أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – أيام قليلة تفصلنا عن تطبيق قانون العقوبات الأمريكي “قيصر” على سوريا، هذا القانون الذي يأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد والليرة السورية انهياراً سريعاً وبشكل يومي، حيث وصل سعر صرف الليرة أمام الدولار لعتبة 2250 ليرة في أسوء انخفاض تشهده العملة المحلية في تاريخها.
محللون سياسيون رأوا أن الاقتصاد السوري متهالك حتى قبل تطبيق “قيصر”، لأن الاقتصاد السوري يعاني من مشاكل تركيبية وانعدام الموارد والفساد، مشيرين إلى أن تجنب الحكومة لهذا القانون سيكون مستحيلاً لأنه يستهدف أي شركة أو دولة أو كيان يقوم بالتعامل معها.
لا حلول
الكاتب والباحث السياسي، الأستاذ في جامعة مدينة نيويورك الأمريكية، الدكتور نصير العمري، رأى خلال تصريحات خاصة “لشبكة أوغاريت بوست الإخبارية” أن “قانون قيصر يسد أفق الحلول السياسية التي يمكن ان تنتج عنها حلول اقتصادية”.
وأوضح أنه عندما يمنع ويهدد هذا القانون أن يتم التعامل مع “النظام السوري”، بمؤسساته الاقتصادية والسياسية، فهذا يعني أن “هذا النظام يعاني من انسداد أفق الحلول، فحتى الحلفاء الذين يعانون من عقوبات أمريكية سيكون من الصعب اتخاذ قرارات تتحدى هذا القانون لأنه سيعرض الأنظمة مثل إيران وروسيا وأي أشخاص وشركات خاصة وحكومية للعقوبات، وهذا يضاعف معاناة هذه الأنظمة التي لم تجني الكثير مما يحصل في سوريا من خلال دعمها للنظام”.
ولفت العمري إلى أن إضافة هذه الجهات عقوبات على نفسها وعلى الاشخاص والشخصيات السياسية والشركات يضاعف من معاناتها، وهذا ما لا تحتاجه. واصفاً قانون قيصر “بالخطير” لأنه يسد ويحجب تغيير الواقع الاقتصادي في سوريا ويمنع الحلفاء من أي مبادرة سياسية يمكن أن تعيد تأهيل “النظام”.
أمريكا ليست شرطياً.. والعقوبات ستكون تدريجية
وحول تصريحات بعض الشخصيات الأمريكية، أن هناك مناطق سورية مستثناة من “قيصر” قال الدكتور العمري، “أن الولايات المتحدة لن تقوم بتنفيذ هذا القانون على الأرض على طريقة الشرطي، حيث ستعتمد على جمع المعلومات وعلى مراقبة الأنشطة والشركات والأشخاص والدول التي تتعامل مع النظام السوري، ولن يصل لدرجة أن تراقب الحدود الفاصلة بين المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام والمناطق الأخرى، وسيتم بالتدريج ملاحقة أي جهة تتعامل مع النظام وستأخذ وقت”.
واستبعد العمري أن يحصل كل شيء خلال منتصف حزيران، حيث ستكون هذه العقوبات تدريجية، والمناطق غير الخاضعة للحكومة ستبقى وتتمتع بنفس الميزات وهي الابتعاد عن العقوبات وهذا سيخلق مشاكل جديدة، وأشار أن الحكومة سيمكنها الاستفادة من الثغرات في القانون، ولكن لن يكون هناك إعادة تأهيل وفتح الاقتصاد وإعادة إعمار بعد دخول قيصر حيز التنفيذ.
مشاكل الاقتصاد السوري غير متصلة “بقيصر”
وشدد المحلل والباحث والاستاذ في جامعة نيويورك الأمريكية، على أن المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد السوري من نقص في الموارد وتقسيم سوريا ومشاكل هيكلية غير متصلة بقانون “قيصر”، الذي هو تشريع وليس سياسية أو قرار من البيت الأبيض، بل هو تشريع يشبه “تجريم النازية والإبادة الجماعية”، فهذا القانون هو “أدرج النظام السوري على أنه قام بامتهان البشرية، وقام بالإبادة الجماعية”، والكونغرس وحده من يستطيع إلغاءه لأنه هو من قام بصياغته، فلذلك طريق إلغاء هذا القرار مغلق وغير ممكنة.
لا مفر من “القيصر”.. والانتقال السياسي الحل الوحيد
ورجح العمري أن تقوم الحكومة بالتحايل على “قيصر” من خلال طرق عدى منها “التهريب عن طريق الحدود اللبنانية وربما محاولة الحصول على المال بعيداً عن الرقابة والأنظمة الدولية، أوعن طريق حصوله على الاموال من داعميه”، وتابع “هذه الطرق لن تكون كافية لإنعاش الاقتصاد السوري والتحايل على قيصر”.
وأشار إلى أن الحل الواقعي الوحيد هو ماتعمل عليه روسيا على الأقل، حسب قرارات آستانا، وهو أن يكون هناك انتقال سياسي وإعادة توحيد لسوريا وقدوم حكومة ونظام جديد يرفع العقوبات الدولية وقانون قيصر كلها، مشدداً على أن ذلك بعيد المنال، ولن تستطيع أي دولة أن تتجاوز قانون قيصر وتعيد الاستقرار والنمو الاقتصادي لسوريا.
إعداد: ربى نجار