من المرجح أن يتسارع انتشار السوريين ويمتد جغرافياً، في السنوات الـ 10 المقبلة، قد يقاتل آلاف السوريين في مسارح متنوعة لخدمة المصالح الروسية والتركية، من فنزويلا إلى اليمن.
قلة الحيلة
كان مازن الذي نزحت عائلته مرارا من مناطق سيطرة القوات الحكومية الى ادلب يبني لعائلته خيمة عندما عرض عليه أصدقاؤه الذهاب للقتال في ليبيا كجزء من ميليشيا مدعومة من تركيا، يعاني ابن مازن الصغير “رامي” من مرض خطير. عُرض على مازن 2000 دولار عن كل شهر من القتال، وهو مبلغ يمكن أن يعينه على دفع آجار منزله لمدة عام في إدلب، كما زاد من تصميم مازن على القتال، التعويضات التي وعدت به عائلته في حالة وفاته في الخارج، حيث أعلنت الفصائل المدعومة من تركيا عن دفع مبلغ وقدره 60 ألف دولار وهو مبلغ لم يُسمع به تقريبًا في سوريا وقت الحرب لكل شخص يموت اثناء القتال في الخارج، يقول مازن مبررا قتاله في الخارج: “يوجد موت هنا، وموت هناك، لكن إذا مت هناك، سيعيش أطفالي”.
يقول مازن :”لم يكن القرار سهلا، أقاربي انتقدوني “هل تريد أن تكون مرتزقًا؟”، كانت هناك حاجة، لا استطيع رؤية طفلي وليس بإمكاني فعل أي شيء من أجله، هذا ما جعلني أغادر”.
أخبر المجندون المدعومون من تركيا مازن أنه سيواجه داعش والإيرانيين والروس “أعداء الثورة السورية”، كان لدى مازن الكثير من الشكوك حيال ذلك. سرعان ما تم إثبات شكوكه، حيث اكتشف مازن فور وصوله أنه قد تم خداعه بشأن من سيقاتل وكيف، فاقم القادة الصدمة بالشتائم والإذلال والضرب حيث يتذكر مازن: “إذا أخطأت في مهمة أو أمر ما، فسيضربونك بعنف حتى يكسروا عظامك”.
ولمواجهة العنف من جميع الجهات وبدون أي مخرج، تحول العديد من المقاتلين “ما يصل إلى 90٪ من كتيبة مازن، بما في ذلك القادة” الى شرب الكحول أو تعاطي المخدرات.
اتخذ بعض المقاتلين إجراءات يائسة، حيث أطلقوا النار عمدًا على أنفسهم هربًا من القتال في الخطوط الأمامية أو لإجبار القادة على إعادتهم إلى سوريا، الأمر الذي قابله القادة بحجب الرواتب حتى انتهاء عقود المقاتلين.
مازن هو من بين آلاف السوريين الذين قاتلوا كمرتزقة في ليبيا وأذربيجان، وربما في أماكن أخرى، نيابة عن روسيا وتركيا. إنهم مدفوعون بالحاجة المادية الماسة، وشعورهم بالعقم.
فقدان أمل التغيير في سورية
كان بسام في الـ 15 من عمره عندما بدأت الحرب الأهلية السورية، وفي الـ 17 ترك المدرسة للانضمام إلى صفوف المعارضة، ولكن مع انهيار الجيش السوري الحر ، تداعى أمل بسام في تغيير سوريا.
استعادت القوات الحكومية مسقط رأس بسام في شمال حماة بعد نزوحه إلى شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، لم يكن بإمكانه الاختيار إلا بين العيش في ظل السلفية الجهادية “هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة” أو الفصائل الموالية لتركيا، أُجبر بسام على دفع إيجارات مرتفعة في محافظة إدلب الضيقة.
عندما تخلى رفاقه “الثوار” عن القضية الوطنية من أجل قضية شخصية، تبعهم بسام. سافر متخفيًا بالحافلة إلى تركيا، ثم سافر عبر شركة طيران تجارية من اسطنبول إلى طرابلس، تم تكليف السوريين بالقتال في قطاعات مختلفة في ليبيا وتم عزلهم في قواعدهم في حالات “اللاقتال”، فمن المنظور التركي، كان لعزلهم ميزة إضافية: منع المقاتلين من إنشاء شبكات اجتماعية يمكن أن تسهل الهروب.
فقر
لم ينضم “جاسم” أبدًا إلى الثورة السورية، فقد نشأ في محافظة اللاذقية الموالية للحكومة على الجانب الآخر من خطوط الجبهة الأمامية في إدلب، لم يكن الاقتصاد المحلي أفضل حالًا. في الـ 26 من عمره، احتاج جاسم إلى وظيفة واعتبر الانتشار الأجنبي استثمارًا مفيدًا، تم تجنيده في كتيبة متوجهة إلى ليبيا من قبل روسيا. وتتراوح رسوم التجنيد بين 100 دولار و 500 دولار.
ولكن سرعان ما سئم جاسم من دوره في ليبيا، لكن قائده بدد آماله: “ستعود عندما ينتهي عقدك”.
انتهاز الفرص
لم يخبر حسام أسرته بأنه سينتقل إلى أذربيجان. كان صديق طفولته تامر قد جنده للجهود المدعومة من تركيا لاستعادة أجزاء منب إقليم قره باغ من أرمينيا. بالنسبة لكليهما، هي فرصة لا يمكن تفويتها. كان حسام هو الابن الوحيد لوالدته وشعر بالمسؤولية حيال شقيقاته الـ 6، وبعد قرابة عقد من القتال، لا يزال تامر يتلقى 25 دولارًا فقط شهريًا في إدلب، ولكن من خلال القتال في قره باغ، يمكن أن يجني 40 ضعفًا، لقد شعروا بالضيق “عائلة حسام” بسبب المخاطرة التي تحملها له “حسام”، اتصلوا به وطالبوه بالعودة إلى سوريا. أقسم حسام على العودة بمجرد استلام راتبه الأول. بعد 10 أيام من وصوله إلى أذربيجان، قتل حسام في ساحة المعركة.
لا توجد محاسبة رسمية للخسائر السورية في ليبيا أو أذربيجان، سواء من الجانب التركي أو الروسي. يقدر المقاتلون أن بضع مئات قد لقوا حتفهم في كل مسرح. قصص لا حصر لها من الصداقة الحميمة والخسارة لا تزال غير مروية. أولئك الذين تمكنوا من العودة إلى ديارهم كانوا محظوظين. تراكمت جثث الأقل حظا في مطاري معيتيقة وباكو، شارك مازن رحلته مع جثث 3 مقاتلين سوريين، “تمزق أحدهم إربًا”.
يقول بسام: “بعد أن غادرت، تبعني العديد من الأشخاص الذين كانوا ضد ذهابي إلى ليبيا هربًا من الظروف المعيشية الصعبة في سوريا”.
المصدر: مجلة نيولاينز الأمريكية
ترجمة: اوغاريت بوست