أوغاريت بوست (مركز الاخبار) – حددت أوروبا شروطها من خلال الزيارة التي قام بها وزيرا خارجية فرنسا نويل بارو والألمانية أنالينا بيربوك، للحكومة السورية المؤقتة وقائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، للاعتراف بشرعية النظام الجديد ودعم سوريا ومساعدتها مادياً وسياسياً للوقوف من جديد.
أوروبا تخشى صعود الإسلامويين للسلطة.. والسلوك العام مهم لمنح الشرعية
الشروط أو الرسائل الأوروبية كانت دليل على أن أوروبا لا تزال تخشى صعود التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والإسلاموية للسلطة بعد سقوط نظام البعث، ومشاركة حركات ومجموعات وتنظيمات جهادية مع “إدارة العمليات العسكرية” بإسقاط النظام، وذلك رغم كل محاولات أحمد الشرع بإعطاء تطمينات للغرب بالدرجة الأولى والعرب والإقليم بالدرجة الثانية.
كما أن رسائل الغرب للشرع والقيادة الجديدة في سوريا واضحة وأي تقدم بالعلاقات ومستوى التعامل مرتبط بكيفية تعامل هذه الإدارة بملفات الانتقال السياسي الشامل والأقليات في سوريا والسلوك العام، وبالطبع هناك الأكراد الذين هم شركاء في التحالف الدولي لقتال تنظيم داعش الإرهابي، وكان لهم دور كبير في هزيمة التنظيم في عام 2019، وإلى الآن لايزالون يقاتلون التنظيم رغم كل ما تتعرض مناطقهم من هجمات تركية ولفصائل المعارضة الموالية لها.
وأكد الوزيران أن أوروبا غير مستعدة ولن تدعم أي حكومة إسلامية، أي ذات توجه ولون واحد، كما هو الآن في الحكومة المؤقتة القائمة في دمشق، وأن رفع العقوبات مرتبط بمدى تقدم العملية السياسية في سوريا. ويمكن اعتبار ذلك كشرط أو ضغط على الإدارة الجديدة في حال رغبتها الحصول على الشرعية الدولية أو ستعامل كما عامل الغرب النظام السابق.
واشنطن شطبت مكافأة الإدلاء عن معلومات عن مكان الشرع
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية شطبت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عن أحمد الشرع الملقب بـ”أبومحمد الجولاني”، زعيم هيئة تحرير الشام والحاكم الفعلي الحالي لسوريا، لكنها لا تزال تصنف الهيئة تنظيما إرهابيا، كما هو الحال بالنسبة للاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
وحتى بعد سقوط نظام البعث، لاتزال سوريا خاضعة لعقوبات غربية وأمريكية وعلى رأسها “عقوبات قيصر”، وحضت بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية عقب لقاء جمعها بالشرع في قصر الشعب بدمشق، على عدم إقامة حكومة إسلامية، مشيرة إلى أن أي رفع للعقوبات سيعتمد على تقدم العملية السياسية.
وشددت بيربوك على أن “أوروبا ستدعم” سوريا خلال المرحلة الانتقالية، لكنها “لن تموّل هيئات إسلامية جديدة” مشيرة إلى أن ذلك “ليس فقط ضمن مصالحنا الأمنية الخاصة، لكنني سمعته مرارا وتكرارا من العديد من السوريين في ألمانيا.. وهنا في المنطقة.”
أنالينا بيربوك: سلامة الأكراد أساسية من أجل أن تعيش سوريا في سلام
وأكدت الوزير الألمانية ونظيرها الفرنسي على ضرورة تحقيق انتقال سلمي وجامع للسلطة في سوريا. وأشارت إلى أنها أكدت للشرع ومسؤولين آخرين التقتهم في سوريا أن “حقوق المرأة هي مقياس” لتحقيق التقدم في مجال حقوق الإنسان، ودعا كل الدول المجاورة إلى “احترام وحدة الأراضي السورية وسيادتها”.
وعن المكون الكردي في سوريا، أخذ حيزاً كبيراً من حديث وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا واعتبرا أن “سلامة الأكراد أساسية أيضا من أجل أن تعيش سوريا في سلام”، وشددت على أن ذلك “يتطلب وقف القتال في الشمال (بين القوات الكردية وفصائل موالية لتركيا) ودمج القوات الكردية… في الهيكلية الأمنية السورية.”
باريس: ينبغي إيجاد حل سياسي مع الكرد ودمجهم بالعملية السياسية
من جهته شدد وزير الخارجية الفرنسي “ينبغي إيجاد حلّ سياسي مع حلفاء فرنسا الذين هم الأكراد لكي يتمّ دمجهم بالكامل في العملية السياسية التي تنطلق حاليا.”
وتتعرض مناطق الإدارة الذاتية من الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لهجمات عنيفة من قبل القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني” وخاصة على أرياف منبج الجنوبية والشرقية وجنوب عين العرب “كوباني”، وهي المدينة التي لها رمزية دولية في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.
اجتماع بين قائد قسد وقائد الإدارة في دمشق
وكانت تقارير إعلامية أكدت عقد اجتماع بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي وقائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، وسط الحديث عن “إيجابية” الأجواء بين الطرفين. وكان الشرع أبدى استعداده للتفاوض والحوار مع قسد لحل مسألة الشمال الشرقي السوري، وقال إنهم أكدوا لكل الأطراف، عند سؤاله عن الكرد في سوريا، أن الأمور في سوريا يريدون حلها في إطار سوري سوري. في حديث عده الكثيرون أنه رسالة إلى تركيا، التي تريد قتال الكرد وقواتهم العسكرية.
فرنسا مستعدة للمساهمة في الدستور
من جهة ثانية أعرب وزير الخارجية الفرنسي عن استعداد فرنسا والاتحاد الأوروبي “لمرافقة السوريين” في صياغة دستور جديد عبر “خبرات قانونية.”
وعلّقت السلطات الجديدة في سوريا العمل بالدستور. وأعلن الشرع خلال مقابلة مع قناة العربية السعودية أن صياغة دستور جديد قد تستغرق “سنتين أو ثلاث.” وأكد بارو أيضا أن باريس ستعرض “خبرتها التقنية” للمساهمة في “مكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة الانتقالية، كما بدأنا بالفعل في القيام بذلك منذ عدة سنوات.”
أوروبا تربط رفع العقوبات بسلوك إدارة الشرع وإلا فإن العقوبات والحصار مستمران
وبيربوك ونويل بارو هما أعلى مسؤولين غربيين يزوران سوريا منذ أكثر من 14 عاماً، ويرى متابعون أن زيارة المسؤولين الأوروبيين هدفها فتح قنوات تواصل مع الإدارة الجديدة، ورسائل واضحة بأن الشرع لو كان يريد دعماً أوروبياً وألا يعامل مثل نظام البعث عليه الانفتاح والعمل على بناء دولة جديدة بعيداً عن التعصب والتطرف والسلطوية والدين والطائفية، وتراعى فيها حقوق الإنسان والأقليات، وإلا فإن العقوبات والحصار سيستمران وكأن شيئاً لم يتغير في البلاد.
وقبيل زيارتها إلى دمشق قالت وزيرة الخارجية الألمانية “نحن نعرف من أين أتت هيئة تحرير الشام أيديولوجيا، وماذا فعلت في الماضي،” مضيفة “على الرغم من كل الشكوك، يجب ألا نضيع فرصة دعم الشعب السوري عند مفترق الطرق المهم هذا.”
إعداد: ربى نجار