبعد المعارض السوري أن يتم تقليصه في سوريا، كون بين دمشق وطهران “معاهدات وتصريحات رسمية واتفاقات”، وقال إن الدور الإيراني في سوريا “يقتصر على الدور الاستشاري في المجال الأمني والعسكري”، واقتصادياً عبر الاستثمار.
وأكد في الوقت ذاته أن الهدف العربي والإقليمي وحتى الدولي هو أن “يتم تقليص الدور الإيراني في سوريا ووقف المشروع الإيراني المعروف بالوصول إلى البحر المتوسط، وما يعمل عليه من هذا المشروع لأجل الذهاب نحو التغيير الديمغرافي في المنطقة”.
“حل أزمات سوريا يبدأ من الداخل والخارج معاً”
وربط الكثيرون ما تعيشه سوريا اليوم من أزمات اقتصادية، بمواقفها من المبادرات والمطالب العربية، والتأكيد على أن البلاد لن تستطيع الخروج من هذه الأزمة إلا عبر المساندة العربية والإقليمية وحتى الدولية، وهو اتفق معه السياسي السوري المعارض باسل كويفي، وقال إن الحل “يبدأ من الداخل والخارج معاً”، ومسألة التعافي المبكر مرتبط تماماً بالمبادرة العربية واللجنة والوزارية وتصريحات المبعوث الأممي أي أن البلاد بحاجة ماسة لحل سياسي وتنفيذ القرار 2254.
“التطبيع مع تركيا بشرط احترامها للسيادة السورية ووحدة أراضيها”
كذلك فإن أحد نتائج عدم الوصول إلى حلول سياسية في سوريا هو “استمرار الاحتلالات وانقسام الجغرافية السورية” بين أطراف عدة، ومن بين ذلك سيطرة القوات التركية على مساحات واسعة من الأراضي السورية، والمساعي الروسية للتقارب بين دمشق وأنقرة ووضع الحلول لعودة العلاقات، وهو ما اعتبره رئيس الكتلة الوطنية الديموقراطية المعارضة في سورية، باسل كويفي، أنه “نضج” لافتاً إلى أن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق لمصلحة الطرفين، بشرط أن تلتزم تركيا بالسيادة السورية ووحدة أراضيها.
وفي هذا السياق أيضاً أضاف المعارض السوري، أن تركيا تخطط لإعادة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، وهذه الرؤية تختلف عما تريده دمشق، كما أن سيطرتها على مناطق الشمال هو “خرق للسيادة السورية واحتلال”، مشدداً على أن تركيا يجب أن تحترم السيادة السورية وتتعاون مع السلطات لحل الملفات العالقة سواءً اللاجئين أو ما يخص ما تسميها تركيا “بالمنطقة الآمنة”.
“تمسك دمشق بالانسحاب التركي من سوريا واجب”
وشدد أيضاً على أن مستقبل العلاقات السورية التركية يعتمد على “الاحترام المتبادل للسيادة” وعدم التدخل بالشؤون الداخلية السورية، وقال “أصبح لقاء الرئيس الأسد مع الرئيس التركي أردوغان، في أعداد البرامج للوصول إلى نتائج، وطبعاً سيكون موضوع الانسحاب التركي من سوريا أساسي وهذا ما يطلبه الشعب السوري”.
وأكد أن “تمسك دمشق بالشروط وعدم الصلح مع أنقرة” بشرط الانسحاب العسكري “واجب في إطار رفع الاحتلالات جميعها من سوريا”، أما بالنسبة لعدم الجدية مع العرب فإن دمشق تعمل على تنفيذ المطالب ولو بشكل خجول.
(ملاحظة.. ستنشر شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية التفاصيل الكاملة للحوار الذي أجرته مع السياسي السوري باسل كويفي قريباً)
إعداد: ربى نجار