أصبحت منطقة الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، غارقة في مخدر الكبتاغون المكون من الأمفيتامينات والكافيين، حيث أن تنامي تجارة المخدرات في المنطقة بات يخدم الجماعات الإرهابية.
وازداد انتشار الكبتاغون ازداد بشكل كبير، خاصةً في السعودية والإمارات، ليُصبح المخدر المفضل للعمال لدرء الجوع والنوم، نظرا لسعره الرخيص وتوفره بكثرة مقارنة بالمشروبات الكحولية.
وتعد سوريا المصدر الرئيسي لإنتاج الكبتاغون في العالم، حيث يُشكل هذا المخدر مصدرا مهما للدخل بالنسبة لنظام بشار الأسد، إذ يتم تهريبه إلى دول الخليج عن طريق الميليشيات المرتبطة بإيران، والتجار في لبنان وتركيا.
وتغذي تجارة الكبتاغون العنف في الشرق الأوسط، وتعتبر مصدر تمويل لجماعات إرهابية، حيث بدأ المخدر في الانتشار في العقد الأول من القرن الحالي من قبل التجار اللبنانيين والأتراك، قبل أن ينتقل الإنتاج إلى سوريا في عام 2014.
والكبتاغون الذي تم تطويره في ستينيات القرن الماضي كدواء لعلاج الاكتئاب والخدار (نوبات النعاس المفاجئة)، قبل أن يحظر بحلول الثمانينيات، بسبب الإدمان والآثار الجانبية الخطيرة، انتعشت صناعته في سوريا بين مجموعة كبيرة من الكيميائيين العاطلين عن العمل، حيث عززت الحرب الأهلية من الفوضى.
وفي أعقاب سيطرة جماعات إرهابية على مساحات من سوريا، من بينها تنظيم داعش وجبهة النصرة، فقد عززت من إنتاج وبيع الكبتاغون لجمع الأموال، كما تناوله مقاتلو تلك الجماعات الإرهابية للبقاء مستيقظين واكتساب شعور الشجاعة، حيث يتم وصف المخدر بـ”كابتن الشجاعة”.
لكن في نهاية المطاف، تمكن نظام بشار الأسد من التغلب على الجماعات المتشددة، وبدلا من القضاء على إنتاج المخدرات، تولت الحكومة المسؤولية، خصوصا بعد عزل النظام بسبب العقوبات الدولية.
ويتخوف القادة الأوروبيون من أن تتسبب حملات ملاحقة مروجي أقراص الكبتاغون عبر الحدود في الشرق الأوسط، إلى انتقال بضاعتهم إلى أوروبا.
وسعت أيضا الميليشيات الموالية لإيران في لبنان والعراق إلى تجارة الكبتاغون لجني الأموال، إذ يقوم حزب الله في لبنان، وكتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق في العراق، بتهريب المخدر دون أي معوقات تقريبا، نظرا لنفوذهم على الحكومات في بيروت وبغداد.
وحاول الأردن إلى جانب السعودية والإمارات، قمع تجارة الكبتاغون خلال السنوات الماضية، حسب المجلة، حيث قتل الأردن العشرات من التجار وشنّ غارات جوية داخل سوريا لاستهداف تجار المخدرات ومستودعاتهم.
فيما منعت السعودية والإمارات ملايين الحبوب سنويا من دخول البلاد.
وفي أيلول الماضي، قالت الإمارات إنها صادرت ما قيمته أكثر من مليار دولار من الكبتاغون في عملية ضبط واحدة. كما هددت السعودية بتقليص التجارة مع الأردن إذا لم يتمكن الأردن من الحد من تدفق المخدرات من سوريا، ولكن لم تكن تلك الخطوات كفيلة بإبطاء التجارة، وحاولت الدول العربية التفاوض مع نظام الأسد لوقف انتشار الكبتاغون، ولا يوجد دليل على أن سوريا خفضت إنتاجها، حيث أن صانعي المخدرات والمهربين الذين لهم علاقة بالحكومة يواصلون العمل دون عقوبات.
وتحتاج الدول العربية تحتاج إلى استراتيجيات جديدة لمكافحة مخدر الكبتاغون، إذ بوسعهم التخلي عن سياساتهم العقابية غير الفعّالة في التعامل مع متعاطي المخدرات، وتوجيه المستخدمين نحو العلاج.
إلى جانب ذلك، ستحتاج الدول العربية أيضا إلى اعتماد أساليب أفضل في مجال إنفاذ القانون، إذ تحتاج الشرطة إلى معلومات استخباراتية شاملة للقبض على كبار اللاعبين في شبكات تهريب المخدرات، مما تشير إلى أن وكالات إنفاذ القانون في الشرق الأوسط تواجه صعوبة في التواصل مع بعضها البعض بسبب انعدام الثقة.
ومن الصعب، تبادل المعلومات مع السلطات في سوريا لأن تجار المخدرات في البلاد لديهم علاقات قوية مع الحكومة السورية. كما تسيطر الجماعات الموالية لإيران على أجزاء من أجهزة المخابرات وإنفاذ القانون العراقية واللبنانية.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة فرض قيود جديدة على تأشيرات الدخول لمسؤولين حكوميين سوريين حاليين وسابقين وأفراد آخرين.
ويمكن الولايات المتحدة أن تساعد وكالات إنفاذ القانون في الشرق الأوسط على أن تصبح أكثر فعالية، خصوصا أنها مهتمة بوقف انتشار المخدر.
وفي عام 2023، فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على اثنين من أبناء عمومة الأسد، سامر كمال الأسد ووسيم بادي الأسد، بسبب الاتجار بـ”الكبتاغون”.
وفي كانون الأول 2022، وقّع الرئيس الأميركي، جو بايدن، قانون مكافحة تهريب المخدرات “كابتاغون” التابع للأسد، والذي يتطلب من الولايات المتحدة تطوير استراتيجية لتعطيل شبكات تهريب المخدر، وبناء شراكات لإنفاذ القانون في الشرق الأوسط.
كما قامت واشنطن بتدريب السلطات اللبنانية والأردنية على منع التهريب، وتحليل المخدرات جنائياً، والتحقيق في الجرائم عبر الحدود، ويجب على الولايات المتحدة البناء على هذه الجهود من خلال تبادل المزيد من المعلومات الاستخبارية مع الدول العربية، ومساعدة سلطاتها على العمل معا.
المصدر: مجلة فورين أفيرز الأمريكية
ترجمة: أوغاريت بوست