أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم يكن أحداً يعتقد أن أياماً ستمر على السوريين، يفقد فيها الأطفال حياتهم ليس نتيجة الحرب والرصاص والمدافع أو الجوع بل بسبب “البرد القارس”، خاصة وأن البلاد تشهد موجة أمطار وثلوج غير مسبوقة، نعم انقذت البلاد من وضع جفاف كارثي، لكنها أودت بحياة عدداً من السوريين وأطفالهم، في مشهد يتحمل مسؤوليته العالم أجمع.
ومنذ بداية دخول المنخفضات والأمطار والثلوج إلى البلاد قبل أسبوعين، وصل عدد من فقد حياته نتيجة البرد في سوريا إلى نحو 10 أشخاص، منهم في مناطق سيطرة الحكومة السورية وآخرون في مخيمات النزوح “البائسة” ضمن مناطق نفوذ المعارضة.
أطفال .. ضحايا البرد القارس
الطفلة الرضيعة فاطمة محمد المحمود والتي عمرها لم يتجاوز الأسبوع، فقدت حياتها نتيجة البرد القارس وهي في أحدى المخيمات في شمال البلاد، حيث تقول مصادر طبية أن الطفلة الصغيرة توفت بعد نزيف حصل معها بالرئتين، جراء البرد.
بينما قال والدها أن ابنته الصغيرة توفيت على باب المشفى في مدينة إدلب، وأكد ان ابنته كانت ترتدي ملابس دافئة ولكن الحال المزري لخيمتهم لم يسمح بالحفاظ على الدفء فيها كما كانت مياه الأمطار تتسرب لها من كل جانب.
الطفلة فاطمة لم تكن الأولى، بل كانت الطفلة أمينة محمد سلامة من ضحايا البرد القارس أيضاً في مخيمات اللجوء في الشمال، حيث قال الأطباء أن أمينة توفيت نتيجة حالة “برودة شديدة وزرقة وهبوط شديد في السكر ثم تطور الأمر إلى نزيف رئوي أخذ في التصاعد ولم تفلح فيه محاولات الإنعاش التنفسي”.
وفي ظروف مشابهة لظروف فاطمة وأمينة ، توفيت الطفلة “جنى” قبل أيام بسبب البرد القارس في “مخيم الأزرق” في ريف حلب الشمالي الشرقي بالقرب من مدينة الباب، حين أفاق والداها ليجدها متجمدة بسبب نقص التدفئة.
وقبل نحو أسبوعين قالت منظمات محلية تعمل في مجال “الإغاثة” أن أربعة أطفال في مخيمات النزوح في الشمال توفوا بسبب البرد، حيث توفي طفل واصيبت والدته بجروح بعد انهيار خيمتهم بسبب تراكم الثلوج عليها في مخيم قسطل”.
كما توفي طفل آخر وشقيقه البالغ 5 سنوات واصيبت والدتهم بجروح نتيجة اندلاع حريق في خيمتهم عندما كانوا يسعون لتدفئتها بسبب البرد القارس في أحد المخيمات في شمال حلب.
ليس الأطفال فقط.. شبان فقدوا حياتهم جراء البرد القارس
وفيات “البرد القارس” لم تقتصر على المخيمات، بل في المدن والأرياف التي لاتشهد نزاعات مسلحة أيضاً، حيث قبل أسبوع من الآن توفيت الشابة “بتول مطر”، والتي تنحدر من قرى ريف القرداحة، نتيجة تعرضها لأزمة قلبية حادة أدت إلى وفاتها على الفور، وقالت التقارير الطبية الشرعية إن الفتاة توفيت نتيجة تعرضها للبرد الشديد، في ظل موجة الثلوج والصقيع وانخفاض بدرجات الحرارة.
كما توفي شاب في العاصمة دمشق أيضاً بسبب موجة البرد، والشاب هو في الـ 30 من عمره، وينحدر من منطقة نهر العيشة بأطراف مدينة دمشق، حيث أن الشاب كان يعاني من مرض مزمن بالكلى، ولم تستطع عائلته توفير وسائل التدفئة له، في ظل ارتفاع أسعارها وشحها في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
إلى أين تذهب المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة ؟
ويعاني السوريون سواءً في مناطق سيطرة الحكومة والمعارضة من أوضاع إنسانية صعبة للغاية، في ظل غياب الدعم الدولي والمحلي، وذهاب المساعدات المقدمة من قبل الأمم المتحدة إلى تجار الأزمات والسارقين لبيعها بأسعار خيالية وجني أموال طائلة على حساب مآسي الناس وحياتهم.
ويتساءل السوريون عن دور المنظمات الدولية العاملة في سوريا والتي تدعي أنها موجودة لخدمة المحتاجين، إضافة إلى تساؤلات أخرى حول أين تذهب المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة، ولماذا لا تصل إلى من يحتاجها ولماذا لا تتابع الأمم المتحدة ملف إيصال المساعدات للسوريين المحتاجين ومحاسبة السارقين لها؟.
وتحتل سوريا المرتبة الأولى من حيث انعدام الأمن الغذائي والحصول على متطلبات الحياة للاستمرار في العيش، إضافة إلى تقارير الأمم المتحدة التي تؤكد أنه وبعد أكثر من 10 سنوات من الحرب فإن 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، في ظل إصرار أطراف الصراع على السلطة وداعميهم مواصلة الحرب متجاهلين المأساة التي يعيشها المواطن السوري جراء سياساتهم وأجنداتهم التي لا تخدم إلا مصالحهم فقط.
إعداد: ربى نجار