أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – ارتفاع كبير في حدة التصريحات الإعلامية للمسؤولين الأتراك تجاه اللاجئين السوريين تعكس مدى تخلي الحكومة الحالية برئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم عن ملايين السوريين المتواجدين على أراضيها بعد سنوات من استخدامهم كورقة ضغط في وجه الأوروبيين ومن قبلها كذريعة لتواجد الألاف من القوات التركية داخل الأراضي السورية وإقامة عشرات القواعد العسكرية.
تطورات سياسية لافتة
زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشالي، وهو حليف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان أول الداعين لعدم عودة السوريين إلى تركيا بعد انقضاء عطلة العيد قائلاً: “من يذهب منهم لقضاء عطلة العيد في بلاده يجب أن لا يعود إلى تركيا”، مؤكداً انه على الحكومة الأخذ في الاعتبار ما سيكون عليه التركيب السكاني لجغرافيا البلاد خلال الـ500 عام القادمة.
تصريحات “بهتشالي” جاءت بالتزامن مع مفاجأة كبيرة أطلقها وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، عندما قال انه بالإمكان التعاون مع الرئيس السوري، بشار الأسد، في قضايا “الإرهاب” و”المهاجرين”، دون الاعتراف به، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تجري لقاءات حالياً مع الحكومة السورية لحل مسألة اللاجئين السوريين.
من جانبه أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التصريحات التي أدلى بها وزير داخليته سليمان صويلو، بشأن تقييد “زيارات العيد” للسوريين المقيمين في تركيا إلى بلادهم، حيث قال صويلو، إن “بلاده تدرس تقييد السماح للاجئين السوريين المقيمين في تركيا بالتوجه إلى بلادهم من أجل قضاء عطلة هذا العيد والعيد المقبل”، مضيفاً: “لدينا تقييم حول عدم السماح بالذهاب لعطلة هذا العيد والعيد المقبل، لِنرَى لا شيء مؤكدا حتى الآن”.
مناكفات سياسية بين الحكومة والمعارضة
بدورها، تستخدم المعارضة التركية قضية اللاجئين كورقة رابحة ضد الحكومة، فبعد قيام المسؤولين الأتراك بمهاجمة أحزاب المعارضة الداعية لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم حتى وقت قريب، يبدو انهم أصبحوا مستعدين لحقيقة أن الوقت قد حان لعودة هؤلاء، بل وذهبت الحكومة التركية الحالية إلى أبعد من ذلك بدعوتها للتعامل مع الحكومة السورية واعترافها بعقد لقاءات بين مسؤولين أتراك وأخرين سوريين على المستوى الاستخباراتي وهي ما كانت تعتبرها سابقاً فاقدة للشرعية.
كما طالب حزب الشعب الجمهوري المعارض الحكومة بتقديم توضيحات حول اللاجئين السوريين موجهاً سؤالاً مفاده: “لماذا توزعون الجنسية عليهم، إلى ماذا تستعدون؟”، وسط مخاوف من قبل أحزاب المعارضة التركية باستخدام اللاجئين السوريين الحاصلين على الجنسية والبالغ عددهم حسب إحصائيات رسمية 110 ألاف لترجيح كفة الرئيس التركي أردوغان و حزب العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة.
يتجاوز عدد اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا، مايقارب 4 ملايين شخص، ويتركز العدد الأكبر منهم في ولاية إسطنبول، لتتبعها ولاية شانلي أورفة الحدودية، وغازي عنتاب وهاتاي، حيث يرى مراقبون أن المشهد الحالي يندرج ضمن خانة المناكفات السياسية التي تدخل بها أحزاب المعارضة مع الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم، إذ تحمل المعارضة الحكومة المسؤولية حول النقطة التي وصل إليها ملف اللاجئين السوريين في البلاد خلال الوقت الحالي، وذلك من خلال التعامل مع هذا الملف إلى الأن بضبابية وعدم الشفافية في الكثير من الجوانب بينها إخفاء الأرقام الحقيقة لأعداد اللاجئين السوريين وعدم الافصاح عن حجم المبالغ التي صرفت عليهم خلال السنوات الماضية.
فعلى الرغم من تضارب رؤية وأفكار كل طرف سياسي في تركيا بشأن ملف السوريين، إلا أن ما يجمعهم هو حديثهم المتكرر عن إعادتهم إلى بلادهم، حيث قال أردوغان في تصريحين منفصلين خلال يومين متتاليين انه عندما يتم إنشاء بيئة مريحة فإن اللاجئين سيعودون إلى بلدهم، إلى جانب تصريحات شخصيات وأحزاب معارضة كون هذا الملف يحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحالي، وبالتالي يجب إعادة الخطاب مرارا وتكرارا، فهل سيكون اللاجئين السوريين هم ضحية الانتخابات القادمة في تركيا.