أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في ظل ما تعيشه منطقة الشرق الأوسط من ظروف استثنائية متمثلة بالحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، تشهد المناطق الشمالية السورية تصاعداً ملحوظاً في مستوى العنف والتصعيد العسكري من قبل أطراف الصراع، وهو ما قد يدل بحسب متابعين على أن المنطقة داخلة في مرحلة جديدة قد تكون فيها “العمليات العسكرية” عنواناً لها.
وكان محللون سياسيون ومتابعون للشأن السوري توقعوا بأن تشهد مناطق الشمال السوري تصعيداً عسكرياً بالتزامن مع انشغال العالم بالحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، واحتمال أن تستغل الحكومة السورية وروسيا ذلك لتوسيع رقعة سيطرتها ضمن ما تبقى من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد.
محاور غرب حلب تشتعل
زيادة مستوى العنف في الشمال السوري تركز بشكل كبير على منطقة “خفض التصعيد” خلال الفترة الماضية، حيث القصف المدفعي والصاروخي والاشتباكات بين أطراف الصراع، مع عودة عمليات الاستهداف التي تطال القواعد والنقاط العسكرية التركية وهو ما غاب عن الفترة الماضية.
وتتركز المواجهات بشكل عنيف على محوري كفر عمة والفوج 46 غرب مدينة حلب، حيث شهد المحور خلال الساعات الـ24 الماضية، اشتباكات عنيفة بدأت صباح الخميس، واستخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي متبادل طالت المناطق المدنية ضمن مناطق سيطرة الطرفين.
ووفقاً للمصادر التي تحدثت لشبكة أوغاريت بوست الإخبارية، فإن قوات الحكومة السورية بدأت منذ فجر الخميس بقصف صاروخي ومدفعي عنيف على محاور قرية كفرتعال وغيرها من القرى القريبة من خطوط التماس، وذلك بأكثر من 200 قذيفة، فيما استهدفت الفصائل بعشرات القذائف محور الفوج 46 و بلدة أورم الصغرى.
قصف محيط نقطة عسكرية تركية
كما طال قصف قوات الحكومة السورية بلدات كفرعمة وتديل والواسطة والقصر وذلك بوابل من القذائف الصاروخية والمدفعية، إضافة إلى أطراف بلدة كفرنوران وصولاً إلى بلدتي الأبزمو والسحارة غرب حلب ضمن منطقة “خفض التصعيد”، وأكدت المصادر أن حملة القصف هذه هي الأعنف والأشمل منذ أشهر والتي تطال كل هذه المناطق في يوم واحد.
وأكدت المصادر ذاتها التي تحدثت لشبكة أوغاريت بوست، أن إحدى القذائف التي أطلقتها قوات الحكومة السورية سقطت في محيط القاعدة العسكرية التركية في بلدة الأبزمو غرب حلب، دون أي معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات، فيما استنفرت القوات التركية المتواجدة في القاعدة تحسباً لأي طارئ.
غارات لسلاح الجو الروسي.. وخسائر بشرية من الطرفين
ولفتت المصادر إلى اندلاع اشتباكات بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة على محور الرويحة بريف إدلب الجنوبي، وسط قصف متبادل بين الطرفين، ونوه إلى سقوط قتلى من الطرفين، كذلك الاشتباكات تركزت أيضاً على خطوط التماس في أرياف حلب وإدلب وحماة واللاذقية، مع التأكيد على أن سلاح الجو الروسي دخل في خط المعارك وشن غارات جوية على مناطق الاشتباك، لكن دون ورود أي معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
ومع تعدد الروايات حول أعداد وحصيلة الاشتباكات من الخسائر البشرية، تحدثت مصادر ومواقع إعلامية معارضة عن مقتل 5 عناصر لقوات الحكومة السورية “بكمين” على محور الرويحة شرق إدلب.
فيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل أكثر من 5 عناصر من “تحرير الشام”، إثر عملية انغماسية نفذها عناصرها على محور أورم الصغرى غربي حلب، و استمرت العملية لساعات، وأسفرت عن مقتل 3 من قوات الحكومة والعديد من الجرحى، وتأتي تلك العملية عقب العملية التي تم شنها صباح الخميس من قبل قوات الحكومة والمجموعات المسلحة الموالية لها على محاور ريف حلب.
وفي إحصائية للمرصد السوري قال فيها، أنه بذلك يرتفع إلى 621 تعداد العسكريين والمدنيين الذين قتلوا باستهدافات برية ضمن منطقة “خفض التصعيد” منذ مطلع العام 2023، وذلك خلال429 عملية تنوعت ما بين هجمات وعمليات قنص واشتباكات واستهدافات، كما أصيب بالعمليات أكثر من 265 من العسكريين و 210 من المدنيين بينهم 46 طفل و25سيدة بجراح متفاوتة.
العنف في “خفض التصعيد” لم يهدأ منذ استهداف الكلية الحربية
وبدأ مستوى العنف في منطقة “خفض التصعيد” يتزايد بعد الهجوم الإرهابي الذي طال الكلية الحربية في محافظة حمص والذي أدى لوقوع عشرات الضحايا من الضباط المتخرجين وعائلاتهم وأصدقائهم ممن كانوا في حفل التخرج الذي تم استهدافه بطائرات مسيرة لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، إلا أنه من التصعيد العسكري لقوات الحكومة السورية وروسيا على شمال غرب البلاد يتبين أن دمشق وموسكو حملتا المسؤولية لفصائل المعارضة و “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة”.
وخلال الفترة الماضية، تصدت الدفاعات الجوية لقوات الحكومة السورية في مناطق مختلفة من شمال وشمال غرب سوريا لهجمات عبر الطائرات المسيرة التي تأتي من مناطق سيطرة “تحرير الشام”، والتي كانت تنوي بحسب الروايات الرسمية لاستهداف المواقع والمقرات العسكرية والأحياء السكنية في مدينة حلب.
وتخضع هذه المناطق المعروفة بمنطقة “خفض التصعيد” لاتفافات من المفترض إنها “لوقف النار والعنف” بين أطراف مسار آستانا كل من “روسيا وتركيا وإيران”، وزادت حدة العنف فيها بعد الاجتماع الأخير رقم 20 للضامنين، والذي كان من المفترض أنه سيقوم أيضاً بتكثيف الجهود للتطبيع بين دمشق وأنقرة.
إعداد: علي إبراهيم