أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في وقت تتصاعد فيه عمليات الاستهداف والاشتباكات والقصف الجوي على منطقة “خفض التصعيد”، أجرى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قبل أيام، زيارة إلى محافظة إدلب برفقة قادة الجيش بجولة تفقدية على الوحدات العسكرية، وذلك بعد أيام من بيان صدر عن البرلمان السوري يندد فيه استمرار “احتلال” تركيا للواء اسكندرون.
وتسيطر تركيا فعلياً على محافظة إدلب بشكل شبه كامل، إضافة إلى مدن إعزاز وجرابلس والباب و عفرين و رأس العين و تل أبيض شمال سوريا، وذلك من خلال عمليات عسكرية عدة قامت بها تركيا ضد قوات سوريا الديمقراطية، وبعض تلك المدن جرى تسليمها من قبل تنظيم داعش الإرهابي بشكل سلمي لتركيا خلال سنوات الأزمة.
ما معنى زيارة أكار إلى إدلب ؟
وترى أوساط سياسية أن زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى إدلب تحمل دلالات خطيرة للغاية تهدد وحدة الأراضي السورية، إضافة إلى أنها تأتي كرد على بيان صدر من مجلس الشعب بدمشق في الذكرى السنوية الـ72 لضم لواء اسكندرون، والتي قابلته تركيا برد شديد واعتبرته “وقاحة”.
وتشدد تلك الأوساط على أن زيارة أكار إلى إدلب تحمل نيات تركية دفينة، بأن أنقرة تسعى لتكرار تجربة شمال قبرص في شمال سوريا، باقتطاع المدن السورية، واعتبارها أراضٍ تركية، وذلك بالضبط ما تخطط تركيا لفعله في إطار مشروعها “الميثاق الملي”، كونها تعتبر جزء كبير من الأراضي السورية، هي أراضي تركية، وأنها قسمت في معاهدات واتفاقات تعود لنحو قرن من الزمن.
هل تنوي تركيا فعلاً سلخ الشمال السوري ؟
يشار إلى أن هذه الزيارة ليست الأولى لمسؤولين أتراك كبار وقادة الجيش ووزير الدفاع أيضاً، حيث سبق ذلك زيارات عدة قام بها وزراء وولاة أتراك لمدن سورية كإعزاز وعفرين، لكن توقيت زيارة أكار إلى إدلب بعد بيان مجلس الشعب السوري، يدل على أن تركيا متمسكة بخططها التي تسعى من ورائها سلخ تلك المدن وضمها.
وسبق أن نشرت شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، أن تركيا تنوي إجراء استفتاء شعبي يشارك فيها من يوالونها، من عوائل فصائل المعارضة وسكان محليين، حيث عملت تركيا خلال السنوات السابقة على توطين عوائل الفصائل الموالية لها و إعادة مئات الآلاف من السوريين من تركيا إلى سوريا.
وتخطط تركيا بحسب مصادر خاصة سبق وأن تحدثت لشبكتنا، بتغيير ديمغرافي كامل في شمال سوريا وإجبار السكان الأصليين الرافضين لتواجدها بالهجرة، مع خطوات أخرى تمثلت بتبديل العملة والهوية الوطنية بالتركية.
ما موقف دمشق وحلفائها ؟
محللون سياسيون سويون عبروا عن مخاوفهم من المساعي التركية التي تأتي دون أي رفض أو إجراء رادع من قبل روسيا وإيران حليفتا الحكومة السورية، كما أن دمشق أيضاً لا تحرك ساكناً ضد الإجراءات التركية في المناطق الشمالية، التي لا يفهم منها إلا “كموافقة ضمنية”، مشيرين إلى أنه في حال عدم تحرك دمشق وموسكو لردع تركيا، فإننا سنشهد “لواءات اسكندرون” جديدة في الشمال السوري، وليس من المستبعد خلال السنوات القادمة أن يصدر البرلمان السوري بيانات يندد من خلالها ضم تركيا للمدن السورية.
ولم تكن لواء اسكندرون محل اهتمام للإدارات السياسية والحكومات المتعاقبة في سوريا، خاصة لحزب البعث الحاكم والذي يحكم البلاد منذ أكثر من 40 عاماً، بل اكتفوا جميعهم بجعل فلسطين القضية الأساسية مع بعض التحركات الخجولة حيال الجولان السوري المحتل من قبل إسرائيل، وهذا ما ساعد تركيا بحسب سياسيين سوريين، بأن توسع من رقعة سيطرتها في الشمال مستغلة صمت النظام الحاكم وحلفاءه.
“أنقرة تناقض تصريحاتها حول وحدة الأراضي السورية وسيادتها”
وخلال البيانات المشتركة السابقة لاجتماعات مسار آستانا “لروسيا وتركيا وإيران”، كانت أنقرة تقول أنها مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، وترفض المساعي لتقسيمها.
إلا أن ما يحدث الآن بحسب الكثير من المحللين السياسيين السوريين، لا يوافق التصريحات التركية، معتبرين أن تركيا تستغل استمرار الأزمة السورية لتوسيع رقعة سيطرتها أكثر في البلاد مع استمرار تهديداتها بشن هجمات جديدة في شمال شرق سوريا وبالتالي إلحاق تلك المناطق بالمدن التي تسيطر عليها تمهيداً لسلخها.
إعداد: ربى نجار