أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم ينتظر السوريون طيلة 12 عاماً من الحرب والأزمة في بلادهم، أي حلول أو انجازات تؤدي للحل والحد من الصراع المستمر من قبل الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي، خاصة بعدما تكشفت كل الحقائق بأن أطراف الصراع على السلطة والدول الإقليمية والغربية والعربية وغيرهم، الذين تدخلوا في الأزمة، كل منهم يبحث عن مصالحه وعلى هذا الأساس يتعاملون مع الملف السوري.
الأمم المتحدة تفشل سياسياً اقتصادياً وإنسانياً في سوريا
أكثر من مرة اعترفت الأمم المتحدة بفشلها في الملف السوري، سواءً من الناحية السياسية والإنسانية، وأكدت إنها فشلت في تحقيق أي تقدم في الملف السوري، وهذا الاعتراف من قبل المؤسسة الأممية يدل على مدى تشابك وصعوبة حل الملف السوري الذي من الممكن اعتباره أكثر الملفات الدولية تعقيداً وشهد تدخلات خارجية.
وأقرت الأمم المتحدة على لسان مبعوثها الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، بفشلها في سوريا، وعدم استطاعة المؤسسة الأممية تأمين المساعدات الإنسانية للسوريين سواءً في ظل كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، أو الحرب العسكرية التي تكاد تودي بسوريا إلى الهاوية، في ظل كثرة الأطراف المتدخلة والأجندات والأهداف المختلفة.
“سوريا تشهد كارثة فعلية و9 من بين 10 سوريين يعيشون تخط خط الفقر”
وفي حديث له مع موقع “الجزيرة نت”، أقر غير بيدرسون بأن لا نجاح في معالجة القضايا السياسية على مدى 12 عاما من الصراع بسوريا، ووصف الوضع الإنساني والاقتصادي بـ “الكارثة الفعلية” التي أصابت المتضررين من النزاع الدائر هناك منذ سنوات.
ومع الانهيار الاقتصادي المتزايد والمتسارع في سوريا، فشلت الأمم المتحدة في تقديم أي دعم للسوريين يخفف من معاناتهم، بل أوقفت مساعداتها أيضاً بعد الفيتو الروسي في مجلس الأمن على آلية إيصال المساعدات للبلاد عبر معابر حدودية مع تركيا وبقي الحال كذلك لـ70 يوماً، وهذا بدوره يوضح مدى فشل هذه المؤسسة الأممية في الضغط على الأطراف الدولية وإخضاعهم فيما يتعلق بالملفات الإنسانية، وهو ما لم ينكره بيدرسون في حديثه.
وفي هذا السياق قال، بيدرسون أن الأمم المتحدة فشلت في التعاطي مع الملف الإنساني في سوريا، وأضاف أن 9 من بين كل 10 سوريين يعيشون تحت خط الفقر. حديث جاء بعد تقرير أممي أكد أكثر من 22 مليون سوري يعانون من انعدام للأمن الغذائي، كذلك أضاف أنه لا حل دون مناقشة المشكلة السياسية للنزاع السوري.
“فشلنا في جهود التوصل للحل في سوريا على مدى 12 عام”
وللمرة الثانية أقر ممثل الأمم المتحدة ومبعوثها إلى سوريا بأنهم فشلوا في جهود التوصل للحل، وقال “لا بد أن نكون أمناء بأنه على مدى 12 عاما من الحرب والنزاع، لم يحالفنا النجاح في معالجة القضايا السياسية”، لافتا إلى أنه “حتى يتسنى إحراز تقدم نحتاج إلى تعاون القوى الكبرى”.
أما فيما يتعلق بالاقتصاد وانهيار الليرة السورية، قال بيدرسون، أن هذا تسبب في تفاقم معاناة السوريين في الداخل، كما أن هذه الأوضاع الاقتصادية هي إحدى نتائج استمرار النزاع المسلح وجمود العملية السياسية، وأكد أنه الوضع في سوريا بحاجة لخطة استجابة انسانية وضرورة تمويلها، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن خطط الأمم المتحدة بشأن سوريا لم تتلق سوى 25 بالمئة من المبلغ المطلوب للإغاثة خلال عام 2023.
“تطبيق قرار 2254 السبيل الوحيد لمعالجة الأزمات السورية”
وأعاد الحديث عن المقررات الأممية الخاصة بسوريا وأنها الحل الوحيد للصراع، وقال “التحرك على مسار تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 بشأن سوريا هو السبيل الوحيد للبدء في معالجة الأزمات الكثيرة التي تعاني منها سوريا”.
تصريحات بيدرسون تأتي بعد حديث له في آب/أغسطس الماضي، اعترف فيها عن عجز الأمم المتحدة عن تحقيق أي انجاز في سوريا ووقف الصراع المسلح وبالتالي إنهاء معاناة السوريين وتهيأة الأوضاع لعودة اللاجئين في الخارج، وكل هذا بسبب جمود وغياب الحلول السياسية الحقيقية.
“فشل شامل في التعامل مع كارثة الزلزال والأوضاع الإنسانية”
سبق وأن أقرت الأمم المتحدة أيضاً تقصيرها في الجهة الإنسانية ضمن إطار الملف السوري، وذلك خلال كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير 2022، وحينها قال باولو بينيرو، رئيس لجنة التحقيق المعنية في سوريا لدى الأمم المتحدة، إن المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة والحكومة السورية، عاشوا فشلاً شاملاً فيما يخص إيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين عقب الزلزال.
وهذا الحديث جاء في تقرير صدر عن اللجنة الأممية قبيل حلول الذكرى السنوية الـ12 لاندلاع الصراع في سوريا، بحسب بيان صادر عن المفوضية الأممية لحقوق الإنسان.
وكان لتقصير الأمم المتحدة في الاستجابة لكارثة الزلزال دوراً كبيراً في زيادة أعداد الضحايا سواءً من بقي تحت الأنقاض ولفظ أنفاسه الأخيرة بسبب عدم وجود آليات وإمكانات للإنقاذ، أو من جهة إدخال المساعدات الإنسانية الكافية، وهو ما يعتبر فشلاً ذريعاً آخر للأمم المتحدة في الملف السوري إلى جانب عدم مقدرتها حل الأزمة سياسياً.
إعداد: ربى نجار