لعقود من الزمان، كانت تُعتبر تركيا شريكًا ذا أهمية استراتيجية لرؤساء الولايات المتحدة، زار باراك أوباما البلاد في أول رحلة رسمية له إلى الخارج، كما أجرى دونالد ترامب حوارًا منتظمًا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
مع جو بايدن، تغيرت طبيعة هذه العلاقة
انتظر الرئيس لمدة ثلاثة أشهر كاملة قبل التحدث مع أردوغان عبر الهاتف، مما يشير إلى انخفاض ترتيب مكانة تركيا من بين أصدقاء أمريكا. في اليوم التالي، كسر بايدن تقليدًا آخر بين رؤساء الولايات المتحدة مؤخرًا من خلال وصف مذابح الأرمن في تركيا في العهد العثماني بأنها “إبادة جماعية”، وهو مصطلح يثير العداء في أنقرة.
كما أرسل مسؤولو إدارة بايدن إشارات مشابهة، حيث اختار وزير الخارجية أنطوني بلينكن عدم الاتصال بأنقرة على الإطلاق أثناء الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس.
الخلافات وخيبة الأمل متبادلة
أصبحت القيادة التركية في السنوات الأخيرة تنظر إلى الولايات المتحدة بريبة، حيث ادعى كبار المسؤولين علنًا أن أمريكا كانت وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز2016.
في ظل هذه الوضع، من المقرر أن يعقد بايدن وأردوغان أول اجتماع لهما وجهًا لوجه في 14 حزيران على هامش قمة الناتو في بروكسل، فما هي التوقعات؟
التوقعات عالية في أنقرة، فأردوغان على أمل أن يكون قادرًا على إقناع بايدن بأن بلديهما لديها مصالح استراتيجية مشتركة يتم السعي وراءها على أفضل وجه عبر علاقة ودية لا تنتابها الشك والريبة، وسيجادل اردوغان بأن هذا يتطلب من الولايات المتحدة معالجة مناطق الخلاف السائدة.
فمناطق الخلاف بين البلدين كثيرة، بما في ذلك استحواذ تركيا على نظام الدفاع الجوي والصاروخي من روسيا، والذي تقول الولايات المتحدة إنه يهدد أمن الناتو، وكذلك علاقة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية، والتي تعتبرها تركيا مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، بالإضافة الى عدم تحرك الجانب الأمريكي بشأن مطالب تركيا بتسليم رجل الدين التركي المقيم في بنسلفانيا فتح الله غولن، وكذلك الملاحقة القضائية في نيويورك لمصرف خلق التركي بتهمة انتهاك الأخير للعقوبات المفروضة على إيران.
تركيا ليست أولوية أمريكية
يخطط أردوغان لإشراك بايدن في مفاوضات واسعة النطاق حول كل هذه المشاكل العالقة، لكن يبدو أن البيت الأبيض يسير على طول موجي مختلف، يبدو أن النظرة العالمية المهيمنة لإدارة بايدن تركز على تنافس القوى العظمى مع الصين وروسيا، وأحد أهداف السياسة الخارجية الرئيسية هو احتواء الأنظمة الاستبدادية. من هذا المنظور، لم تعد تركيا في قلب التحديات الاستراتيجية التي تواجهها الولايات المتحدة، وبالتالي فإن حل مظالم أنقرة ليس أولوية أمريكية.
ثم هناك مسألة أردوغان نفسه، فعلاقة الأخير الحميمة مع ترامب ستجعله في عين الشك من قبل الإدارة الديمقراطية. ومما زاد الطين بلة، أن بايدن، الحريص على تعزيز الحريات الديمقراطية في الداخل والخارج، حيث صرح في الماضي عن نيته في دعم المعارضة في تركيا.
على الرغم من هذه الظروف غير الواعدة، قد يكون الرئيسان قادرين على إحراز تقدم بشأن قضية الصواريخ الروسية، والتي بدورها قد تبشر ببدء علاقة أقل احتكاكًا.
تشدد الموقف الأمريكي
ازداد الموقف الأمريكي تشددًا منذ اعتماد الكونغرس لقانون اقرار الدفاع الوطني، والذي ينص على أن تركيا يجب أن “توقف ملكية” الصواريخ الروسية قبل رفع العقوبات الأمريكية، وهو أمر صعب للغاية على القيادة التركية التي دافعت بلا هوادة عن الاستحواذ على تلك الصواريخ كدليل على طموحات البلاد المتزايدة واستقلالها الاستراتيجي.
المصدر: وكالة بلومبرغ الأمريكية
ترجمة: أوغاريت بوست