أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لليوم الرابع توالياً، لاتزال القوات التركية عبر طائراتها الحربية والمسيرة تستهدف بشكل عنيف وممنهج البنى التحتية والمنشآت والمرافق الحيوية والعامة، وذلك في إطار “التدمير التركي الممنهج والمدروس” لمقومات وسبل عيش السوريين ومقدرات بلادهم في هذه المناطق التي تعتبر “السلة الاقتصادية” للبلاد، وذلك على الرغم مما تعيشه البلاد من أوضاع اقتصادية ومعيشية وإنسانية صعبة.
منشآت حيوية خارج الخدمة.. ومئات البلدات والمناطق بلا كهرباء وماء
ومنذ يوم الجمعة الماضية وحتى يوم الاثنين الـ15 من كانون الثاني/ديسمبر الجاري، تتعرض المناطق الممتدة من مدينة المالكية في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة الحسكة وصولاً إلى عين عيسى وقرى ريف تل أبيض شمال الرقة إلى عين العرب ومنبج وقرى منطقة “الشهباء” بريف حلب الشمالي، للقصف التركي عبر الطائرات الحربية والمسيرة والمدافع والصواريخ، وهو ما أدى لدمار كبير في البنى التحتية وممتلكات خاصة وعامة.
وخلال الساعات الـ24 الماضية، تعرض معمل الغاز في منطقة السويدية، وهي المحطة التي تغذي محافظة الحسكة بشكل كامل بالغاز، وعنفات الكهرباء بمنطقة الرميلان المسؤولة عن تزويد المئات من القرى والبلدات والمدن بالطاقة الكهربائية، شمال شرق محافظة الحسكة، لـ9 غارات جوية تركية، ما أسفر عن خسائر مادية في هذه المنشآت، دون معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
وسبق أن تعرضت محطة الكهرباء في منطقة السويدية التابعة لمدينة المالكية “ديرك” لغارات جوية عبر طائرات حربية تركية في كانون الأول/ديسمبر وتشرين الأول/أكتوبر من عام 2023، وهو ما أدى لدمار شبه كامل في المحطة التي تغذي كامل محافظة الحسكة بالتيار الكهربائي.
استهداف الآبار النقطية والتجمعات السكانية
وسبق أن تعرضت محطة الكهرباء وآبار نفطية في القحطانية والرميلان للغارات الجوية، إضافة إلى منشآت حيوية في الدرباسية والقامشلي وتل كوجر وتل علو وعامودا بريف الحسكة، ما أدى لدمار كبير في هذه المنشآت وخروجها عن الخدمة بشكل نهائي، مع استهداف مباشر لفرق الإطفاء والإعلام التي كانت متواجدة لإطفاء النيران وتسليط الضوء على التدمير الممنهج لهذه المنشآت.
كما قصفت المسيرات التركية منزلاً في محيط ملعب دجلة في حي قناة السويس بمدينة القامشلي، ما خلف أضرار بممتلكات الأهالي، مع موقع آخر بالقرب من مستشفى الأطفال، ومنزلاً وسط مدينة القامشلي بالقرب من “دوار سوني” مع موقع أمني لقوى الأمن الداخلي “الأسايش”، ما أدى لخسائر مادية.
الضربات الجوية التركية طالت أيضاً عبر المسيرات، قرية كربالات في منطقة كوجرات، وحاجز أخر “للأسايش” في قرية شرك في ريف المالكية، ومحطة عودة ومحطة كهرباء ومحطة نفطية في بلدة القحطانية، وسط تحليق مكثف لطائرات المسيرة في مدينة القامشلي.
مظاهرات بمدن شمال الحسكة تنديداً بالهجمات التركية
أما في سياق المواقف الشعبية إزاء الهجمات التركية التي تؤثر على مقومات وسبل عيش أكثر من 5 ملايين نسمة يعيشون في المناطق الشمالية الشرقية، خرج أهالي مناطق وبلدات ومدن القامشلي وعامودا والدرباسية والقحطانية والرميلان والمالكية بريف الحسكة في مظاهرات عارمة خلال يوم الاثنين، تنديداً بالهجمات التركية على البنى التحتية، مع استنكار الصمت الدولي ولضامني وقف إطلاق النار في المنطقة كل من التحالف الدولي روسيا والحكومة السورية على التدمير الممنهج لهذه المنشآت الحيوية في المنطقة.
قصف على منبج وريف حلب الشمالي
يتزامن ذلك مع استمرار القصف البري التركي على قرى منبج الآهلة بالسكان بالأسلحة الثقيلة، حيث كشف بيان “لمجلس منبج العسكري” أن القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها جددت عمليات القصف بالمدافع والهاونات على قرى منبج في الريف الشمالي الغربي وطالت قرية شيخ يحيى وصيادة وذلك من قاعدة الشيخ ناصر التركية.
بدورها أسقطت “قوات تحرير عفرين” طائرة تركية مسيرة مذخرة في قرية صوغانكه بناحية شيراوا التابعة لعفرين، مع استهداف مدفعي على قاعدة القوات التركية في قرية قيراطة بريف جرابلس الجنوبي ولا معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
قسد: ما تقوم به تركيا جرائم حرب موثقة بالأدلة
وفي بيان صدر عن قوات سوريا الديمقراطية أكدت فيه أن الهجمات التركية لم تسفر عن أي خسائر بشرية في صفوف قواتها. وذلك على الرغم من بيان صدر عن وزارة الدفاع التركية سابقاً، قالت فيه أن العشرات من قوات قسد قتلوا وأصيب آخرون نتيجة شنها للضربات الجوية على شمال محافظة الحسكة.
وجاء في بيان قسد، أن الهجمات التركية تركز على “البنية التحتية والمنشآت الخدمية ومؤسسات الطاقة والتجمعات السكنية”، وأشار البيان إلى أن القوات التركية ارتكبت أكثر من 50 جريمة حرب موثقة خلال أيام. وذلك في إشارة للتدمير الممنهج للبنى التحتية، التي تعتبرها القانون الدولي “جريمة حرب” وأحد أشكال “الإبادة الجماعية”.
وتأتي جولة التصعيد هذه على المنطقة الشمالية الشرقية السورية، دون أي موقف من ضامني وقف إطلاق النار كل من روسيا والتحالف الدولي اللتان تسيطران على أجواء المنطقة، وبدون أذنهما وعلمها المسبق، لا تتمكن الطائرات الحربية والمسيرة التركية من استهداف البنى التحتية في هذه المنطقة، وهو ما يعتبره ساسة وأوساط شعبية محلية “شراكة وتواطؤ” من قبل هذه الأطراف مع تركيا.
إعداد: علي إبراهيم