أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد نحو شهر من إعلان بغداد عن دخولها لخط الوساطة بين سوريا وتركيا وإعادة تطبيع العلاقات بين الطرفين بعد 13 عاماً من القطيعة السياسية، وما تم الإعلان عنه باستعدادات لاستضافة لقاء بين مسؤولين من البلدين، أفادت تقارير إعلامية بأن الظروف لاجتماع بغداد “لم تنضج بعد” حيث أن تركيا مطالبة اليوم بالإعلان عن جدول زمني محدد للانسحاب من سوريا للبدء بالمفاوضات.
وتأتي هذه التطورات في ظل ما شهده الشمال السوري خلال الأيام الماضية، باندلاع احتجاجات شعبية عارمة وغير مسبوقة في مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها و “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” وذلك رفضاً للتقارب بين دمشق وأنقرة وإعادة افتتاح المعابر بين مناطق سيطرة دمشق والفصائل، والعنصرية الممارسة بحق اللاجئين السوريين في تركيا. إضافة إلى اللقاء الذي جرى بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان على هامش أعمال اجتماع قمة شنغهاي.
قمة بوتين بأردوغان.. و “الظروف لم تنضج لاجتماع بغداد”
وخلال الاجتماع بين بوتين وأردوغان، لم يتم الإفصاح عن الكثير من المعلومات سوى أن الطرفين دعا إلى حل سياسي للأزمة السورية، بدوره أبدى أردوغان استعداداه للتعاون مع موسكو لإرساء الاستقرار في سوريا مع معاودة تهديد الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية وأنهم في أنقرة منعوا إقامة ما يعتبرونه “دولة إرهابية” في الشمال السوري، حسب وصفهم.
وبينما هناك حذر من الطرفين من كيفية التعاطي حول هذا الملف إعلامياً وسياسياً، قالت صحيفة الوطن المقربة من الحكومة السورية أن الظروف لم تنضج بعد للقاء مسؤولي البلدين في بغداد، وذلك بعد تقرير آخر أشارت فيه إلى أن الأمور تسير بشكل جيد وأن المفاوضات وعودة العلاقات قريبة من أي وقت مضى.
أنقرة مطالبة “بتصريح علني ورسمي” للانسحاب من سوريا
الصحيفة أشارت إلى “وجود اتصالات عربية وروسية مستمرة لضمان سيادة الأراضي السورية كاملة قبيل أي اجتماع مزمع بين دمشق وأنقرة” في بغداد، إضافة إلى اتصالات عربية روسية بأن يقوم الجانب التركي بإعطاء تصريح رسمي وعلني بالانسحاب من الأراضي السورية وفق أجندة محددة زمنياً.
وكما تم وصفها في تقارير سابقة، فإن شرط الانسحاب العسكري التركي ليس شرطاً وفق “الوطن”، وقالت نقلاً عن مصادر “لم تسمها” بأن “هذه ليست شروطاً مسبقة كما يحلو للبعض تسميتها، بل هي قاعدة أساسية يمكن البناء عليها للبحث في المتبقي من الملفات”.
“الإدارة الذاتية وقسد”.. العقبة الأكبر للصلح بين دمشق وأنقرة
وذكرت تقارير إعلامية أخرى بأن هناك الكثير من العقبات لا تتمكن هذه الأطراف من تجاوزها في إطار عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة، وأبرزها كيفية التعامل مع ملف الشمال الشرقي السوري والإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، مع ملف اللاجئين السوريين وعودتهم إلى البلاد، وهو ما أكده مسؤول عراقي في وزارة الخارجية العراقية الذي استبعد أيضاً أي اجتماع بين مسؤولي البلدين في المدى القريب.
ووفق صحيفة “الشرق الأوسط” فإن مسؤول في مكتب رئيس الحكومة العراقية، قال “إن بغداد تعمل على إنجاح وساطتها لترطيب الأجواء بين دمشق وأنقرة، وأن تبدأ مرحلة استقرار جديدة في المنطقة”، وتابع “الوساطة ليست مفاجئة (…) لقد أعلن عنها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مطلع الشهر الماضي، والحكومة لم تتوقف عن العمل الدبلوماسي الذي يخدم التهدئة والمصالحة في المنطقة، خصوصاً مع بلدان لدينا معها حدود ومصالح مشتركة”.
“وساطة بغداد يعني ضوء أخضر إيراني”.. والعقبات كثيرة
ونقلت “الشرق الأوسط” أيضاً عن “مصادر سياسية”، “إن دخول بغداد على خط الوساطة بين أنقرة ودمشق يعني بالضرورة أن طهران منحت ضوءً أخضر لذلك، لا سيما أن ملف مناطق الإدارة الذاتية ومسألة حزب العمال الكردستاني على قدر كبير من الحساسية السياسية والميدانية بالنسبة لطهران”.
وبالنظر إلى طبيعة كل هذه الملفات الشائكة والخلافات الممتدة بين دمشق وأنقرة، لا يمكن اعتبار أن تكون عملية التطبيع وعودة العلاقات سهلة وقريبة وفق ما يراه خبراء ومحللون سياسيون، رغم التصريحات الأخيرة للرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان، الذي كسر نوعاً ما من الجمود السياسي بينهما.
الشمال السوري.. احتقان شعبي واحتجاجات وتصعيد عسكري
وشهدت مناطق الشمال السوري ضمن مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل، احتقاناً شعبياً مع عودة الحديث عن التطبيع بين دمشق وأنقرة، مع مخاوف من صفقات ومقايضات جديدة في هذه المناطق، خاصة وأن الكثير من المناطق في البلاد كانت على مر السنوات الماضية ضحية للمقايضات بين أنقرة وموسكو في إطار مسار آستانا.
بينما زاد من الاحتقان الشعبي التفاهمات الروسية والتركية التي أفضت لفتح معبر “أبو الزندين” بريف حلب، مع حديث عن تجهيزات لإعادة فتح طريق الشط الذي يربط تركيا بالخليج العربي عبر سوريا وذلك لتنشيط الحركة التجارية، بينما فجر هذا الاحتقان وحوله لاحتجاجات شعبية كبيرة وغير مسبوقة ضد تركيا والفصائل، بعد الممارسات العنصرية بحق اللاجئين السوريين في تركيا.
بينما تتزامن كل هذه التطورات المتسارعة مع عودة التصعيد العسكري إلى منطقة خفض التصعيد وتزايد ملحوظ في مستوى العنف وهو ما أثار مخاوف بشكل أكبر حول وجود ربما صفقات واتفاقات جديدة حول الشمال السوري.
إعداد: ربى نجار