أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لاتزال السلطات اللبنانية مصرّة على مسألة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع الحكومة السورية، دون أي اعتبار لما ستنتجه هذه العودة من خطورة على حياة المرحلين وامكانية أن تؤدي إلى اعتقالهم بسبب أوضاعهم الامنية والسياسية والعسكرية أو لأنهم فقط كانوا خارج البلاد بطرق غير شرعية، وذلك في وقت تتصاعد خطابات الكراهية والحقد ضد السوريين في البلاد؛ ومن جهات رسمية وسياسية ومجتمعية، واعتبار أن التواجد السوري بدأ “يهدد ديمغرافية لبنان”.
“العودة” ستكون بالتنسيق مع دمشق
وقبل أشهر أعلنت الحكومة اللبنانية صراحة عن نيتها لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عبر التنسيق التام مع الحكومة السورية، على الرغم من دعوات غربية عدة بعدم القيام بذلك، وخاصة من قبل الاتحاد الأوروبي، الذي تعهد لبيروت بتقديم المزيد من المساعدات المالية لمواجهة الأعباء التي يشكلها اللاجئون السوريون، وهو ما أدى لردة فعل قوية من المسؤولين اللبنانيين الذين نددوا بالتصريحات الأوروبية، التي اعتبرت أيضاً أن سوريا غير آمنة لإعادة اللاجئين إليها، وشددوا على أن الغرب لا يحق له التدخل في هذه الشؤون.
مؤخراً ناقشت حكومة التصريف اللبنانية مع المفوضية الأوروبية، قضية عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلدهم.
“نقاش حول مقاربة جديدة للاتحاد الأوروبي حيال قضية اللاجئين”
ونقلت وسائل إعلامية، بأن نقاش دار بين وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين مع مدير عام الجوار ومفاوضات التوسع في المفوضية الأوروبية غيرت يان كوبمان، جاء فيه أنهم تم التباحث من خلال النقاش الحاجة الملحة لتبني مقاربة جديدة من قبل الاتحاد الأوروبي حيال قضية عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلدهم.
وخلال اللقاء الذي جمع الطرفين على هامش مؤتمر المناخ الذي أقيم في مدينة دبي، أعرب “ياسين” عن أهمية تعاون الاتحاد الأوروبي في دعم تنفيذ هذه المقاربة الجديدة، وأشار ياسين إلى أن هذا الأمر يعد جزءا من الجهود الرامية إلى إيجاد حلول فعالة لأزمة اللاجئين.
وشدّد المسؤول اللبناني على ضرورة التعاون الدولي المكثف لتوفير الدعم اللازم لتسهيل عمليات عودة اللاجئين السوريين وتوفير ظروف ملائمة لعودتهم إلى ديارهم. وأشار إلى أهمية تحقيق توازن بين الجوانب الإنسانية والتنموية في هذا السياق.
جاء ذلك بعد دعوات رسمية في الـ13 من حزيران/يونيو الماضي، بوجوب عودة اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلادهم بالتنسيق مع دمشق، والجامعة العربية، على أن تكون “العودة كريمة وآمنة وتنسجم مع القرارات الدولية”.
“تشديد أمني بملاحقة المخالفين ومنعهم من دخول لبنان”
وطلبت الحكومة اللبنانية من القوى الأمنية التشدد في ملاحقة المخالفين ومنع الدخول إلى لبنان بالطرق غير الشرعية، وفي هذا السياق أعلن الجيش اللبناني، منع تسلل ما يقرب من 600 سوري الى أراضيه.
وبين الجيش عبر موقعه الالكتروني، أنه تم احباط محاولة تسلل نحو 600 سوري عبر الحدود اللبنانية – السورية، خلال الشهر الحالي.
وتمكن الجيش اللبناني في الأيام الاخيرة، من إحباط، محاولة تسلل أكثر من ألفي سوري عند الحدود اللبنانية السورية، خلال الأسبوع الحالي.
“سوريا ليست آمنة”.. و “الجيش اللبناني رحل الآلاف دون احترام الإجراءات”
وتعتبر السلطات اللبنانية أن اللاجئين السوريين من الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، وتشدد على أنها لم تعد قادرة على تحمل عبء السوريين وحدها، وهو ما تعارضه المنظمات والجهات الدولية وخاصة الأوروبية، مشددين على أن سوريا ليست آمنة بعد لإعادة اللاجئين إليها.
يذكر أنه وفقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن نحو 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان حاليا، منهم حوالي 950 ألفاً مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، بينما يقدّر عدد سكان البلد بحوالي ستة ملايين نسمة.
وفي آخر تقرير لمنظمة “هيومن رايس ووتش” حول ملف اللجوء السوري في لبنان قالت المنظمة، إن لبنان رحّل آلاف السوريين، وبينهم أطفال غير مصحوبين بذويهم، من دون احترام الإجراءات القانونية وذلك في الفترة بين أبريل/نيسان ومايو/أيار 2023، ولفتت إلى أن الترحيل انتهاك للقانون اللبناني ولالتزامات لبنان الحقوقية الدولية.
وأضافت المنظمة الدولية أن لبنان يستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان وسط أزمة اقتصادية شديدة، “لكن هذا ليس عذرا للإمساك بالسوريين ورميهم خلف الحدود ليقعوا في قبضة حكومتهم المتعسفة”، وأكدت تنفيذ أكثر من 100 مداهمة، واعتقال 2200 شخص، وترحيل 1800، ونقلت عن عاملين في المجال الإنساني إن موجة الترحيل في 2023 هي الأشد خطورة.
واعتبرت المنظمة في آخر تقرير لها، أن ترحيل السوريين بإجراءات موجزة من قبل الجيش اللبناني ينتهك بوضوح القانون اللبناني، الذي يتطلب إجراء عمليات الترحيل من خلال سلطة قضائية أو -في حالات استثنائية- بقرار من المدير العام للأمن العام بناء على تقييم الظروف الفردية.
وتؤكد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهي الوكالة الأممية المكلفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين، أن سوريا غير آمنة وأنها لن تسهّل عمليات العودة الجماعية في غياب شروط الحماية الأساسية.
إعداد: ربى نجار