دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

مساعي أمريكية لتشكيل حلف مناوئ “لمسار آستانا”.. وإبعاد أنقرة عن دمشق عبر الحوار مع الأكراد السوريين

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – هدأت التصريحات والمواقف الإعلامية من قبل المسؤولين الأتراك تجاه تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، وذلك بعد فترة كان مسؤولو “العدالة والتنمية” وحتى شخصيات الأحزاب المعارضة التركية، تتحدث عن ضرورة إعادة العلاقات بين الطرفين لحل ما يقلق أنقرة من الأزمة المستمرة في سوريا، والتي كان لها دور كبير في ديمومتها وتأزيمها.

جهود حثيثة روسية إيرانية لتسريع التطبيع.. ورسائل أمريكية

يأتي ذلك في وقت تواصل روسيا وإيران، راعيتا التطبيع، جهودهما لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، وإعطاء دفعة لامكانية حل الأزمة في سوريا وفق مسارات ترعاها هذه الدول، بعيداً عن الأمم المتحدة أو الغرب، وكل ذلك يحصل وسط تحفظ أمريكي وعودة واشنطن للملف السوري عبر امكانية تجميع “خصوم دمشق” لعرقلة المساعي الروسية الإيرانية.

وكان الاجتماع الذي دعت إليه واشنطن قبل أيام في جنيف السويسرية، والتي حضرته “هيئة التفاوض” السورية المعارضة مع 15 دولة أجنبية وعربية وبينها جامعة الدول العربية، بمثابة رسالة واضحة إلى روسيا، بأنه لا امكانية لتبديل مكان عقد اللجنة الدستورية، واستفراد موسكو وطهران بهذا الملف والحل في سوريا.

وخلال الاجتماع رفضت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل قاطع التطبيع مع الحكومة السورية، وتوعدت بالعقوبات ضد كل من يعيد العلاقات معها، فيما قال المبعوث البريطاني إلى سوريا والذي شارك في الاجتماع، أن المساعي التي قامت بها بعض الدول لإعادة العلاقات مع الحكومة السورية لم تكن بالمستوى المطلوب.

واشنطن تعمل لإبعاد أنقرة عن دمشق عبر الحوار مع الكرد السوريين

ووفق المعلومات الواردة والتي تحدثت عنها العشرات من التقارير، فإن الولايات المتحدة مع مساعيها السياسية لإفشال التقارب بين أنقرة ودمشق، فإن هناك مساعي على الأرض تصب في مصلحة عدم نجاح مساعي كل من إيران وروسيا بتقارب الأسد مع أردوغان، وذلك عبر تجديد المبعوث الأمريكي الجديد إلى سوريا نيكولاس جرانجر، الذي يمتلك خبرة سياسية وعسكرية واسعة في الشرق الأوسط وأفغانستان، ودعوته للحوار بين الأطراف الكردية – الكردية في سوريا، أي “أحزاب الوحدة الوطنية” (الإدارة الذاتية)، و “المجلس الوطني الكردي” المدعوم من تركيا، وسط حديث عن مغريات وعروض لتلك الأطراف من بينهم تركيا؛ في حال نجاح الحوار.

وتقول التقارير الإعلامية أن العرض الأميركي المطروح حالياً، يتضمن مغريات اقتصادية ستستفيد منها كل الأطراف مع تركيا، حيث سبق وأن استثنت الولايات المتحدة؛ مناطق الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي من سوريا من عقوبات قيصر، وسط أنباء تتحدث عن توقيع عشرات الشركات العالمية لعقود للاستثمار في هذه المنطقة الغنية وبكل المجالات.

وتعول واشنطن على أن تخلق أطروحاتها نموّاً يخفّف الأعباء الاقتصادية عن تركيا ويقنعها بالحوار مع الإدارة الذاتية السورية، حيث يعتبر الأمريكيون هذا المسار بوّابة لتشكيل حلف وازن بين قوات معارضة لدمشق، وهذه القوى بالتالي يمكنها التأثير على دمشق للتغيير السياسي.

رسائل للعرب.. وماذا يمكن أن تختار تركيا ؟

إضافة لذلك كله، فإن واشنطن تسعى من خلال هذه الخطوات، إيصال رسالة للدول العربية، التي ترغب بعودة العلاقات مع دمشق وإعادتها للجامعة العربية، بأن الموقف الأمريكي واضح من التطبيع مع دمشق وهو الرفض، وسط تساؤلات حول كيفية تفكير تركيا، بالأطروحات التي تقدمت بها واشنطن، من خلال إزالة مخاوفها الأمنية والفائدة الاقتصادية من جهة، وبين ما يمكن أن تجنيه تركيا من التطبيع مع الحكومة السورية، كما ترغب إيران وروسيا.

ويرجح سياسيون أن تميل تركيا على “مسار آستانا” حيث أن هذا المسار يضمن لها عودة اللاجئين السوريين، وعدم تشكيل أي كيان سياسي كردي في سوريا وإبعاد قوات سوريا الديمقراطية عن الحدود لـ 30 كيلومتراً، وعودة الحكومة السورية لملء تلك المناطق، وهذه الملفات تراها أنقرة ورقة رابحة في زيادة شعبيتها المنهارة قبيل الانتخابات الرئاسية القادمة.

بينما يفكر البعض الآخر، أن أنقرة قد تقبل بالحوار مع الأطراف الكردية كما ترغب واشنطن والتخلي عن رغبات “ضامنيّ آستانا”، شريطة إزالة مخاوفها الأمنية، كما أن هذه العلاقات الجديدة يمكن أن يعود عليها بالفائدة الاقتصادية لاقتصادها شبه المنهار، والذي تأثر كثيراً بالتدخلات العسكرية في سوريا، كما أن أنقرة ستستفيد أيضاً من تحسين العلاقات مع واشنطن، التي شهدت خلافات كثيرة بعد تسلم إدارة الرئيس بايدن للحكم في البيت الأبيض.

ويرى سياسيون، أن واشنطن اتخذت قرار بالعودة إلى الملف السوري، بعد تجاهل طويل، وتشكيل حلف أو واجهة مناوئة “لمسار آستانا”، ووقف مسارات التطبيع مع الحكومة السورية التي تعمل عليها كل من روسيا وإيران، وضمان عدم خروج حل الأزمة السورية عن قرار 2254 الأممي.

إعداد: علي إبراهيم