أجرى موقع المونيتور الأمريكي لقاء مطولا مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (SDF) مظلوم كوباني تحدث فيه عن مجمل الأوضاع في سوريا والتهديدات التركية لشمال سوريا والموقفين الأمريكي والروسي حيال ذلك، والحوار بين الادارة الذاتية والحكومة السورية.
المونيتور: ما زال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوجه التهديدات ضد شمال شرق سوريا. كما أنه هناك أخبار يومية عن عزم القوات التركية تنفيذ عملية جديدة ضد شمال شرق سوريا. هل تعتقد بوجود مثل هذا الخطر حقاً؟
كوباني: سابقاً، كان أردوغان يسعى قبل أي هجوم للحصول على دعم دولي. وكان يقوم أيضاً بتوجيه التهديدات، ويقوم بذات الأمر الآن.
باعتقادي هو يرغب في تهيئة الأجواء لعملية عسكرية ما. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي يختلف عما حصل في الماضي. التوازنات اختلفت. في السابق لم تكن هناك اتفاقيات(لا أثناء احتلال رأس العين ولا أثناء احتلال عفرين) بين تركيا والقوى الدولية. الآن هناك اتفاقيتان. اتفاقية سوتشي بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واتفاقية أخرى بين أنقرة مع الولايات المتحدة – وقعها نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس. في رأيي، لن يخطو أردوغان مثل هذه الخطوة دون موافقة روسيا أو الولايات المتحدة. وبقدر ما أعرف، لا توجد موافقات من الجانبين.
المونيتور: هل أعطتكم الولايات المتحدة وروسيا أي ضمانات في هذا الصدد؟
كوباني: نعم. أعطتنا الولايات المتحدة مثل هذا الضمان. قيل لنا رسمياً “نحن ضد أي هجوم تركي تركيا ولن نقبل به”. في الاجتماع الأخير بين أردوغان وبايدن، تم إبلاغ الجانب التركي برفض أي عملية ضدنا.
كما قال لنا الروس الشيء نفسه. إلا أن هناك مخاوف في إقدام تركيا بالهجوم علينا بشكل غير مباشر، وذلك عن طريق المجموعات المسلحة التي تعمل تحت مظلة ما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري”، بدلاً من الجيش التركي. حتى أنهم حددوا موعد الهجوم بتاريخ (5 تشرين الثاني) من هذا الشهر، لكن مر ذلك اليوم دون وقوع حوادث.
المونيتور: ما هي الوجهات المحتملة للهجوم؟
كوباني: منطقة تل رفعت، رأس العين و تل أبيض. كما قلت، يبدو الهجوم التركي في ظل هذه الظروف مستبعداً. علاوة على ذلك، قال لنا الروس بأنهم أبلغوا الجانب التركي بعدم قبولهم بأي هجوم ضدنا. ومع ذلك، لا يمكنهم التنبؤ بالضبط بما ستفعله القوات الموالية لتركيا، كما قالوا لنا أيضا بأنهم لن يقبلوا بهجوم تلك القوات علينا أيضاً. لكن يبقى مدى امكانية منعهم من الإقدام على تلك الخطوة موضع استفهام.
المونيتور: إذاً يبدو أن موقفهم يختلف عن الولايات المتحدة؟
كوباني: لا. يجب فهم المسألة بشكل صحيح. قال الروس إنهم لن يسمحوا بالهجوم علينا، لكن مع ذلك، يمكن لهذه الجماعات أن تقدم على مهاجمتنا دون موافقة تركيا. بالنسبة لنا، نعتقد أنه إذا لم تشارك تركيا بشكل مباشر في الهجوم، فلن تتمكن القوات التابعة لها من تنفيذ مثل هذه العملية.
المونيتور: قلتِ لنا بأن التوازنات مختلفة. تختلف الديناميكيات الداخلية في تركيا أيضاً، حيث بدأ أردوغان وحزبه يفقد شعبيته بشكل متسارع في تركيا. هل تعتقد بأن أردوغان لا يستطيع الإقدام على عملية عسكرية بهدف تحويل الأنظار عن الظروف الاقتصادية المتأزمة أو تغيير الأجندة أو حتى لتأجيل الانتخابات؟
كوباني: هنا نواجه أردوغان، ما يعني امكانية أن يقوم بذلك. قد يقوم بعملية جديدة ضدنا لتقوية موقفه. لذلك، فإننا نأخذ تهديدات أردوغان على محمل الجد، ونقوم باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة. نتصرف كما لو كان هناك عملية وشيكة.
المونيتور: الأوضاع الاقتصادية في شمال شرق سوريا تزداد سوءاً. من ناحية، الحظر والعقوبات، ومن ناحية أخرى، وباء كورونا، وفوق ذلك الجفاف ونقص مياه الشرب نتيجة السياسات التركية. في ظل هذه الظروف، هل يمكن لداعش أن يجد موطئ قدم له مرة أخرى؟
كوباني: داعش لا يزال نشطاً في جميع أنحاء سوريا. وتؤثر هذه الظروف الاقتصادية السلبية على قتالنا ضد داعش.
ترتبط عودة ظهور داعش بالاقتصاد بشكل كبير. هناك الكثير من العاطلين عن العمل. الفقر منتشر وبشكل كبير. كل هذه العوامل تضعف سلطة إدارتنا. داعش يستغل ذلك. ولهذا، فإن على التحالف الدولي وجميع القوى التي تكافح الإرهاب اتخاذ خطوات عاجلة لتحسين الوضع الاقتصادي. لقد أصبح إصلاح الاقتصاد أهم ركائز مكافحة الإرهاب. نحن، قوات سوريا الديمقراطية، نعبر عن ذلك صراحة. إذا كنا سنحارب داعش، يجب أن نعطي الأولوية للاقتصاد.
المونيتور: النفط مصدر مهم للدخل بالنسبة لهذه المنطقة، لكن إدارة بايدن لم تعد تسمح لشركة دلتا كريسنت، التي لديكم صفقة معها لإنتاج وتسويق النفط، بمواصلة عملها في شمال شرق سوريا.
كوباني: المسألة ليست في النفط فقط. مطالبنا لا تقتصر على النفط. مطلبنا أن يتم اعفاء كامل شمال شرق سوريا من عقوبات قيصر. مطلوب قرار رسمي في هذا الشأن.
المونيتور: ماذا كان رد إدارة بايدن؟
كوباني: موقفهم لغاية الآن إيجابي.
المونيتور: ولماذا لا توجد إجراءات ملموسة اذاً؟
كوباني: ننتظر منهم الوفاء بوعودهم .
المونيتور: إدارة بايدن تريدكم أن تتفاوضوا مع النظام السوري عبر روسيا. هناك الكثير من الشائعات حيال هذا الأمر. على سبيل المثال، قيل إن الدار خليل سافر إلى دمشق وزُعم أنه سلم رسائل دافئة إلى النظام. ما الذي يحدث بالفعل؟
كوباني: حتى الآن لم يذهب أحد إلى دمشق لإجراء مفاوضات. في الواقع، لا توجد مفاوضات جادة مع دمشق الى الآن. كانت هناك بعض الاتصالات الشخصية فقط ولم تتحول هذه الاجتماعات إلى أية مفاوضات.
المونيتور: ما السبب الرئيسي لذلك؟
كوباني: حكومة دمشق ليست مستعدة لذلك. الحكومة السورية ما زالت على نفس الذهنية. يجب الضغط عليهم. هناك مشكلة ثقة متبادلة.
المونيتور: هل يشترطون قطع علاقاتكم مع أمريكا أولاً؟
كوباني: لا. يقولون: لا نريد دولة داخل دولة. لا نريد جيشا داخل جيش. ولكن مشروعنا هو إدارة ذاتية وهو مستمر حالياً. يريدون تطمينات بشأن هذه القضايا لبدء التفاوض. قطع العلاقات مع أمريكا ليس من أولوياتهم. إنه ليس شرطاً مسبقاً. شروطهم المسبقة هي وحدة سوريا غير القابلة للتجزئة، رفع العلم، الحدود، الرئيس، سيادتهم. إنهم يريدون تأكيدات منا بشأن هذه الأمور. نحن على استعداد لتقديم تأكيدات بشأن هذه القضايا. لكن يجب عليهم أيضاً أن يكونوا مستعدين للتفاوض بشأن الإدارة الذاتية القائمة.
المونيتور: هل يشمل ذلك المناطق العربية؟
كوباني: هم أيضاً لديهم مطالب. في النهاية هناك مشاكل خاصة لتلك المناطق أيضاً. نحن لم نأخذ تلك المناطق من النظام، بل ثاروا ضد النظام، ثم جاءت القاعدة، ومن بعدها داعش. ذهبنا وحررنا تلك المناطق من داعش. على الحكومة السورية الدخول في مفاوضات مع تلك المناطق أيضاً.
المونيتور: هل روسيا صادقة في مساعي الوساطة؟
كوباني: علاقاتنا جيدة مع روسيا. هناك اتفاق عملي بيننا وبينهم في الميدان وهو مستمر منذ عامين. بدون روسيا لن ينجح هذا. لروسيا نفوذ على حكومة دمشق، وهذا مهم جداً. أعتقد بأن روسيا يمكن أن تعمل بفاعلية أكبر. يمكن أن تمارس المزيد من الضغط على حكومة دمشق.
المونيتور: أين إيران من هذه التوازنات؟ في النهاية إيران هي لاعب مهم في سوريا، مثلها مثل تركيا، فإنها تعارض المكاسب السياسية للأكراد. هل يجب أن تكون جزءاً من الحل أيضاً؟
كوباني: حالياً روسيا هي المتواجدة هنا رسمياً بدعوة من حكومة دمشق. أعتقد أن المحدد الرئيسي هو دور روسيا. أعتقد أن روسيا ستصل أخيراً إلى المسار الذي نريده. ليس لديها خيار آخر.
المونيتور: لكن لدى روسيا أيضاً علاقات مع تركيا. يجب أن تحافظ أيضاً على التوازن مع تركيا، وخاصة بما يخص إدلب. وكما تعلمون ووفقًا للسيناريو الذي يتم الحديث عنه باستمرار، فإن روسيا ستقدم تنازلات لتركيا في منطقتكم مقابل تقديم تركيا تنازلات لروسيا في إدلب؟.
كوباني: لا أعتقد أن هذا الأمر ممكن بعد الآن، لا تريد روسيا أن تحتل تركيا مزيداً من أراضي سوريا، وهو ما يخبروننا به رسمياً، كما أكدوا لنا بأنهم أبلغوا تركيا بذلك أيضاً.
المونيتور: هل تعتقدون أن لدى الولايات المتحدة استراتيجية لهذه المنطقة؟ نعلم أنه يجري العمل عليها حالياً، لكن لم تنشر أي وثائق أو خطط أو برامج حتى الآن؟.
كوباني: ليس لدة واشنطن خطة كاملة. على الأقل لم يخبرونا عن وجود ذلك. هم مهتمون بمحاربة داعش. مطلبنا الأساسي هو استفادة من الوجود الأمريكي للوصول إلى حل في سوريا، وأن يبقوا هنا حتى يتم التوصل إلى حل سياسي.
المونيتور: هل ستنسحب تركيا من سوريا؟
كوباني: إذا توصل الشعب السوري وحكومته والقوى الدولية إلى اتفاق، فسيتعين على تركيا الانسحاب. إذا تغيرت حكومة أردوغان في تركيا، فإن ذلك سيسهم في الانسحاب التركي بالتأكيد.
المصدر: موقع المونيتور الأمريكي
ترجمة : اوغاريت بوست